العـــــدد 9465
الإثنين 11 تشرين الثاني 2019
نكتب، ونكتب عن الفساد، وكأننا لم نكتب! كل ما حدث أن جهات كثيرة تنظر إلى ما يكتب بعدم الارتياح، وثمة من يستخف بما يكتب، ويمر الوقت، وتصير كلماتنا موجوعة بقسوة انتظار جهة ما تتشابك أصابعها مع كتاباتنا لتكنيس الفساد.
هذا الوطن الطيب، وهذا المواطن الطيب، كل منهما يهمس في أرواحنا بقوة الأمل، لولا ذلك الهمس المعجون بالأمل والإيمان لما بقينا نكتب، الكلام خارج الأمل يصير لغواً.
***
نحن لا ننتقد المسؤول في موقع مهم أو غير مهم، وإنما ننتقد الطرق السائدة في التعامل مع الفساد، منذ سنوات والفساد يكبر، ويتقدم، وأساليب محاربة الفساد لم تتغير، ما يجب أن يكون لا يحدث، نعرف أن للفاسدين أظافر وأنياباً حادة كأنياب وأظافر الضباع، ولكنك الصيّاد المكلّف بإطلاق نار بندقيته على الضباع، لم تطلق النار.
***
لنتحدث عن وجعنا اليومي، الخبز منذ سنوات يباع بالربطة، والربطة بنصف الوزن الحقيقي، والرغيف فيها نصف رغيف، واللبن خال من خيره كما يقولون، ووزن علبة اللبن يتناقص، قد نصل يوماً إلى نصف الوزن وإلى نصف لبن.
كنت في مكان سياحي، اشتريت علبة من اللبن، وعلى وجه اللبن طبقة أشبه بالجلاتين، ذكرني المشهد بلبن أيام زمان عندما كانت طنجرة اللبن كقرص الجبن، وعندما تناولت اللبن لم أستطع المتابعة، كان اللبن مجرد لبن في الشكل.
***
ما الذي بقي على حاله ولم تصل إليه براعة الفساد، وزن الفروج، أم الفروج الميت الذي يباع للشاورما، ليت محبي الشاورما يتفرجون على عمود اللحم وصانع الشاورما كيف يعده. الفاسدون بارعون في هندسة الفساد، وفي صنع دوائر الصمت على فسادهم.
***
تعطّلت سيارتي في وسط الطريق، قال لي ميكانيك السيارات (طرنبة البنزين)، دفعنا خمسين ألفاً، واعتقدنا أن الأمر انتهى، وبعد يومين توقفت السيارة، قال ميكانيكي آخر إنها (طرنبة البنزين) كان عليّ أن أصدق لأن جهات حماية المستهلك قالت إن أعطال السيارات ميكانيكية، قال لي صديق: أنصحك بالتوجه إلى ميكانيكي أعرفه، هناك وجدنا العجب العجاب. كان في (خزان البنزين)، وفي فالات البنزين ترسبات ووحول، ألا يكفي ما يأخذه بعض أصحاب محطات الوقود بعدادات كاذبة؟!
ملاحظة:
وأظل أقنع نفسي بما قاله أرسطو (المعلم الأول): إن النطق هو العلامة الفارقة للتمييز بين الانسان والحيوان.
ولكن ما يجري أيها العاملون في حقل الكلمات، يجعل النطق أمراً موجعاً لصاحبه.
سليم عبود