العدد: 9483
الخميس:5-12-2019
جميعنا ضد ظاهرة إشغالات الأرصفة والساحات ومع ضرورة الالتزام بالقرارات والتعليمات البلدية التي تحكمها للحفاظ على الشكل الجمالي للمدينة ومنع حالات الفوضى التي تسببها تجاوزات البعض وتؤدي لإعاقة حركة السير للمشاة والسيارات وتخلق إزعاجاً لدى المستخدمين.
لكن.. وانطلاقاً من القاعدة الفقهية أن روح القانون هي التي يجب أن تحكمه، كذلك يجب أن تحكم هذه الروح الأنظمة والتعليمات البلدية لتكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع ويكون المواطن هو المعني الأول قبل البلدية بتنفيذها وذلك حين تكون عادلة.
وبمعنى.. المحلات التجارية التي تتمادى على الأرصفة وتحتكرها وتنشر بضائعها عليها ولتطال أيضاً الطريق هم أول من يجب أن تطبق عليهم هذه التعليمات لردعهم لكن يتم غض النظر عنهم وتطبق في المقلب الآخر على عجوزاً يفترش الأرض على قطعة قماش بعضاً من الخضار أو الجوارب ليعتاش ويعيش ولا يوجد معيل له بل ربما يكون هو المعيل ويبيع ما لديه بالقليل بعيداً عن جشع الأسواق والتجار.
وهنا يختلط المشهد بين التعليمات والرأفة والإنسانية ولنسأل: أليس من المفترض على الجهات البلدية أن تقوم بما لها وما عليها وذلك بأن تطبق قوانينها بعدالة وذلك بأن تقوم بما يتوجب عليها.
بدلاً من أن تقوم كما قال عجوز: في كل مرَّة يصادرون الجوارب التي أبيعها فأضطر للذهاب إلى البلدية لإخراجها ودفع الغرامة وآخذها ناقصة لماذا لا يأخذون مني الغرامة مباشرة دون المصادرة أم أنهم أقوياء على الفقير وهم مع الغني والقوي يغضون البصر والبصيرة مع أني اشتريت هذه الجوارب بالدين، وفي كل مرة يحصل نفس الشيء يصادرون أدفع وأعود لأعمل.
لدى الاستماع إلى صوت هذا العجوز المختلط بالحزن تختلط المشاعر بين القانون والإنسانية والمفترض أن يتطابقان ويحق لك أن تسأل حينها: لماذا لا تخصص أماكن في المدينة لكبار السن من النساء والرجال ممن لا يوجد لديهم معيل ولا عمل توضع فيها بسطات بسيطة وبشكل لائق ليعملوا بما يسد لهم رمق الحياة وهذه الظاهرة متعارف عليها في كل دول العالم وأكثرها حضارة وتعطي المدينة مظهراً لطيفاً وجميلاً وخاصاً.
ونذكر بهذا وخلال مؤتمر لسيدات الأعمال في اللاذقية اقتراحاً قدمته إحدى السيدات بأنها تستطيع تأمين بسطات لائقة يتم وضعها في أماكن عدة من المدينة تعيل هؤلاء الفقراء وتمنح المكان حركة ومشهد لطيف ولاقى اقتراحها قبولاً لكن بعدها لم نسمع شيئاً منه.
صباح قدسي