الكل متضرِّر

العـــــدد 9485

الإثنين 9 كانون الأول 2019

 

أن تتأقلم في حياتك، وبعمر متقدم، مع وضع اجتماعي ومعيشي جديد، فهذا يعود لك شخصياً، ولمدى تقبلك هذا الأمر أو ذاك، كأن تنتقل إلى عمل جديد، أو تسكن، أو تسكن في بيت جديد( بالآجار) طبعاً، أو أن تكون مالكاً لسيارة متواضعة وتجبرك الظروف على بيعها، وعندما تصبح من دون سيارة تقبع في بيتك أياماً، وفي النهاية لا بد من الخروج لتأمين حاجيات الأسرة، ولمتابعة بعض الأعمال الضرورية ضمن المدينة وخارجها، ثم تخرج من البيت إلى الشارع فترة بديلاً لسيارتك (التاكسي العامة) وتجد فيها السبيل للتنقل ضمن المدينة، ولتعويضك عن سيارتك، وتبعدك عن ركوب باصات النقل الداخلي المزدحمة دائماً، وحتى عن السرافيس العامة التي تعاني من القِدَمْ.
وما أن تجلس بالقرب منه، حتى يبدأ سائق السيارة بفتح حديثه المعتاد، وينقّ لك من قساوة الحياة، وصعوبة تأمين لقمة العيش له ولأسرته، علماً بأن أكثرهم من الموظفين ينقّ عليك أيضاً كي يُحضّرك نفسياً، وليجعلك ترضى بما سيفرضه عليك من أجور مضاعفة زيادة على الرقم الذي سيسجله العداد الرسمي.
السائق متضرّر، والمواطن متضرّر، فمن يُنصفهم؟! في بعض الأوقات أتدخل في حديث السائق وأناقشه ولو لوقتٍ قصير، بينما أكون قد وصلت إلى حيث أذهب، أقول له: فعلاً أنتم متضررون، ونحن أيضاً مثلكم ندفع أجوراً عالية لا تتناسب مع الدخل، لماذا تميلون إلى جانب المواطن لتعويض المبالغ التي تدفعونها، وتدخلون في جدال عقيم، معرضين أنفسكم للعقوبات في بعض الأحيان.
فالمواطن لا يستطيع أن يعوَضكم مادياً أبداً، لأنه مثلكم أحواله المادية ليست أفضل من أحوالكم، فيتابع السائق النق حتى البكاء أحياناً، ويشتكي من زيادة أسعار القطع التبديلية وأجور الإصلاح في المنطقة الصناعية، وغلاء أسعار المحروقات وسوء نوعيتها التي تؤدي إلى تعطيل محركات السيارات في أكثر الأحيان.
أردّ عليه بعد أن أناوله محرمة ليمسح بها دموع التماسيح وأقول له: لماذا لا تتقدمون بشكاوى بدءاً من تعديل العدادات إلى مراقبة أسعار القطع التبديلية وأجور التصليح وغيرها! يرد عليك باستهزاء: شكاوى! لمن سنشتكي؟! لا أحد يرد، شكوى جماعية قدموها إلى نقابة عمال النقل البري (نقابة السائقين) يرد عليّ ضاحكاً: نقابة شو؟!
سامحك الله يا أخي المواطن (الراكب) أنت أدرى لا أحد يردّ على أحد، والكل يفتش عن مصالحه ولا يهمه مصلحة غيره، الحقيقة مرّة، وهذه الأمراض تحتاج إلى معالجة وبلسمه، وبلسمتها عند الجهات الوصائية وأهل الخبرة منهم.

حسن علاّن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار