تكامــــل أدوار بين المدرســــة والأهــــل

العـــــدد 9475

الإثنين 25 تشرين الثاني 2019

 

تعد العلاقة ما بين الطالب ومدرسته امتداد للعلاقة ما بينه وبيّن أسرته فالمدرسة هي البيت الثاني الذي يسهر على تنشئة وتربية الطالب بالتعاون والتنسيق والتكامل مع الأهل، هكذا بدأت سهام إسماعيل مديرة مدرسة الكاظمية بالحفة وتابعت:
تغيرت العلاقة ما بين الطالب وأهله بفعل التطورات التي شهدتها الإنسانية ولا سيما مع دخول عصر الفضائيات والأنترنت والتي أفرزت أنماط سلوك وعادات بعضها الجيد والمفيد والآخر غريب عن أعرافنا وعاداتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، فإن العلاقة ما بين الطالب ومعلمه تغيرت أيضاً في عدة مسارات بعضها الإيجابي والآخر سلبي وانعكست آثاره على العملية التربوية والتعليمية حيث لم تظهر آثار هذه السلبيات على الطالب وحده بل على زملائه في الصف والمدرسة وبالتأكيد على المعلم الذي بات عليه التعامل مع أنماط من التلاميذ التي تختلف نظرتها إلى المعلم عن تلك التي كانت سائدة قديماً، والتي كان يحكمها قول الشاعر:
قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
وذلك كتعبير عن احترام المجتمع للمعلم ولرسالته السامية في تعليم الأجيال تلك الأنماط التي يغلب على سلوكها التمرد والتنمر وتجاوز حدود السلوك القويم والتي أوجبت على المعلمين اللجوء إلى اتباع وسائل مختلفة لضبط سلوكها.
وكان من جملة الوسائل التي قد يضطر إليها المعلم للتعامل مع تلك الفئات الضرب الذي أضحى مثاراً لاختلاف وجهات النظر بين التربويين ما بين من يعتبره وسيلة يجب ألا تسقط من الحسابات ولكن ضمن ضوابط ومحددات واضحة وبين من يستنكر هذه الوسيلة ويعتبرها مسيئة للعلاقة ما بين الطالب والتلميذ والتي يجب أن تقوم على الود والاحترام لا العنف والخوف لا سيما وأن محاذير هذه الوسيلة قد تنعكس سلباً على نفسية الطالب وشخصيته بين زملائه.
ونحن إذ نعتبر أن الحالة المثالية التي يجب أن تسود العلاقة ما بين الطالب ومعلمه قائمة على المحبة والاحترام وبعيدة عن أشكال التعنيف فإننا ولا شك نؤيد القرارات الوزارية التي تمنع الضرب ونؤكد على استخدام الأساليب التربوية الحديثة التي تتدرج في أشكال العقوبات التي يمكنها على الطالب الذي يخرج عن قواعد التعامل السليم ما بين الطالب والمعلم من استدعاء لولي الأمر إلى تنبيه إلى تغيير بيئة الصف فالنقل إلى خارج المدرسة وغير ذلك التي تأتي تالية للوسائل التربوية الأخرى التي يمكن اتباعها مع الطالب المتمرد والتي يأتي دور المرشد الاجتماعي فيها في المقدمة وذلك لدراسة سلوك الطالب والظروف المحيطة به والأساليب والطرق التي يمكن من خلالها تقويم سلوكه دون اللجوء إلى الكي الذي هو آخر العلاج والذي تنص عليه القرارات الصادرة عن وزارة التربية.
وأما حول تأثير تلك القرارات على هيبة المعلم وتضييق أفق تعامله مع المشاكل التي تحدث خلال العملية التعليمية فهناك آراء مختلفة أيضاً حيث تبرز هنا الإمكانيات التي يتمتع بها المدرس سواء التعليمية منها أم الشخصية فالمعلم المتمكن من مادته قادر على ضبط صفه وتقويم أي اعوجاج بوسائله الخاصة التي تشد الطالب إليه وإلى درسه وإن كان ذلك الأمر له بعض الحالات الشاذة مع بعض الطلاب الذين لهم وضعهم الخاص والذي تزيد من صعوبته نظرة الأهل وتعاملهم مع أية مشكلة قد تحدث مع أبنائهم وهي النظرة التي اختلفت في هذه الأيام أيضاً فبعد أن كان ولي الأمر يقول للمعلم (لك اللحم ولنا العظم) بات بعض الأهالي ينظرون إلى كلام أبنائهم وكأنه منزل لا يطاله الخطأ ويعدون تربيتهم النموذج الذي يحتذى به متبنين موقف أولادهم ولو كانوا على خطأ وحجتهم دائماً عند حدوث أي موقف القرارات التربوية تمنع الضرب وسأشتكي وأوصل الأمر إلى أعلى المراجع محولين القضية إلى قضية شخصية ما بينهم وبين المعلم الذي باتت خياراته برأي البعض محدودة.
وفي مختلف الأحوال تبقى القرارات والوسائل التربوية هي الأجدر والأسلم وإن كان هناك من يرى بأن العصى يمكن أن تبقى على الرف للتلويح بها وبين مختلف هذه الآراء نؤكد على علاقة المحبة والود والاحترام التي يجب أن تبقى هي السائدة ما بين المعلم وطلابه وهي العلاقة التي نحرص أن تسود مدرستنا ونتمنى أن تسود كل مدارسنا وصولاً بأجيالنا إلى بر الأمان هذه الأجيال التي تشكل الأمل الذي سيبني مجد الوطن ويعيد ألق سورية إلى ما كانت عليه وأفضل وذلك في ظل اهتمام الدولة وحرصها على توفير كل الوسائل والأساليب التي ترتقي بالعملية التربوية إلى مستوى الطموح.

نعمان أصلان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار