نوبات الغضـــب.. زهـــور حـــب بــين الأزواج

العدد: 9480

الاثنين: 2-12-2019

 

في العلاقة الزوجية يمكن للغضب أن يكون بناءً ومحبباً بقدر ما يمكن أن يكون هداماً, فالغضب مجرد شعور إنساني طبيعي لا يتعين كبحه دائماً مع أن السيطرة عليه أمر مطلوب في كثير من الأحيان لكي لا يتحول إلى مصدر دائم للألم والخذلان.

وقد يختلف الزوجان على أمور كثيرة إلا أنهما يفضان الطرف عن نقاط الاختلاف ليس بدافع استيعاب الآخر بل بدافع الهروب من المواقف الساخنة وتجنب الغضب وفي تلك الأحوال يتحول الغضب من حالة طبيعية إيجابية إلى مشاعر مكبوتة تتراكم في الداخل حتى تفيض فتظل برأسها البغيض لتخرب وتخدش وتجرح.
وعندما يخشى كل طرف زوجي الاقتراب من المواقف التي قد تثير الغضب يصبح الزواج ضرباً من توازن الرعب بين طرفين يخشى كل منهما الآخر. فكل طرف يرصد بعينيه أخطاء الآخر من دون أن يكاشفه خوفاً من النتيجة المتوقعة ولذلك عندما تصبح المواجهة حتمية في نهاية المطاف يكون الصدام أكثر ضراوة ونتائجه أكثر سلبية.
والمشكلة قد تكون أساساً تربوية إذ يحرص الأهل على غرسه سلوكيات إيجابياً وضرورياً وبصفة عامة يتعلم الطفل أن الغضب شعور سلبي بل أن الطفل أحياناً يعاقب لمجرد إنه عبر عن غضبه تجاه موقف معين والشخص الذي يفصح عن هيجانه العصبي يصبح في نظر المجتمع متهوراً وغير قادر على ضبط مشاعره وسلوكياته وهو بالتالي يستحق اللوم. ومن المفارقة إن في العلاقات الزوجية يوصون بإطلاق العنان لمشاعر الغضب في الحوارات الزوجية أياً كان حجم القضية محل الحوار أو الخلاف وتقول إحدى المتزوجات إنها وزوجها توصلا إلى حقيقة مفادها أن ثمن كبح الغضب أغلى بكثير من الوضع النقيض.
ويقول زوجها إنه اعتاد على متع رغبته في الصياح والانتقادات اللاذعة إلا إنه توصل بالتجربة إلى أن كبت المشاعر لا يؤدي إلا إلى تراكم تلك المشاعر وخروجها عن السيطرة عن نقطة معينة. وعندما تخرج المشاعر عن السيطرة فإن المرء يقول كلاماً يضطر لاحقاً إلى الاعتذار عنه هذا إن لم يؤد إلى ما هو أخطر منه وهو الشرخ العاطفي المتسع تباعاً كلما انفجرت المشاعر المتراكمة.
ولتفادي هذا الوضع ( كونوا مخلصين في التعبير عن مشاعركم)
مهما كانت طبيعية تلك المشاعر. والمعروف أن الانفعالات البشرية عبارة عن إشارات تدل على أن ثمة شيئاً ما في حياتنا يتعين التعامل معه وتداركه ولبس الغضب إلا أحد تلك الإشارات التحذيرية التي لا يتعين إهمالها.
وهذا يشير إلى أن هناك أمراً مخالفاً بصورة جلية لما يؤمن المرء بأنه صحيح ومنطقي.
وعندما يثور الخلاف بين زوجين ويكون أحدهما في حالة هياج إن أفضل وسيلة للتعامل مع الأمر في فتح حوار فوري والسماح للطرف الغاضب بالتعبير عن غضبه من دون أن يجبر على خفض صوته أو كبح ذاته .
إن ضمانة اجتياز حالة الغضب تتمثل في أن يتدرب الزوجان على لغة الحوار السليمة ومن أبجديات تلك اللغة استخدام كلمة (أنا) بدلاً من كلمة (أنت) فمثلاً (إنني مستاء من سلوك الفلاني) أفضل من (أنت شخص كسول لأنك فعلاً كذا وكذا).
وعندما يغضب المرء فإنه في الغالب يستخدم اللغة التي اعتاد استخدامها في أحواله الأخرى وفي هذه الحال فإن الغضب يكون نوعاً من التعبير الحر والصريح عن الذات الأمر الذي يساعد في بناء الثقة والود وتطوير الحياة الزوجية.
ولكن الدور الإيجابي للغضب لا يكتمل إلا بالكيفية التي يتصرف بها الطرف الآخر والإصغاء الجيد هو المطلوب من الشخص الأقل استفزازاً لكي يفرغ الآخر من التعبير عما يدور في جوفه من انفعالات.
إن نوبات الغضب في العلاقة الزوجية القائمة على الحب أشبه بأمطار الربيع التي تنقي الجو وتنظف المشهد الطبيعي من الغبار فتجعل الأزهار تبدو أكثر بهاء وروعة, وأن التعبير الحر عن الغضب يدفع بجذور العلاقة الزوجية عميقاً ويقوي أواصر الحب، وإذا كان الغضب شعوراً سلبياً يتعين تجنبه.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار