العـــــدد 9524
الخميس 6 شــــــباط 2020
عانى شعبنا ما عاناه من تداعيات الحرب والعقوبات أحادية الجانب المجحفة بحق أبسط حقوق الإنسان، من قبل بلاد تتشدق صفاقة بأنها حامية حقوق الإنسان وشرطيّه الذي لا يشق له غبار. وربما كان البعد الاقتصادي أهم بعد من أبعاد تلك التداعيات لما انعكست فيه على حياة و يوميات المواطن السوري، وناء كاهله بثقلها، لكنه لم ينحن ولن يفعل لأنه جُبل على أن يكون صامداً، بكل ما أوتي من صلابة الفرسان وإباء الشجعان، فهذا هو حال هذا الشامخ منذ فجر التاريخ الغابر وما يزال، لا تلوي عنقه الشدائد ولا يثني عزيمته كيد الكائدين، تناوبت عليه غالبية حملات العدوان الطامعة على مر العصور ولم ينهزم، عاد بعد كل عدوان منتصراً، رجع بقيامة مجيدة جديدة. ولعل أهم ما ميّز شعبنا في هذه المحنة سرعة تكيفه النادرة مع كل ضيق أو أزمة طالت تفاصيل معيشته اليومية، الأمر الذي يدل على عظمة هذا الشعب الحي المفعم بالكبرياء أبداً. ولعل ما حدث ويحدث هذه الفترة من مبادرات التكافل الاجتماعي وتذليل للصعوبات الاقتصادية على مستوى المجتمع المدني هو مدعاة للفخر والاعتزاز بأننا ننتمي إلى هكذا شعب يثبت يوماً بعد يوم أنه سليل ذلك الإنسان الذي ابتدع جلّ الحضارة الإنسانية الوليدة في سالف التواريخ في مهدها الأول وأصل كل فكر ونتاج إنساني راق. لم تكن مبادرة (ليرتنا عزتنا) أول الغيث بالرغم من كل ما تكتنفه هذه المبادرة من معان إنسانية رائعة، أقدم عليها مواطنون سوريون بدافع ذاتي وعفوي، وبكل محبة وإحساس ضمني بالمسؤولية الوطنية، حملت هذه المبادرات الفردية مضامين رائعة عكست القيمة العالية لفكر هذا الشعب وأثبتت بما لا ريب فيه أنه شعب لا تكسره العقوبات ولا حقد الحاقدين. منذ بداية الأزمة انبرى السوري لحلول خلاقة بشكل فردي، فكان الصمود وحب الوطن ورد كيد العدوان إلى نحور أهله هوية ثبات وشجاعة هذا الشعب، هو ذا يقوم في أحلك الظروف وأقساها قيامة رجل كان وسيبقى نبراساً لكل شعب تواق للمجد والسؤدد في سفر التاريخ، وفي كل تاريخ.
رنا رئيف عمران