الغائب الحاضر

العـــــدد 9495

الإثنـــــين 23 كانـــون الأول 2019

 

لم تتوقف الحياة يوماً، قد تعاني من كسل أو إحباط، من ملل أو خوف،
هي تنبع من جوف الأرض، ومن غيمة ماطرة، من ضحكة طفل ومن ابتسامة مشرد أو مصاب حرب، من بسمة شهيد حي يتكئ على عكاز، ومن أمل أم تنتظر ابنها المخطوف، تبلسم جراحها بالنظر إلى السماء الزرقاء، وهي تطلب العفو، والمغفرة، وامتداد الأمل بابتسامة فرح قد يعود.
في يوم المخطوف.. لا تزال كثيرات من الأمهات اللواتي تم إبلاغهن باستشهاد فلذات الأكباد تنتظرن عودة الغائب..
قد تصنع الأم الأمل من قراءة كف، أو فنجان، أو من حلم، تضعه في قلب يتمنى، ومشاعر ترفض القهر، ولن تقبله حتى ترى العين، ويصل اليقين إلى الفؤاد الذي لم تغره كل المغريات.
منذ بداية الحرب على سورية، اختطف محمد من بيته وتهمته أنه موظف حكومي
تسع سنين، ولا تزال أسرته تنتظر مع الرجاء والأمل برؤية وجه غاب ظلماً..
محمد آخر، في مكان آخر، جندي في الجيش العربي السوري، استشهد ولم تحضر الجثة، لذلك تعتبره أمه موجوداً، وتريده، بل تراه كل يوم وهو يدخل إلى البيت مبتسماً، هكذا أخبرها شيخ القرية حين قرأ لها الطالع، وهكذا رأته في الحلم.
نهاية الأسبوع الماضي أشعلت الشموع لشهداء مشفى الكندي بطرطوس تخليداً لذكراهم، قتلوا أمام عدسة الكاميرا وانتشر الفيلم لتراه ملايين العيون والقلوب، جريمة موثقة بحق الإنسانية والتاريخ، لم يحرك تداول الفيلم سوى مشاعر الشرفاء..
ولأن للأمل شمعة تضاء أيضاً، ينتظر أهالي المخطوفين عودة النبض لحياتهم، وقد غادر ساعة غادروا..
للشهدء الرحمة وللمفقودين صبر أيوب ولنا حكايات المجد تتلى.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار