ريف جبلة ..طوق أمــان معيشي لا نحســن استثمـاره!

العدد: 9523

الاربعاء:5-2-2020

 

عرضنا تفاصيل الحياة هنا قريةً قرية، وخضنا في أدق تفاصيل (الريف الجبلاوي) بكل خدماته وآهاته وتطلعاته، ولم نترك قرية أو مزرعة إلا وزرناها والتقينا ناسها والقائمين على خدماتها، ولأننا ندرك أهمية هذا الريف من جميع النواحي لا بالنسبة لمدينة جبلة وحسب، وإنما بالنسبة للمحافظة بأكملها فإننا نوجز الآهات والأمنيات، علّ هناك من يعيد إلقاء نظرته الغيورة على هذا الريف ليكون بحقّ طوق أمان اجتماعي واقتصادي ومعيشي لكلّ أبناء اللاذقية..
لنبدأ من الوجع الأكبر، أو مما نعتقده شرياناً أساسياً تتدفّق الحياة من خلاله وهو موضوع النقل والمواصلات بكلّ أوجاعه وسوء أو ضعف إدارته، هناك قلّة في عدد وسائط النقل، هناك فوضى خطوط واستغلال لحاجة الناس، هناك قرى ومزارع تعاني الأمرّين، والمطلوب أن تعكف لجنة السير في مدينة جبلة على دراسة هذا الموضوع من جميع جوانبه، وأن تضع مصلحة المواطن العادي الرقم (واحد) في أي قرار ستتخذه أو في أي معالجة قد تلجأ إليها..
النقل والمواصلات، من حشر الركاب في المقاعد، إلى عدم وجود (الفراطة)، إلى التعاقدات مع المدارس والمعامل وغير ذلك، إلى الطرق وأوضاعها السيئة، إلى المتابعة ومراقبة المخالفين وعدم التعويل على شكوى المواطن، كلّها أولويات لا يجوز تأجيل النظر فيها.

مياه الشرب
(.. كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء فوق ظهورها محمول)، إن كنّا سنتحدث في ريف جبلة عن (مشكلة مياه) فأين لنا أن نتحدث عن وفرة به؟
لا يمرّ عام وإلا ويكون الحديث فيه عن إنجاز عديد مشاريع المياه في ريف جبلة، سواء تلك التي تحصد مياه الأمطار أو تلك التي تُضخ إلى صنابيرنا، ومع هذا لم تتوقف الشكوى يومياً عن قلّة في مياه الشرب، وحتى اللحظة هناك قرى لا تصلها مياه الشرب إلا ساعات قليلة في الأسبوع وربما أكثر.
الناس يسألون عن السرّ، ويتذكرون كيف كانوا يؤمنون حاجتهم من مياه الشرب قبل أن تكون هناك مشاريع، مع لفت النظر إلى الشكوى من تلوّث الكثير من المصادر الطبيعية، والأسباب ليست خافية على أحد وإن كانت مشكلة (الصرف الصحي) تتصدّر قائمة المتهمين بهذا الموضوع، وحتى لا نكرر فقد نشرنا في (الوحدة) ملفاً كاملاً عن موضوع الصرف الصحي، قرأه المعنيّون ولم يستجيبوا لأي مفردة فيه حتى الآن، وربما يعتقدون أن الأمر لا يعنيهم، أو أننا نكتب لملء الصفحات فقط!
التنمية المحلية
الحديث عن هذا الأمر هو حديث ذو شجون، وقد نستطيع الهروب فيه تحت العناوين العامة، ونتحدث عن (أرقام وردية) تُخصص لدعم مشاريع التنمية في الريف من (المتوسطة حتى متناهية الصغر)، وحتى لا نفعل ذلك نسأل: لماذا يضطر نصف سكان الريف النزول إلى المدينة لشراء ما يحتاجونه من المنتجات الريفية (لبن، بيض، سلق، بصل.. إلخ)؟
عندما نجيب على هذا السؤال بشفافية وموضوعية يمكننا الحكم على مشاريع التنمية الريفية، وعندما نقرأ أن قسماً كبيراً من البلديات اقترحت إشادة مقاصف ومطاعم ضمن خطتها الاستثمارية، ندرك كيف يفكّر القائمون على خدمة المواطنين.
ذكّرنا أعلاه بـ (3) ألويات، إذا ما تمّ العمل عليها بشكل صحيح، وبإحساس كبير بالمسؤولية، فإننا بذلك نحقق الفائدة في اتجاهين: نوفّر الحدّ الأدنى من سبل العيش الكريم لهذا الريف، الأمر الذي يحفّز أبناءه على زيادة رقعة دورهم المهم كحرّاس على مصدر الغذاء للمدينة، وننقلهم من خانة (العبء على المدينة) إلى المكان الصحيح من خلال إنتاجهم الزراعي بشقّيه النباتي والحيواني.
في كلّ السياسات الاقتصادية الحديثة تُلحظ مسألة عودة أبناء الريف إلى ريفهم، إلى حيث يستطيعون أن يرفدوا الأسواق بمنتج نظيف وقليل الكلفة، بدل أن يخنقوا المدينة باستجداء أي فرصة عمل سيُحرم غيرهم منها!
الرؤية الموضوعية لهذه المقاربات بإمكانها أن تحقق نقلة نوعية في هذا الإطار، ولا ندّعي هنا الإلمام بكل الأسباب أو بكلّ الوقائع، ولكن يمكن القياس على ما ورد آنفاً في جميع المجالات الأخرى، فهناك مطالبة بفروع لجامعة تشرين، وأخرى بنقل بعض المديريات إلى الريف، والنظر إلى المحافظة على أنها رقعة واحدة، وأن يتساوى فيها ابن المدينة والريف بكلّ شيء، فعلى سبيل المثال يأتي كلّ أبناء الريف الموظفون في مديريات المدينة كل صباح إلى دوامهم متكلفين نصف رواتبهم كأجور نقل، فلماذا على سبيل المثال لا الحصر لا تكون مديرية الزراعة في بيت ياشوط أو المزيرعة، ويجرّب أبناء المدينة الذهاب إلى دوامهم فيها، على مبدأ (المساواة في الظلم عدالة)؟

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار