شــــــكراً «تشــــــرين»

العدد: 9483

الخميس:5-12-2019

متهمة أنّي لا أؤمن بطب ولا طبابة هذه المحافظة، هكذا توصلت قناعتي بعد تجربة فأصبح لدي الإحساس فطرة!.

صدماتي الصحية منها كبيرة صحيح!، لست الوحيدة المنكوبة دون أدنى شك! لا يخلو مجلس عائلي أو جمعة سهيّرة من افتتاحيات نميمة على الأخطاء الطبية.. للأسف متفقون أننا جميعاً مثقلون، وقد أترعت الكأس حتى فاضت بتهكنات عن مشفى تشرين الذي حمل وصمة سوء الخدمة الطيية، 100٪، من حيث يدري أو لا يدري، مشفى للطلبة والمتدربين ٢٠٠٪!، لا أثر للاختصاصيين في الإسعاف، مرجح الكلام!، يسيّر الأعمال فيه طلاب يتعلّم لاحقهم من سابقهم بالسنة، هذا الكلام صحيح! تختلط التقديرات لا تميّز المدرب من المتدرّب، والجميع ينادي بعضه (دكتور) ويناديه المرضى ومرافقوهم بحكم المريول الأبيض بذلك، افتقدت بينهم الشعر الأبيض ففيه وقار تختبئ بين سنيّه تفاصيل ساعات وأيام من الخبرة، وبقية الأقسام لا علم لي بها فحديثي عن تجربة، قيّضت لنا خلال الشهر الفائت أن يحل والدي مريضاً على مشفى تشرين الجامعي. المشفى الوطني بعيد في الطرف الجنوبي، وديناميكية الحركة والقرب من مدخل المدينة ترشح (تشرين) خياراً للاستطباب الإسعافي المجاني، شريط من الهواجس يمر سريعاً ماذا (لو) و (لو)، يجول بالخاطر ماذا لو تكرر ذلك الخطأ الطبي؟، لم يكن مشفى حكومياً مسؤولاً عن ذاك الخطأ الذي شكّل دمّلة في طريقة تفكيرنا، بل وقع في مشفى خاص قادنا إليها الطبيب العامل في المشفى الوطني والمتعاقد مع الخاص، ولم تستدع الحالة عملاً جراحياً، وكان يمكن أن يجري التعامل معها بحنكة أكبر، التحايل الدوائي يغني عن مبضع جشع الطبيب أشد إيلاماً منه، ليته تقاضى أجرة العملية ولم يجرها، لو طلب مالاً بجسارة لاحترمنا إنسانيته الضائعة بين حنايا الطب، ولنفدنا نحن من مكيدته المتسترة وراء مهنته، لكنه لم يحفظ ماء وجهه بل سفح بطمعه كرامته، يالذاكرتنا التي لا تشيخ!، أبعد كل هذا الزمن تنتعش بالآلام؟، ليس الحال من بعضه واليوم قد يكون غير الأمس، لكن كيف؟ وجارتنا سرّع بوفاتها خطأ طبي، جرعة دوائية زائدة سببت لها انحلالاَ بالدم! صمت أهلوها وكبسوا الجرح ملحاً: (كانت مصابة بسرطان قاتل وأجلها قادم فعلامٓ الأذية؟)، هكذا يفكر الدراويش مثلنا!، تسليم لا تجريم، تضيع الطاسة لأن الطب كمكة لا يعرف بشعابه إلا أهله، ونادراً ما يقر ذاك بخطئه، حصل هذا ذات مرّة (كنت متعباً ..قدمت من سفر) يقول.
الطبيب يعترف بخطئه لكن المرأة الثلاثينية تذهب ضحية اللامسؤولية، يثكل الزوج والصبية الثلاثينية لا تعود لطفليها.
حالة ؟، حالتان؟، فليكن عشر، لا تشكل حكماً قابلاً للتعميم، لكن من يهدّئ من روع ذلك القلب الواجف؟.
لم يحتمل الأمر أي تأجيل كثير من الفحوصات والتحاليل والصور أشرف عليها جميعاً في الإسعاف طلبة باستثناء طبيبة في عقدها الثالث قالت إنٌها مناوبة وعندما تداخلت التكهنات ما بين قصور قلبي وارتجاف أذيني والتهابات صدرية وارتفاع في نسب الكرياتين، كان جزع عائلتي يدفعها لحزم حقيبة السفر والتوجه إلى العاصمة طلباً للاستطباب في مشفى تشرين بدمشق، حيث الثقة في أعلى مناسيبها، لم يخب الرجاء هناك، مع أنّ التشخيص لم يختلف كثيراً عن مشفى الطلبة، لكنّ العلاج على أيدي الحكماء في دمشق هو بيضة القبان في ترجيح كفّة الميزان، في كل مرّة قد لا تسلم فيها الجرّة.
المقارنة بين المشفيين، كمقارنة بين الجد بعد المئة بحكمته والحفيد الذي يحبو في خطاه فيتعثّر حيناً و(يدادي) آخر، حتى إن مشفى تشرين الجامعي في اللاذقية حاول تقديم نفسه بصورة أفضل بكثير عما هي مرسومة له في الأذهان صورتها الانتقادات أنه يعج بالإهمال، ومن النقد ما نفع!، هي صحوة ما بعد السكرة وصهيل ما بعد الكبوة الله أعلم، المديح، يعطي نتائج عكسية لمن لم تكن خصائله متأصلة فيه، المشفى منظومة عمل متكاملة وليس ‘(يوم ليك ويوم عليك)!.

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار