العدد: 9467
الأربعاء:13-11-2019
هي معادلة بسيطة تماماً ومختصرة بكلمتين (ارتفع الدولار)، كل شيء بكل المعاني أصبح خاضعاً لسلطة هذا (الملعون) من بسكوتة الأطفال وحتى قطع غيار السيارات، هو يرتفع والأسعار تطير محلقة في السماء السابعة كما يقول صديقي المرح، فجأة ودون رنة واحدة من جرس الإنذار تصبح (القمامة) مرتبطة به، وكي لا تظنوا بأننا نمزح سنروي لكم حادثة بطلها أحد الشرفاء الكادحين ممن يعتاشون على فرز القمامة وبيع ما يمكن تدويره كالبلاستيك والورق والزجاج ومواد أخرى لا علم لنا بها، كان يأتي مرة كل صباح لأحد تجمعات القمامة في منطقة سكننا وصار يأتي مرتين مضيفاً مروراً مسائياً أيضاً، سلمت عليه وسألته عن سبب ذلك وضحكت حين قال لي أن الدولار ارتفع ظناً مني أنه يمزح ولكني صعقت تماماً حين شرح لي أن بعض المواد يزداد سعرها مع (الملعون) والسرعة مطلوبة للبيع بالسعر الأعلى، هكذا وبكل بساطة شرح لي وعلى وجهي مالا يمكن تفسيره على هذه الأرض من مستويات الدهشة، سرحت بأفكاري ولم أستطع ضبط نفسي عن كم الشتائم التي أطلقتها على التجار الذين يشترون بدولار مدعوم من المصرف المركزي ويبيعونك حسب نشرة صرف خارجية تتلاعب بقوتنا يصدرها أقذر المواقع الالكترونية المدعومة من أعداء هذا الشعب ليكونوا هم أيضاً أعداء داخليين أشد قسوة ونكراناً لهذا الوطن، لكني وبعد قليل توقفت عن كيل السباب على التجار وليس بداعي (العيب) أبداً بل لأني وكأي مواطن وبقليل جداً من التفكير الذي سيقودك إلى الجهة التي ( لا) تستحق السباب أبداً ونهائياً وقطعياً، الجهة التي تقف صامتة جامدة وكأنها ليست هنا ولا تمت لهذا الواقع بصلة (التموين وحماية المستهلك)، والأغرب حين تدعي العمل وتصدر بعض البيانات الهزيلة عن عدد الضبوط التي نظمتها بحق بائعي البسطات والدكاكين وبعض الورش في المناطق النائية وكأنهم هم السبب في هذا التهتك الشديد بالمنظومة السعرية التي تسحق المواطن الذي يشتهي لا بل صار حلماً يراوده أن يرى اسما تم ضبطه لتاجر حقيقي من آلاف التجار معروفي الاسم الذين اغتنوا أثناء هذه الأزمة على حساب هذا المواطن الصامد، مواطن لا يعرف شكل الدولار ولم يره في حياته ربما ولا يهمه تلك المؤشرات المتعلقة به صعوداً وهبوطاً بقدر ما يرتجي الأمل من هذه الجهة أن تقوم بأبسط ما يمكن من واجبها في منع الارتفاع الأسطوري لعلبة (متة) ارتفعت بغضون يومين من 425 ليرة إلى 550 ليرة أو كيلو سكر ارتفع من 325 ليرة إلى 400 ليرة أو حتى (قنينة) زيت ضربت كل مقاييس الدنيا بارتفاع 300 ليرة زيادة عن السعر الأصلي فأين حضراتهم؟ وكي نكون منصفين فإن ضعف الرقابة التموينية وقصص فشلها المذري ضاربة على مساحة الوطن ككل ولكن طرطوس تنفرد باستثناء مشع يطغى على جميع المحافظات كما بدا جلياً أثناء رحلة عودتنا من دمشق مروراً بحمص إلى طرطوس التي تميزت بالارتفاع الأشد بينهما على الإطلاق، طرطوس التي بح صوت ناسها وهي تصيح عن الانفلات الخارق في أسعارها والتجاوزات المرعبة في أسواقها تحت ظل رقابة تموينية عجزت عن ضبط أشد المواضيع حساسية كجودة الخبز والتلاعب بعدادات (الكازيات) ومزاجية أجور النقل واكتفت بمجرد حملات دعائية لم تقترب حتى من التجار الكبار أسياد الاحتكارات وأصحاب المخالفات الحقيقية بينما بقيت أغلب الشكاوى حبيسة أدراج مديرية التموين الحالية دون معالجة جدية وكأنها غير معنية بالموضوع وأكبر من أن ترد على كل الأقلام الصحفية التي تناولت قضية رقابتها الهشة رغم أن المطلوب منها أقل بكثير من أن تكون (فوق العادية) في هذه الظروف بل أن تطبق القانون على المخالف الحقيقي وليس الضعيف فقط كي تنصف هذا المواطن.
كنان وقاف