لكلّ يوم سعره.. اللعب بأسعار الحمضيات حـــــــرام…أما آن لمزارع الحمضيات أن يتنفس الصعداء!

العـــــدد 9478

الخميــــــس 28 تشرين الثاني 2019

 

فوضى الأسعار وجنونها لم تجد طريقاً لها إلى ساحة الحمضيات في سوق الهال رغم فتح معابر الحدود البرية مع العراق والأردن والتي استبشرنا خيراً بفتحها على مزارعي الساحل دون جدوى، وحسب وزارة الاقتصاد واجتماعها الأخير مع أسرة الحمضيات ومصدرين ومنتجين، فإنتاج سورية من الحمضيات يقدر بحوالي مليون طناً، تتضمن أصنافاً معدة للتصدير تشكل نسبتها حوالي (النصف) ويتم تسويقها بين السوق المحلية والخارجية، وهو ما يعني وجود فائض إنتاج يصل للنصف، ومن خلال هذا الاجتماع الوزاري أكد المجتمعون وبحثوا في … وناقشوا سبل.. وعلى أرض الواقع لا حياة لمن تنادي عجز كامل عن دعم المزارع ولو بقيد أنملة وتركه لحيتان السوق، كما تشكلت في اللاذقية لجنة من عدة أطراف مهمتها الإطلالة على سوق الهال ومتابعة الوضع عن كثب ولكن ماذا بعد؟!
وبعيداً عن المسؤولين والمعنيين في ملف الحمضيات وتصريحاتهم الخلّبية وجولاتهم السوبرفيسبوكية نزلنا في (جريدة الوحدة) على أرض واقع الحمضيات في قلب سوق الهال من ساحة الحمضيات وحدثنا المزارع مباشرة عن وجعه لعلّ بإيصال الأنين يتحسّس بعض المعنيين.

بلسان المزارعين

 

مجموعة من المزارعين أمام سيارتهم الصغيرة المحملة بنوع (ساستوما) ينتظرون الفرج اقتربنا منهم وسألناهم عن وضع الحمضيات اليوم ليقول أحد المزارعين مباشرة: العبوة (الصندوق) بـ 125 ليرة وأجور نقل 3500 ليرة وعمال 2000 ليرة وأسعار غير مقبولة فأقل من 75 ليرة أنا خسران (بيطلع تعبنا ببلاش) ولو أتيتم يوم أمس لوجدتم الأسعار محزنة أكثر ولدى سؤاله عن السبب قال: كل تاجر يملك خطاً وممنوع أي تاجر آخر يدخل على هذا الخط ونحن تحت رحمة هؤلاء فاليوم سعر وأمس لا يوجد سعر (وبكرا) علمه عند الله، وعن الحل قال: فتح السوق أمام الجميع هو الحل الأنسب وعدم حصره ببعض التجار الأمر الذي ينعكس على سعره مباشرة، ليتدخل فُجاءة في حديثنا كلام لأحد وكلاء بعض التجار في السوق ويطرحون سؤالهم على المزارع من الذي يُمنع من تحميل البضاعة؟ فقط أذكر من مُنع من التحميل؟ فأجابه المزارع يوم أمس لم تحمل البضاعة ليردّ الوكيل: تركنا المجال لبعض التجار (التويجر) كما أطلق عليه الوكيل ولكن رأيتم كيف كان الحال ووصلت الأسعار إلى 55 ليرة، واليوم نحن موجودون في السوق ورأيتم كيف انتعشت الأسعار مرة أخرى، ليقول وكيل آخر يتبع لنفس الشركة: أنت تطالب بفتح السوق لكل التجار، فادع هؤلاء التجار ليسحبوا بضاعتك إذاً، لينتهي النقاش بسؤالنا لهم: بكم تسعر بضاعته وتم منحه من أحد الوكلاء سعر 80 ليرة لنوع (الساستوما) نوع ثاني ليفرج الله عن بضاعته بسعر وجده مناسباً.
لننتقل إلى سيارة ثانية تنتظر وهنا أحد التجار في السوق عرض عليه سعر 60 ليرة بحجة نوعها ثانٍ وثالث، والمزارع رفض البيع لأن البيع بأقل من 75 ليرة خسارة قولاً واحداً بعد حساب الكلفة من نقل وكمسيون وقطاف وعبوة وأدوية وسماد وحراثة، ليعود التاجر ويتباهى أنه اشترى اليوم بسعر 90 ليرة ولكن بضاعة هذا المزارع لا تستحق إلاّ 60 ليرة ليدخل على الحديث تاجر آخر ويقول كم نقلة في السوق تم سحبها بسعر 90 ليرة ويقول لا تحملون الدفتر إلاّ بوجود الإعلام.
الأمر الذي دفعنا لقراءة دفاتر ومقارنة بين التجار ليكون أحدهم أسعاره من 70-140 ليرة والآخر يشتري من المزارع بسعر 60 ليرة حسب دفتره وعند سؤاله عن سبب مفارقة الأسعار قال هو خطه إلى إدلب وأنا إلى القامشلي وأجور النقل يجب أن تحسب.
وعندما طرحنا عليهم توحيد الأسعار الحد الأدنى، طبعاً رفض التجار الكلام بحجة الأصناف والأنواع علماً التكلفة واحدة على المزارع الذي طالب بحد وسطي للكيلو الأمر فيه انعاش لسوق الحمضيات.
تعبنا للغير

 

وخلال حديثنا مع رئيس لجنة تسيير سوق الهال تدخل أحد المزارعين وقال: لو كنت (مرابع) عند إقطاعي كان أفضل لي من العمل في أرضي على الأقل هو يأخذ 25% أما اليوم فأنا أعمل كل السنة لأعطي تعبي للغير فلو قسمت يوميتي 2000 ليرة على أيام السنة لا أحصل على حق الرزق غير السماد والحراثة والمبيدات، وإذا بيعَ بـ 70 – 80-90 ليرة فهو سعر عادي وليس بالشيء الكبير.
ليدخل على خط الهموم مزارع يقول: بعت بضاعتي بسعر 40 ليرة من نوع ساستوما ويوجه كلامه لرئيس اللجنة أنت (تدير ظهرك) وأنا أقول لك بعتها بهذا السعر.
وعند النقاش عن الثقافة الزراعية التي يجب أن تبدأ عند المزارع للوصول إلى حل في نهاية الموسم قال بعض المزارعين: عن أي ثقافة تحدثوننا والسماد بـ 12 ألف ليرة غير الري والمبيدات و … هنا استوقفنا أحدهم ويقول: الحكومة مقصرة معنا، فكل عام ينتظرون حتى الموسم ويبحثون عن حلول فكان أمامكم كل العام لماذا لم تبحثوا في معمل تجفيف ولا معمل لصناديق بلاستيك ولا حتى معمل للعصائر، وأنتم تعلمون هناك مشكلة في تصريف الإنتاج، كل عام لم تضعوا حلولاً لها وهم يعلمون أنّ أغلب الفلاحين غير موظفين واعتمادهم كل العام على هذا الإنتاج فوجعنا لن يجد طريقاً أبداً لأن كل عام يأتي الإعلام والمسؤولين يزورون سوق الهال ولا نتيجة على الأرض.
شطارة ولكن!
في نهاية جولتنا في سوق الهال نقول التجارة شطارة ولكن اقتصار السوق على بعض التجار إساءة، فأصبح اللعب على المكشوف اليوم، إذ يختفي هؤلاء التجار لبضعة أيام حتى تصل الأسعار إلى الحضيض وبقدومهم ينتعش السوق مرة أخرى ليتحكموا هم في تجارة السوق ووضع الأسعار لينظر إليهم تارة نظرة الأبطال وتارة أخرى نظرة الاستغلال، وباعتراف كل المزارعين كان العام الماضي الوضع أفضل من هذا العام من حيث التصريف والأسعار وبعدها توجهنا إلى مركز الفرز والتوضيب التابع للسورية للتجارة.
في مركز الفرز والتوضيب

 

