المستهلك يـُهزم أمام «المتة» من جديد..

العدد: 9486

الثلاثاء: 10-12-2019

 

شنت وزارة التجارة الداخلية و(حماية المستهلك) حملة شعواء على أصحاب المحال التجارية الصغير عندما ارتفع سعر الصرف، وأطلقت الوزارة جملة من التصريحات الصارخة التي حملت في طياتها الويل والثبور وعظائم الأمور لكل من تسول له نفسه زيادة الأسعار، فنتج عن الحملة تلك مجموعة من الضبوط التموينية والتشميع والإغلاق للمخالفين.

المستهلكون نظروا إلى تلك الحملة بعين الرضا، وباتوا ليلتهم مطمئنين على أن زيادة الرواتب الأخيرة لن تُلتهم بفعل زيادة الأسعار، وشعر البعض لوهلة بأن (القبضة الحديدية) للوزارة المكلفة بحمايتهم، ستضرب النية لدى المتأهبين لرفع الأسعار.
لم تمض سوى أيام على الحملة المزعومة حتى رأينا السوق يشتعل، والأسعار تتضاعف، وهاتف الوزارة إما معطل أو مشغول، إلى أن طالعنا الوزير باجتماع مع كبار التجار للتفاهم على صيغة ما، (لا يموت معها الديب ولا يفنى الغنم)، ولكن الصدمة جاءت مع إصدار أول نشرة تسعير بعد الاجتماع، ليبدد السيد الوزير بقلمه الأخضر كل أماني الجمهور، ويؤكد أن التاجر على حق، و أن زيادة الأسعار أمر مشروع بلا مواربة، وبناء عليه بات من الواجب على وزارة حماية المستهلك أن تعتذر عن كل ضبط تمويني لفح بناره وجوه أصحاب (الدكاكين)، فما فعلوه لم يخرج عن النص، وأكبر دليل على براءتهم هو نشرة الأسعار الصادرة بتوقيع الوزير شخصياً.
المواطن المسكين يرسم علامة استفهام واضحة حول زيادة بعض أسعار المواد التي لم تستثن إجازات استيرادها من تمويل المركزي، فالمشروب الشعبي الأول (المتة) بقي ضمن المواد المدعومة بدولار المركزي، ومع ذلك رُفع سعرها بإقرار موقع من وزير الاقتصاد والتجارة الداخلية، وهنا نعود بالذاكرة إلى عهد الوزير السابق عبد الله الغربي، عندما وضع نفسه في الميزان مع أحد تجار المتة، لترجح كفة التاجر (على عينك يا تاجر)، وليعود الوزير حينها محملاً بالخيبة، ومعه المستهلك.
الخلاصة من كل هذه (الهمروجة)، أن المسؤول ليس مطالباً بالتطبيل والتزمير لفعل سيقوم به، فليدع المواطن يطبل ويزمر للنتائج فقط، والمسؤول أيضاً ليس مطالباً برسم أحلام وردية لا يستطيع إليها سبيلاً، بل عليه أن يقارب الواقع كما هو، وأن يلتزم الوضوح والشفافية أمام المواطن، وفي الحالة المومأ إليها، وجدنا أن سعر الصرف ضُرب باثنين بين ليلة وضحاها، والمنطق يقول أن المواد المستوردة بالعملة الصعبة سيرتفع ثمنها بشكل تلقائي، وهذا ما حصل في نهاية المطاف رغماً عن أنف المواطن ووزارة حمايته، وكان الأجدى بمن يطلقون تصريحات (عنترية) أن يصارحوا المواطنين، لا أن يطلقوا الوعود الخلبية، ومن ثم يعودون إلى أرض الواقع بشكل يوحي بأنهم رضخوا لإرادة ثلة من التجار.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار