العدد: 9508
الاربعاء: 15-1-2020
مشـــــاكل من كل حــــــدب وصــــــــوب
الاعتمادية جـــــــواز سفر للأســـــــواق العــــــــــالمية
الكميـّـــــــات المقــــــــدّرة للتصــــــدير 674012 طناً
كل الحروف هجاء مالم تتضمن في العملية التسويقية كلمة (التصدير)، الكلمة المفتاحية التي تدخلنا عالم التسويق بأفقه الواسع رغم الرؤية الضبابية، نحاول أن نشق طريقنا في رحابه، التسويق في حدوده الدنيا، حمضياتنا تدخل النفق المظلم، ينبئ اقتلاع أشجارها بمد استوائي لإحلال بدائله في السوق المحلية، وليس صنفاً معدًاً للتصدير، لا يغبّر طحًان على كلًاس، ولن ننافس بها بلد المنشأ، والدور الباقي على نجاعة إجراءاتنا في استكمال ما بدأناه بإيصال الثمرة الحامضيّة إلى ضفاف العالمية عندها نكون قدّ أدّينا رسالتنا بأمانة، وجنّبنا مزارعينا الخذلانات المتكررة، بعد أن فشلت المحاولات لاعتباره محصولاً استراتيجيّاً.
في مديرية زراعة اللاذقيّة يعتبرونه المحصول الأوّل (يوفر فرص العيش لنحو 44 ألف عائلة يعملون ضمن بساتين ليمون في المحافظة، مساحتها حوالي33 ألف هكتار، وصل إنتاجها هذا الموسم2019 إلى حوالي مليون ومئة ألف طن) نستشهد بما تقوله المهندسة ميس شحادة من المديرية المذكورة.
تقول م. شحادة (التسويق التقليديّ تبادل تجاريّ لا يقتصر على السّلع فقط، بل يعتمد على فتح قنوات الاتصال بين المشتري والبائع)، وتضيف: (هو بمفهومه الحديث مرتبط مع التخطيط الاستراتيجيّ).
نستهلك الثلث فقط
(تستوعب السوق المحلية ما يقارب ثلث الإنتاج من موسم الحمضيات وبالتالي توجد زيادة كبيرة في العرض تؤدي إلى انخفاض الأسعار) والانخفاض لا يضرب في الصميم إلّا المزارع، وكانت المصيبة أهون وقعاً عليه وإن تلف جزء من الموسم لعدم جدوى قطافه وتسويقه، لو فتحت قناة تصدير إلى الأسواق الخارجية لعوّضت الخسارة بعضها بربح مقبول.
التصدير قصيدة نتغنّى بها
لكنّ التصدير ليس قصيدة نتغنّى بها فحسب، نعد خراف أنيس ونحرم بدراً النوم، التصدير أبجدية، من ألف وباء بلا هجاء.
تعي الإدارة المعنية في اللاذقية صعوبات القيام الأمثل بالعملية التصديرية وتقسم المشاكل بعد تحليل النتائج الى ثلاثة مستويات أساسية:
* أولها: مشاكل على مستوى إدارة المزارع من حيث الاستعمال المكثف للمبيدات والأسمدة دون تبرير وعدم ضبط الممارسات الزراعية باتجاه الجودة وزيادة مستوى متبقيات الأدوية وعدم تطبيق الممارسات الجيدة في تداول المنتج عند القطاف.
* وثانيها: مشاكل على مستوى مراكز التوضيب من حيث عدم اتباع نظام التتبع وعدم التقيد بشروط النظافة العامة والضعف في تداول المنتج عدا عن البنى التحتية غير الملائمة والضعف في شكل ونوع العبوات والخلط في تصنيف المنتج.
* ثالثها: مشاكل على مستوى المصدرين وذلك عن طريق الخلل القائم في عملية التعاقد وطريقة التسعير العشوائية وتداول المنتج وعدم وصوله لأسواق ونوافذ جديدة للبيع وانخفاض مستوى الجودة على كامل الحلقة الإنتاجية وغياب مستوى الربط بالأسواق الخارجية وبالتالي عدم وصولنا بالإنتاج إلى حالة الاعتماد من قبل الآخر للمنتج السوري.
جواز سفر للأسواق العالمية
ومن هنا جاءت الحكومة ببرنامج (الاعتمادية) الوطني، يمنح شهادة اعتمادية أخذت هيئة دعم الإنتاج المحلي وتنمية الصادرات تحمل كلفة أعبائها عن المزارع، وهذه الشهادة بمثابة جواز سفر للحمضيات السورية للأسواق العالمية.
وبالنسبة للكميات المتاحة للتصدير في الموسم الحالي وفق الأصناف تصل إلى 268 ألف طن من البرتقال (أبو صرة) بأنواعه، و186558 طناً من البرتقال اليافاوي، و27455 طناً من البرتقال الماوردي، و151155 طناً من صنف الفالنسيا مقابل 40844 من الكريفون (الجريب فروت) بأنواعه الأبيض والأحمر والزهري ليكون مجموعها 674012 طناً.