تأتي خطوة استجرار مادة الحمضيات استكمالاً للحملة التي تقوم بها المؤسسة السورية للتجارة لتسويق منتجات المزارعين حيث بدأت بشراء المحصول ضمن الأسعار المحددة من قبل لجنة مكلفة بتسعير المادة ويتم تصدير الفائض بعد تنظيفه وفرزه وتشميعه من أجل تحسين صفات الجودة والتخزين فهو يلعب دوراً كبيراً في عملية التسويق حيث تستوعب السوق المحلية ما يقارب ثلث الأرباح أثناء الموسم مما يترك كميات كبيرة خارج حاجة السوق وحول الآلية والإجراءات المتخذة من قبل السورية للتجارة عبر خط الفرز والتوضيب والتشميع في اللاذقية قصدنا المركز الخاص للفرز التابع للشركة السورية للتجارة والتقينا رئيس المركز السيد وسام صايم الذي أفادنا بأن المركز مستثمر من قبل تاجر وعند دخولنا المركز للتعرف على آليات العمل ضمن المركز لاحظنا وجود الكثير من الخلل ضمنه، فغرفة البراد غير جاهزة فهي اسم على غير مسمى، وهي بحاجة إلى إعادة تأهيل ويوجد ضمنه القليل من البطاطا ومن المؤكد بأنه على وضعه الحالي منذ سنوات سابقة ولاحظنا بأن الحمضيات قد تم وضعها في مستودعات غير خاضعة للشروط ولكن طبيعة الجو تحمي تلك المنتجات من الضرر فقد كانت مظلمة وكذلك كانت تنتشر روائح ضمن المركز كرائحة العفن وعند سؤالنا عن الرائحة أجاب رئيس المركز بأنها صادرة عن تخمير بعض المنتجات علماً أن هكذا منشأة خدمية بحاجة إلى صيانة سنوية أو تعديل وتحديث في آليات العمل كونها تدر مالاً تدخل في المصلحة العامة أو خزينة الدولة ونحن بدورنا نتساءل هكذا منشأة هامة على مستوى الساحل السوري لماذا تستثمر من قبل تاجر يجني أرباحاً خيالية على حساب المصلحة العامة وما هي الأسباب التي أدت إلى نقص الخدمات والإهمال داخل المركز ليكون رد رئيس المركز بأنّ هذا المركز أفضل مركز في سورية وهو مطابق للشروط القياسية والمواصفات حسب كلامه وعن آلية العمل ضمن المركز أوضح صايم إنه يتم ضمن المركز فرز وتوضيب وتشميع الحمضيات ليتم تسويقها على شقين داخلي من خلال استجرار كميات وصلت خلال هذا الشهر إلى (1000 طن) للأسواق ضمن غالبية المحافظات ويتم طرحها أيضاً في كافة صالات ومنافذ بيع الشركة السورية للتجارة وكذلك عبر السيارات الجوالة التي تسير في كافة الأحياء والمناطق.
أما في الجانب المتعلق بالشق الخارجي فيتم تصدير الحمضيات خلال هذه الفترة إلى الأسواق الخارجية منها 600 طن إلى الخليج و 200 طن إلى العراق و 1400 طن إلى الخليج والعراق وروسيا عن طريق الأهلية وعن توزيع التصدير لدول الخليج أكد بأن الحصة الأكبر تذهب إلى أسواق الإمارات والكويت و7% من محصول الحمضيات يذهب إلى أسواق العراق لجودة المنتج ونوعيته الممتازة والمرغوبة للمستهلك العراقي كما أن روسيا لها نصيبها من الحمضيات السورية وبكميات تتراوح ما بين 12-15 % وأردف صايم: بأن دعم الحمضيات يأتي بقرار حكومي وعن طريق هذا القرار تقوم السورية للتجارة بشراء المنتج من المزارع مباشرة بكميات كبيرة وبأسعار جيدة وذلك حتى نهاية موسم الحمضيات.
قطاف فني
وعن عملية القطاف أفاد صايم بأنه يتم القطاف عبر مجموعة من العمال الفنيين الذين يقومون بقطاف الثمار بطريقة فنية ليتم فرزها حسب الدرجات ومن ثم تصنيفها ووضعها بعبوات بلاستيكية أو شرحات مناسبة لهذا الغرض قبل نقلها إلى مركز الحفظ والتوضيب والتشميع وعند الانتهاء من كافة الإجراءات التي تم ذكرها آنفاً تتم عملية التسويق إلى غالبية المحافظات السورية ومراكز الصالات التابعة للسورية للتجارة بعد الإشارة إلى أن غالبية العبوات المستخدمة بلاستيكية وأنّ 10% منها شرائح كرتون معدّة لتوضيب الحمضيات من أجل تصديرها إلى روسيا هو مطلب حتمي من قبل التجار الروس.
أما الخليج والعراق فيتم التصدير إليها بعبوات بلاستيكية فكل بلد له شروطه الخاصة في التحميل والفرز والتوضيب من حيث العبوات وأشار صايم إلى أنه يتم حسم 7 ليرات سورية إذا تم تقديم العبوات أو الشرائح من قبل السورية للتجارة وحول الحجر الصحي أوضح بأنّ كافة المنتوجات التي يتم تصديرها تخضع إلى رقابة وتفتيش الحجر الصحي المتعاقد معه في المرافئ وخاصة المتجه إلى روسيا لمراقبة عيّنات من المنتجات لخلوها من الأمراض و الجرب وإنّ أهم ما يشجع التصدير الخارجي هو تأمين خط نقل بحري إلى روسيا والدول الأوروبية ويرى صايم بأنّ الحل الوحيد والذي من شأنه إيجاد معادلة صحيحة لكل من المزارع والتاجر والمستهلك هو توحيد الأسعار 100 ليرة كحد أدنى مقارنة مع المواد بما يرضي ويتناسب مع جميع الحلقات وعند دخولنا المركز لاحظنا عدم وجود أي حركة عمل بحجة أنه لا يوجد اليوم حمضيات بالرغم من كل الفائض في الإنتاج الموجود في المحافظة وهو ما يدعو لطرح أكثر من سؤال؟؟
شراكة لسحب الحمضيات من سوق الهال
وبعد تواصلنا مع المهندس سامي هليل مدير السورية للتجارة الذي أكد أنّ العمل في مركز التوضيب والفرز لصالح العام والخاص ونأخذ عمولة من المستثمر على كل كيلو فرز وتوضيب وغسيل بحدود الـ 10 ليرات سورية على كل كيلو حمضيات علماً أن السيارات التابعة للسورية للتجارة تحمل من بستان المزارع مباشرة إلى مركز التوضيب وبرّر على عدم وجود حركة في المركز بأن الحمضيات في سوق الهال كان عليها طلب وقد بيعت جميعها وحول عقد الشراكة مع إحدى الشركات قال هليل:
هناك اتفاق مع إحدى الشركات ينص على تحميل كافة منتجات الحمضيات في سوق الهال ورفع الأسعار بشكل تدريجي ونوّه بأننا موجودين في السوق بشكل يومي من خلال مندوبين بسوق الهال لتسويق الحمضيات وبأسعار مناسبة.

تغريد زيود- بثينة منى- بشار حمود
حليم قاسم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار