العدد: 9517
الثلاثاء:28-1-2020
أكد الدكتور إياد محمد رئيس دائرة وقاية النبات في مديرية زراعة اللاذقية عقد عدة اجتماعات للتحضير لمكافحة الجراد الصحراوي والاستعداد لمواجهة الأخطار التي يمكن أن يسببها في حال وصول أسراب منه إلى القطر.
وأوضح د. محمد بأن هذه الاستعدادات أتت بعد رصد تكاثر غير مسبوق لأسراب من الجراد الصحراوي في مناطق انتشاره الأساسية في السودان واليمن وإيران واحتمال وصول أسراب منه إلى منطقتنا بعد وصوله إلى دول مجاورة لها مثل السعودية والأردن خلال العام الفائت علماً بأن مكافحته تتم حالياً في السعودية مبيناً أنه تم وخلال الاجتماعات التي تمت استعراض الواقع الحالي للجراد في المنطقة العربية ومنطقة القرن الأفريقي وجنوب غرب آسيا التي تطور فيها نشاط المجتمع الحشري وتحرك أسراب الجراد باتجاه دول المنطقة الوسطى (سورية، لبنان، الأردن، فلسطين ودول الخليج العربي) ومن جهة الجنوب والشرق ومناقشة التحضيرات اللازمة لتلافي حدوث أي ضرر جراء حدوث وصول أسراب الجراد إلى محافظة اللاذقية مؤكداً اتخاذ عدة إجراءات لمكافحة هذه الحشرة أهمها إحداث غرفة عمليات في دائرة الوقاية لمتابعة الأمر وتخصيص رقمين هما (2237606- 093282785) لتلقي المعلومات المتعلقة بالموضوع والتأكيد على عمل لجنة الطوارئ الرئيسية واللجان الفرعية في المناطق المشكلة بالأمر الإداري رقم 772 لعام 2019 لهذه الغاية إضافة لتسمية مناوب في كل وحدة إرشادية لتلقي المعلومات حول وصول أو عدم وصول الجراد وإيصالها إلى غرفة العمليات في مديرية الزراعة وتجهيز آلات ومعدات المكافحة للتحرك فوراً عند الحاجة إلى جانب إعلام المزارعين والأهالي بضرورة الإبلاغ عن أية مشاهدة للجراد وإبلاغ كافة الفعاليات الموجودة بالأمر مع نشر المعلومات المتعلقة بالجراد وأرقام غرفة العمليات المشكلة لمكافحته على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعد الجراد الصحراوي من أخطر الآفات التي تهدد الإنسان في إنتاجه الزراعي وغذائه وقوته، ولعله من أقدم الحشرات التي سُجلت ضراوتها وخطورتها التي تتمثل في قابليته للتكاثر تحت ظروف بيئية ومناخية مختلفة في منطقة شاسعة تغطي حوالي 29 مليون كيلومتر مربع تمتد من المحيط الأطلنطي غرباً إلى الهند والباكستان شرقاً وتشمل حوالي 64 دولة، ولما كان الجراد الصحراوي من الآفات التي لها قدرة على الطيران لمسافات بعيدة والهجرة السريعة من مكان لآخر، فقد اعتبر الجراد الصحراوي آفة دولية لا يمكن لدولة بمفردها أو حتى مجموعة من الدول أن تحد من أضرارها دون تعاون كافة الدول في هذا الشأن، لذلك رُؤى أن يتم تقسيم منطقة انتشار الجراد الصحراوي إلى ثلاث مناطق رئيسية هي: المنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى والمنطقة الغربية حتى يُمكن إحكام الرقابة عليه ومكافحته داخل كل منطقة ومع باقي المناطق، وقد أخذت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على عاتقها القيام بتنسيق التدابير الدولية لإدارة عمليات الجراد الصحراوي إلى جانب تشجيع إجراء الدراسات والبحوث خاصة المتعلقة منها بالمكافحة الوقائية التي من شأنها درء غزوات الجراد ومنع حدوثها. يعتبر الجراد نوعا من حشرات الجندب Grasshoppers التي تمتلك أرجلاً خلفية قوية تساعدها على القفز، ويطلق على الاثنين معاً أسم الجراد الحقيقي True Locust.
هناك ما يقرب من 18.000 نوع من الجندب في العالم، وهي حشرات آكلة للنبات تستطيع القفز إلى 20 مرة أطول من جسمها، تتألف دورة حياة الجراد والنطاط من ثلاثة أطوار هي: البيضة، فالحورية (عدة أطوار)، فالحشرة الكاملة وتختلف مدد هذه الأطوار وأعداد أطوار الحوريات، والوقت اللازم حتى تصبح الأخيرة حشرات مجنحة كاملة قادرة على التناسل، باختلاف الأنواع، ويتأثر ذلك بالشروط المناخية السائدة، ويمكن تلخيص دورة حياة الجراد الصحراوي، وهو الأكثر انتشاراً في العالم القديم، تضع أنثى الجراد بيضها في حفر تحت الأرض، وتغطيه بسائل لتحميه من البرد, ليفقس عن مخلوق بطور انتقالي لفترة حوالي شهر يدخل بعدها هذا المخلوق طور النضوج، وتختلف الفترة الزمنية لكل مرحلة تبعاً للظروف الجوية السائدة، ويختلف طول عمر الجراد المكتمل النمو الفردي، إذا يتراوح ما بين شهرين ونصف إلى خمسة أشهر وبصفة عامة تعتمد مدة الحياة على الوقت المستغرق لاكتمال النمو من الناحية الجنسية، فإذا اكتمل النمو سريعاً أصبح طول الحياة الكلي قصير تراوح فترة التزاوج بين الذكور والإناث بين 3ـ14 ساعة، وتضع الإناث البيض في حفر تحت سطح التربة حيث تتوافر الرطوبة المناسبة، ويكون البيض الذي تضعه الأنثى كبير العدد، ويلتصق بعضه مع بعض بوساطة مادة رغوية تكسبه شكل كتلة تحتوي على 20ـ100 بيضة، ويمكن للأنثى أن تضع نحو 3ـ5 كتل، يفقس البيض عن حوريات بعد 10ـ14 يوماً في فصل الصيف، وقد تطول هذه المدة إلى 60ــ70 يوماً في فصلي الشتاء والربيع، ولصلابة أجسام الحوريات فإنها لا تكبر حجماً، ويستدعي هذا حصول عملية الانسلاخ، وتبدأ براعم الأجنحة بالتميز بدءاً من الطور الرابع للحوريات، وتتحول الحورية إلى حشرة مجنحة كاملة بعد الانسلاخ الخامس والأخير. ولا تنمو الحشرات بعد ذلك ولكنها تزداد وزناً، وتعيش الحشرة الكاملة نحو 2ـ12 شهراً، وتتأثر دورة حياتها بالشروط الجوية والبيئية، يعيش الجراد في جماعات كبيرة يطلق عليها اسم الأسراب عندما تتكون من الحشرات المجنحة الكاملة، واسم الجراد الزاحف عندما تتكون من الحوريات (الحشرات عديمة الأجنحة)، وتمتلك أسراب عدة أنواع من الجراد القدرة على الهجرة لمسافات طويلة تبلغ بضع مئات الكيلومترات، وهذه الظاهرة تميّز الجراد النموذجي من أنواع النطاط الأخرى المسماة بالجنادب، يقال إذا وجدت أسراب الجراد في عدة بلدان (بآن واحد)، إن هناك غزوة للجراد، ولكن عند وجود عدد محدد من هذه الأسراب في بلد أو بلدين فقط فيقال إن الجراد في فترة سكون، هذا ولا توجد فترات منتظمة للغزوات ولفترات السكون، كما لا تعرف بالدقة الأسباب المؤدية إلى بدء حدوث الغزوات أو انتهائها. غير أن كليهما مرتبط غالباً بالتبدلات الجوية، وخاصة كمية الأمطار وتوزيعها، وقد يستمر تكاثر الجراد على نطاق محدود عدة سنوات في مناطق تكاثره الدائمة من دون أن ينتج من ذلك أي سرب، بينما تتزايد أعداد الجراد سريعاً في بعض الأعوام مما يؤدي إلى تكاثره بشكل كبير يؤدي إلى تكوين الأسراب، ولا تعرف أسباب ذلك حتى اليوم ، هذا ولا توجد منطقة واحدة تبدأ منها غزوات الجراد (وخاصة الصحراوي)، وتتحرك أسرابه مع الرياح السائدة، وهنالك مناطق مميزة في كل بلد يحتمل وصول الأسراب إليها وحدوث التكاثر فيها في مواسم خاصة، كما يعرف العاملون في مكافحة الجراد مدى إمكانية حدوث الغزوات والتكاثر في كل بلد، فيعملون على وضع هذه المعلومات في خرائط خاصة يعتمد عليها في تحديد مصادر الأسراب ووجهات ترحالها، يمكن أن يظهر الجراد على شكلين: مهاجراً أو غير مهاجر (مقيم)، ولكل جراد أماكن محددة ينتشر فيها، ما عدا الجراد الصحراوي إذ عُرف عنه عدم وجود مثل هذه الأماكن (المنابت)، ومن المهم معرفة المناطق التي يمكن أن يوجد فيها في مظهره الانفرادي (حيث يعيش مبعثراً)، حين لا توجد الأسراب (المظهر التجمعي)، يبدأ ظهور الأسراب عادة من الجراد الانفرادي المبعثر نتيجة للتغيرات في الشروط الجوية التي تقود إلى تجمعه، وتزداد أعداده نتيجة هطل الأمطار ونمو الغطاء النباتي، ويتغير مسلك الجراد مع زيادة كثافته العددية ومحدودية الغطاء النباتي فيميل إلى التجمع مما يؤدي إلى ظهور الأسراب.
أضرار الجراد
الجراد يلتهم في الكيلومتر الواحد من السرب حوالي 100 ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة (الجرادة تأكل 1,5-3 جرام – والكيلومتر المربع منه يحتوي على 50 ميلون جرادة على الأقل) وتتغذى الحشرات على الأوراق والأزهار والثمار والبذور وقشور النبات والبراعم وبصفة عامة يصعب تقدير الأضرار التي يسببها الجراد بسبب طبيعة الهجوم العالية، حيث تعتمد الأضرار على المدة التي سيبقى فيها.
نعمان أصلان