ووفقاً للأرقام تقدر الكميات القابلة للتصدير بمواصفات عالية الجودة ولأسواق غير تقليدية بنحو 202000 طن منها 30% على الأقل أصناف تصديرية، في حين تقدر الكميات القابلة للتصدير إلى الأسواق التقليدية مثل العراق ولبنان والخليج بحوالي 20 % أي 134 ألف طن، كون هذه الأسواق تستقبل أصناف الحامض واليوسفي.
لا تحقق الأرقام التصديرية حالة رضائية فيما لو قيست بالإنتاج والفائض وهناك الكثير لنفعله، وما يبوبه الباحثون عن مشاكل ومعوقات هو أكثر بكثير من بنود تستعرض في ندوة أو ترفع بمذكرة إنه منهجية عمل ينقل من مرحلة إلى أخرى:
* فقدان تقانة معاملات ما بعد الحصاد عند الفلاحين وقلة الخبرة عند الفنيين وغياب البحوث التسويقية والإرشاد التسويقي ميدانياً
* ارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق.
* ضعف الترويج الداخلي والخارجي للمنتجات والتعريف بالمنتج السوري سواء في المعارض الخارجية أو مع شركات الاستيراد الخارجي أو الاتصال بشركات تسويق عالمية تساهم في التعريف بالمنتج مقابل عمولة معينة مبدئياً ريثما يتم التعريف بالمنتج السوري.
* عدم وجود أي صلاحية رقابية للجهات المسؤولة تسويقياً في الدولة لمراقبة المنتج المصدر وتحديد مواصفاته.
* عدم دراسة الأسواق الخارجية من حيث حاجتها والأصناف المرغوبة ومواصفات الثمار المطلوبة .
* غياب الإرشاد التسويقي والبحوث التسويقية عن المنتجين.
* عدم توفر المعلومات اللازمة لتوجيه الانتاج وفق متطلبات السوق الخارجية لتوجيه عملية الانتاج وفق المطلوب وزراعة الأصناف المرغوبة خارجياً وعمليات الفرز والتغليف المطلوبة خارجياً.
* الرسوم الجمركية ورسوم عبور البرادات ( الناقلات) السورية عبر الحدود الدولية عالية وتزيد من تكاليف التسويق.
* عدم وضوح المقاييس التسويقية لدى المنتج ولدى الفني الذي يوجه الإنتاج بما يطابق هذه المقاييس.
* عدم توفر مخابر معتمدة دولياً تمنح شهادات الجودة والأمان.
ما سبيلنا إلى تجاوز العثرات؟
أهم المقترحات لتطوير محصول الحمضيات تحديد موعد نضج خاص بكل صنف على حدة، تحديد لجنة لإعطاء شهادة منشأ وختم وترصيص البراد وعدم فتحه، الإصرار على دور الإرشاد في إيصال المعلومة إلى المزارع والذي هو صلة الوصل ما بين المزارع والجهات الاخرى، اعتبار الحمضيات من ضمن المحاصيل الاستراتيجية في القطر، تشجيع إقامة مصانع للعصائر الجافة والسائلة ورفع رسوم الاستيراد على العصائر المستوردة أو منع استيرادها (مكثفات)، الترويج الداخلي للأهمية الغذائية لثمار الحمضيات من خلال وسائل الإعلام حيث إنّ حصة الفرد السنوية لا تتجاوز (45 كغ) وهي كمية من الواجب استهلاكها في حال وجود وعي صحي، إقامة دورات تدريبية بخبرات محلية مدربة للمزارعين للوصول بالمنتج إلى مستوى يستحق الشهادات الدولية، إعادة النظر في التشريعات التي ترعى التصدير وإيجاد تشريعات مشجعة للمصدرين، إتباع نهج الإنتاج العضوي الذي أصبح مطلوباً عالمياً وتعميم وتطبيق مفهوم الإدارة المتكاملة لمكافحة الآفات وتطبيق أسلوب المدارس الحقلية على الحمضيات للوصول لإنتاج نظيف ما أمكن، إيجاد حلول بديلة للزراعة العشوائية سواء على مستوى البستان الواحد (تعدد الأصناف في المساحة الصغيرة) أو على مستوى المناطق، الترويج الخارجي والتعريف بالمنتج السوري بالنسبة للمصدرين الخارجيين وخاصة أن المنتج يتمتع بصفات جيدة ومرغوبة عالمياً، تعميم المواصفات القياسية السورية على الجهات ذات الصلة…إلخ.
ليست جديدة هذه الملاحظات وليست المرّة الأولى التي تعلّق على مشجبة المعوقات ولن تكون الأخيرة بصريح العبارة (دق المي وهي مي) لا شك أن مشكلة الحمضيات في الساحل السوري تأخذ بعداً أكبر من توصية!
خديجة معلا