عـــودة غـــائب

العـــــدد 9475

الإثنين 25 تشرين الثاني 2019

 

عاد وكأنه لم يعد، بعد ثلاث سنوات يعود الشهيد إلى تراب قريته، محفظة نقود ونظارات وبقايا عظام، تحاليل طبية أكدت خلاياه وجوده وآثاره.
يحكي رفيق سلاحه وخطواته والمعركة إصابته الشديدة، وحمله لمسافة لم يستطع معه, وبه المتابعة، يتركه في ذاك المكان، ويمضي.. هناك وجدت وبعد سنوات بقايا، وآثار..
عند القبر الجديد الذي ضم تراباً وعظاماً ومحفظة ونظارات طبية، تقف الأم وقد جف دمع ذرفته طوال السنوات المنصرمة تتأمل أن الخبر كاذب، وأن العودة قريبة..
لم تتوقع أن تحسدها جارتها في الحي الجنوبي من القرية، تلك التي قال لها مصدر رسمي استشهاد ابنها هناك في الرقة ولصعوبة الوضع يصعب سحب الرفاة، ولأنها ترفض موت الشاب الصغير المتحمس المقبل على الحياة بحب بقيت تنتظر طلته من أعلى الطريق المنحدر إلى البيت الحزين الذي ينتظر الفرح كأهله..
تحسد اليوم الأم التي دفنت قبضة من تراب وبقايا عظام، لانتهاء الأمل والعودة إلى واقع ترفضه الأمهات بالقلب، وتقبله بصمت العقل.
في الليل قبل النوم، يكبر الأمل بالحياة وتغتسل الوسادة بدموع العيون، وعند الصباح يردد العقل بصوت دفين: لن يعود.. اليوم يجتمع أهالي القرية، والقرى المجاورة لوداع الشهيد الذي عاد روحاً، وقبضة تراب، وعظاماً وكأنه اليوم يستشهد.
يشيد الشباب رفاقه بيت العزاء الكبير ليسع الجميع، ويعلو صوت شيخ القرية بقراءة القرآن، ويلف صمت الحداد الجبال وكل البيوت، وحده النصر على الأعداء يبلسم جراح الزمن، تقول الأم وهي تستقبل المعزين.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار