«التوسع العمراني لمدينة اللاذقية» في رسالة ماجستير

العدد: 9471

الثلاثاء: 19-11-2019

 

نوقشت في جامعة تشرين /كلية الهندسة المعمارية/ رسالة ماجستير /قسم تخطيط المدن/ لطالبة الدراسات العليا: (مرح علي مغرقونة) حملت عنوان: العوامل والآليات الحاكمة لتوسع المدن، حالة دراسية: التوسع العمراني لمدينة اللاذقية وذلك بإشراف الدكتور: سامي شيخ ديب.

وبعد انتهاء المناقشة تداولت لجنة الحكم المؤلفة من السادة: (الأستاذ الدكتور: صفوان العساف، والأستاذ المساعد الدكتور: ماهر لفاح، والدكتور المدرس: سامي شيخ ديب) وبموجب المداولة منحت المهندسة: مرح مغرقونة درجة الماجستير بتقدير امتياز وعلامة قدرها /86%/ ونظراً لأهمية البحث نسلط الضوء على أهم ما جاء فيه من معلومات وأفكار، تشهد معظم المدن توسعاً عمرانياً متسارعاً يتم في أغلب الأحيان بطريقة عفوية.
وقد ظهرت في محيط مدينة اللاذقية تجمعات عمرانية انتشرت ونمت بشكل عشوائي ومتسارع دون دراسة أو تنظيم على حساب الأراضي الزراعية، هذه التجمعات فرضت تحديات جديدة أمام الجهات المعنية والبلديات، فظهرت الحاجة إلى تنظيم هذا النمو وتوجيهه.
يتطرق البحث إلى مجموعة المفاهيم المتعلقة بالتوسع العمراني للمدن إضافة إلى النظريات الخاصة بالتوسع وآليات التحكم به مع تحليل هذه التجارب والمقارنة بينها، ثم استخلاص بعض الدروس التي يمكن الاستفادة منها في الدراسة التطبيقية بمدينة اللاذقية.
كما يتناول هذا البحث التوسع العمراني لمدينة اللاذقية من حيث دراسة الآليات الحالية المتبعة في توجيهه والتحكم به وتحليلها.
والعوامل المؤثرة في هذا التوسع، وذلك بهدف التوصل إلى تطوير المنهجية المتبعة في تحديد مناطق التوسع، بحيث تراعي كل العوامل المؤثرة فيه وتمكن من تحديد الاتجاهات المستقبلية المثلى للتوسع حتى سنة الهدف /2035/، وأكثر المناطق ملاءمة له، وتمكن من استخدام التقنيات الحديثة التي توفرها تكنولوجيا نظم المعلومات الجغرافية / GIS / وقد تبين من خلال الرصد والدراسة والتحليل وجود قصور في المنهجية المتبعة لتحديد مناطق التوسع العمراني المستقبلي للمدينة وتبين أيضاً: أن الاتجاه المستقبلي لهذا التوسع حتى العام /2035/ هو الاتجاه الشمالي والشمالي الشرقي مع وجود إمكانية للتوسع شرقاً.
وأكد البحث على ضرورة تطوير مراحل دراسة وتحديد آليات التوسع العمراني، واتباع منهجية تحليلية مكانية تراعي العوامل المؤثرة فيه.
أظهرت الدراسة: أنه يمكن الاستفادة من المناطق المنخفضة الكثافة التي يتم تعميرها عشوائياً على أطراف المدينة في التوسع باتباع سياسة التجديد الحضري، وهدم الأبنية القديمة واستبدالها بمبان حديثة.
من توصيات البحث:
التجديد الحضري للمناطق العشوائية والمناطق الشاغرة، والتي تؤمن استيعاب /80000/ نسمة من عدد السكان المستقبلي لمدينة اللاذقية حتى العام /2035/ واقتراح إقامة مشاريع إسكانية ضواح سكنية أحياء في قرى /سقوبين- سنجوان- بكسا- القنجرة- جناتا/ بكثافة وسطية /250 نسمة/ مع إجراء تعديلات على المعايير التخطيطية ونظام ضابطة البناء.
أيضاً اقتراح المناطق الملائمة للتوسع مع الحفاظ على الأراضي الزراعية عالية الخصوبة، وعلى المناطق الخضراء المحاذية للشريط الساحلي واستثماره سياحياً مع تحقيق التكامل مع المدينة.
وتعزيز التنمية الزراعية، وإيلاء أهمية خاصة لمناطق الزراعات الموسمية والخضار الباكورية المحمية، وبشكل خاص في المناطق القريبة من المدينة، والتي تؤمن الاحتياج اليومي للسكان مع شمول أغلب أجزاء المدينة بشبكات الري.
رفع كفاءة الجهاز الإداري والتنظيمي القائم على العملية التخطيطية، وتحديد مسؤولياته مع تشجيع اللا مركزية في اتخاذ القرار، وتحديث القوانين والتشريعات الخاصة بدراسة مناطق التوسع، ومنع البناء على الأراضي الزراعية الخصبة.

وإذا كان هناك بناء على الأراضي الزراعية الخصبة فلابد من تطبيق العقوبات في حق المخالفين مع إمكانية تعديل المعايير التخطيطية ونظام ضابطة البناء لقرى مدينة اللاذقية، وبالأخص قرى سقوبين والقنجرة وجناتا وسنجوان، ورفع الكثافة السكانية فيها لتصبح قادرة على استيعاب النمو السكاني المستقبلي للمدينة على المدى المتوسط. إضافة إلى ضرورة التقييم المرحلي لعملية التوسع مما يساعد على ضبط عملية التوسع والامتداد العمراني وتوجيهه بشكل سليم، والتأكيد على اعتماد سياسة التجديد الحضري لمنع الانتشار العمراني للمدينة على مختلف المستويات التخطيطية في المناطق المراد إعادة تأهيلها والمخالفة وفي مناطق التجمعات المقترحة للتوسع بحيث يحافظ على المساحات الخضراء في المدينة، وعلى الأراضي الزراعية المحيطة بالقرى المتاخمة. كذلك تحديث القوانين والتشريعات الخاصة بدراسة مناطق التوسع بحيث تصبح أكثر مرونة ومتماشية مع متطلبات النمو والامتداد العمراني، فالتوسع العمراني للمدن يأخذ أشكالاً وأنواعاً مختلفة بحيث تشكل كل مدينة حالة خاصة مالم تقابل محدداً يعيق استمرار توسيعها، وقد يكون طبيعياً ( أراضي زراعية خصبة، كثبان رملية، سبخات ..) أو فيزيائياً( مناطق أثرية، صناعية..) فتغير اتجاه توسعها وشكله. ومن هنا تأتي أهمية دراسة عوائق ومحددات التوسع العمراني وتحديدها مع الإمكانيات والفرص، وذلك للتوصل إلى إيجاد منافذ واتجاهات التوسع المستقبلي وضمان استمرار نمو المدينة وتوسعها بطريقة سليمة ومتجانسة. ويعد توسع المدينة خارج حدودها الإدارية الأساس في ضياع الأراضي الزراعية، ومن الظواهر التي صاحبت هذا التوسع اندماج الوحدات الريفية الواقعة على أطراف المدينة في النسيج العمراني للمدينة. إذ يرتبط هذا التوسع العمراني بديموغرافية السكان وانتقال سكان الأرياف إلى المدن، وزيادة استهلاك المجال العمراني، والذي يعد المجال السكني أهم مكون فيه. كما يترتب على التوسع العمراني للمدن إيجابيات وسلبيات حسب خصوصية كلّ مدينة من حيث الموقع والمناخ، ومن أبرز سلبياته استهلاك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وخلق حالة من عدم التوازن والاختلال المجالي بين الريف والمدينة، ومن إيجابياته: الاستفادة من الأراضي الفضاء منخفضة القيمة الزراعية، وتحديد آلية التوسع وترشيدها. من جهة أخرى: عملت كل تجربة من تجارب التوسع العمراني على إيجاد حلول مثلى للتوسع، واتباع آليات معينة تتناسب والإمكانيات المتاحة مع مراعاة العوامل والمحددات المختلفة، فتعددت الحلول والإجراءات منها: إقامة مناطق توسع جديدة مع إعادة هيكلة وتكثيف بعض الأنسجة القديمة، التوسع إلى الولايات القريبة المجاورة، التوسع الشعاعي على امتداد طرق المواصلات الرئيسة، التوسع في المناطق الجبلية ذات الكثافة السكانية المنخفضة، اعتماد السكن الزراعي خارج حدود المخططات التنظيمية. تجدر الإشارة إلى أن التجارب المدروسة للتوسع العمراني تشترك كلها بنقاط عدة منها: استخدام الأدوات البحثية نفسها، واتباع الخطوات نفسها في التوصل إلى عدد السكان المستقبلي، حساب مساحة التوسع اللازمة ودراسة العوامل المؤثرة في التوسع العمراني وتحليلها. إلا أن قصور المنهجية المتبعة لتحديد آليات التوسع العمراني لمدينة اللاذقية والاستراتيجيات العامة والأولويات المهمة المتعلقة بالتوسع، بالإضافة إلى محدودية الإمكانيات الفنية والإدارية، والاعتماد على مخططات وبيانات قديمة وغير مستحدثة أدى إلى اختيار مناطق غير مناسبة للتوسع، ولا تلبي احتياجات المدينة. تشكل الأراضي الزراعية المحيطة بمدينة اللاذقية المحدد الأكبر لتوسعها حيث يعد الحفاظ على الأراضي عالية الخصوبة من الأولويات الهامة في التوسع كونها مدينة زراعية بالدرجة الأولى. ومن هنا تأتي أهمية تصنيف الأراضي المحيطة بالمدينة، وتحديد المناطق التي يمكن التوسع عليها يتم التحكم بالتوسع العمراني عبر ثلاث مراحل: توفير الأراضي اللازمة لعمليات التوسع المستقبلية، والبحث عن الوسائل اللازمة لتوجيه استعمال الأرض وتخصيص الأرض الموجهة للتعمير المستقبلي طبقاً لما تمليه وثائق التعمير والمخططات وفق القوانين والتشريعات العمرانية السارية المفعول، ومن ثم دراسة المناطق السكنية وتوزيعها.
وبقي للقول :
أبرمت بلدية اللاذقية عام /1951/ عقداً مع المهندس المعماري: نشأت شحادة من حلب لوضع مخطط عمراني للمدينة، وبذلك تم إعداد أول مخطط تنظيمي لمدينة اللاذقية، وكانت مساحة المدينة حوالي /200/ هكتار، ثم تم تطويره عام /1964/ بهدف استيعاب /200/ ألف نسمة وأصدرت البلدية حينها قرارات لتوسع المدينة وامتدادها، ووضع حدود إدارية لها قسمت المدينة إلى مناطق عمرانية. في عام /1976/ تم وضع مخطط تنظيمي جديد من قبل جماعة المهندسين الاستشاريين العرب على أساس دراسات تحليلية لمستقبل المدينة، إذ كانت المنطقة السكنية المعمورة آنذاك تضم /217500/ نسمة بمساحة معمورة /656/ هكتاراً، وفي عام /1984/ تم التصديق على المخطط التنظيمي الجديد للمدينة وبمساحة /3118/ هكتاراً. ثم أخذت المدينة في الانتشار شمالاً وشرقاً حتى أصبحت تمتد على مساحة /4348/ هكتاراً للعام /1991/ ومازال حتى الآن العمل وفق هذا المخطط، ولم يتم خلال السنوات تطوير وتصديق على مخطط تنظيمي جديد، وقد تم خلال هذه الفترة تجمعات عشوائية عدة محيطة بالمدينة وملاصقة لها وخاصة في الضواحي الملاصقة مثل حي المنتزه، الحمام- دعتوربسنادا- دعتور دمسرخو ووصل التوسع شرقاً حتى الحافة اليمنى لنهر الكبير الشمالي عند جامعة تشرين. ووضع مخطط عام /2001/ لكنه لم يلق النجاح بل انعكس سلباً على المدينة وقابله مجموعة من الاعتراضات، وكانت نسبة /23%/ منها حول مناطق توسع مدينة اللاذقية. لذلك هناك حاجة ماسة وملحة للاهتمام بموضوع التوسع العمراني لعروسة الساحل السوري مع الأخذ بعين الاعتبار التزايد السكاني الضخم لمدينة اللاذقية.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار