متاهات سـوق الهـال..فوضى وسوء التنظيم تعجان المكان.. وشمــاعة العرض والطلب هي الحـــكم ســلة من الاتهامــــات وجـّهت لبلديـــة اللاذقيـــة.. والبلديـــة تــــرد أصحاب محلات: لجنة تسيير الأعمال لا دور لها.. واللجنـــة تستهجن
العـــــدد 9464
الخميـــس 7 تشرين الثاني 2019
حالة من الفوضى ونظرة استغراب تعتلي محياك منذ اللحظات الأولى لدخولك سوق الهال الجديد والذي ما بات جديداً، فمعالم الطرق تشوهت بالحفريات والنفايات، وأعمدة الكهرباء غابت عنها الأنوار وثقافة الإهمال والاتكال تستشرى بين أصحاب المحلات وفي النهاية كل الأطراف مشاركة بما ينضح به سوق الهال اليوم.
فهل يلعب سوق الهال دوره الحيوي كقطاع مساند لعمل الحكومة في تأمين المواد في ظل سياسات غير منظمة وتعدد حلقات الوساطة والتي تتحكم بوضع الأسعار في ظل رقابة غائبة، والاعتماد على شعار العرض والطلب ومزاجية بعض الحيتان وعدم معرفة الكميات الداخلة ولا الخارجة من سوق الهال.
وفي ظل ما سبق أمست عملية تنظيم أسواق الهال حاجة ملحة يفرضها الواقع وقد تمت مناقشة المسودة الأولية لمشروع تنظيم أسواق الهال من قبل لجنة متابعة السياسات والبرامج الاقتصادية في مجلس الوزراء وتفعيل دورها كأداة تساعد على استمرارية تدفق المواد إلى السوق المحلية بالجودة والأسعار المناسبة، فهل واقع الحال في سوق هال اللاذقية قادر على استقبال هذه المشاريع في ظل غياب أهم مقومات الخدمة فيه وضياع (الطاسة)…. نأمل الأفضل دائماً.
بدأت رحلتنا في سوق الهال مع بعض المزارعين في إحدى الساحات لا على التعيين وطبعاً لا ننكر ما يكتنف سوق الهال من تجاوزات بالرغم من وجود قوانين وأسس وضوابط تسمح لتاجر الجملة أن يتقاضى عمولة 7% فقط، ما عدا ذلك فهو غير قانوني وللعلم كان هناك عدد بسيط من المزارعين خلال الوقت الذي تجولنا فيه.
وبداية تحدثنا مع المزارع جودت عبد الرازق الذي قال: هناك نظرة شاملة لكثير من تجار السوق والسماسرة التي تؤكد على أنهم بعيدون كل البعد عن الخسارة كونهم يعرفون كيفية تحصيل الأرباح بطرق متعددة مؤكداً بأن الرقابة من قبل الجهات المعنية لضبط التجاوزات معدومة وبالتالي فإن تحديد الأسعار تقع على عاتق تاجر الجملة فهو المتحكم الأول لأي صنف من الأصناف الزراعية.
وأيضاً استفاض المزارع عبد الحميد محمود بشرحه حول المعاناة اليومية مع أسواق الهال في المحافظة سواء في اللاذقية أو جبلة فقد حدثنا عن معاناته مع قيمة المصاريف الباهظة التي يتكبدها خلال الدورة الزراعية حتى يصل الإنتاج ليقوم ببيعه قائلاً: نحن نعمل ونشقى طيلة العام حتى يأتي التاجر لأخذ محصولنا كاملاً ويحقق أرباحاً باهظة، وتابع: إن أسعار السماد والمازوت والحراثة والأيدي العاملة مرتفعة جداً وكذلك الكمسيون والنقل، فحقيقة العملية الزراعية مكلفة ولا توجد آلية لتحديد السعر سوى قانون العرض والطلب، فالأسعار التي نتقاضاها لا تحقق لنا ربحاً بقدر تعبنا.
وبدوره حدثنا المزارع فهيم عبيد قال: من المتعارف عليه أن المزارع هو الحلقة الأضعف في السلسلة التجارية لأننا لا نحصل إلا على نسب قليلة من الأرباح فتعبنا خلال موسم كامل مع ما نتكبده من مصاريف وخسارة وصرف أموال وجهد لا يعادل ما يحصل عليه تاجر أو سمسار في سوق الهال فهو يجلس وراء مكتبه ويتحكم بسعر المنتج الزراعي بحجة قانون العرض والطلب في سوق الهال فمثلاً عندما نبيع أي منتج زراعي بسعر 100 ليرة نلحظه بسوق المفرق بـ 400 ليرة فهنا التاجر يحصل على أضعاف مضاعفة من الأموال والتي لا يحصل عليها الفلاح إلا بنسب قليلة.
ومن جهته يقول المزارع موفق زيدان: يواجه تسويق الحمضيات صعوبات كبيرة نظراً لتدني سعره فبالرغم من نوعيته الجيدة والمرغوبة للتصدير لكن نحن دائماً وعلى مدار سنين سابقة نصطدم بتدني السعر وفرض التجار الأسعار التي يريدونها كما أننا نتعرض لابتزاز السماسرة والوسطاء الذين يستجرون الإنتاج، فالعملية الزراعية أثقلت كاهلنا بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والظروف الجوية وما تبعها من التزامات مادية، وأيضاً نضطر أحياناً لركن البضاعة ليوم أو اثنين مما يضطرنا لبيع محصولنا بأبخس الأثمان فهذا السوق جعلنا نقع تحت رحمة التجار والسماسرة و(الشقيعة) الذين يكسرون الأسعار بشكل يومي ولكن عند بيعها لتجار نصف الجملة فإنهم يتحكمون بالسعر بعرضهم السعر الذي يناسبهم.
شماعة العرض
والطلب متحكمان بالبيع
حركة مستمرة يشهدها سوق الهال ليلاً ونهاراً شاحنات تفرغ حمولتها وأخرى تخرج معبأة من السوق حيث تكون عملية متبادلة مع كافة المحافظات نتاجها من خيرات الوطن بسواعد الفلاحين والمزارعين لتصل إلى التاجر الرئيسي والمفرق، ففي جولتنا لاحظنا بأن السوق يقود نفسه بنفسه بقليل من الضبط وبالرغم من قيام بعض الجهات المعنية بدورها إلا أنها ما زالت بحاجة إلى الكثير من العناصر والآليات للقيام بواجبها على أكمل وجه.
وبتسليط الضوء على بعض أصحاب المحلات ضمن السوق، في هذا المجال نوه عز الدين حريمة صاحب محل إلى أنه لا أحد يستطيع تحديد الأسعار فهي عرضة لكثرة الطلب أو قلته، حيث ترتفع الأسعار إذا قلت الكميات المعروضة للبيع وتنخفض إذا وجدت بكثرة، حيث معظم المزارعين يوردون منتجاتهم الزراعية إلى سوق الهال في وقت واحد، ومما لاشك فيه أنه وعند كثرة العرض تنخفض الأسعار تلقائياً، فالأسعار غير ملزمة للتاجر الذي يحكمه السوق، كما أن النشرة لا تحدد سعر الشراء من المنتج، وعن خدمات السوق نوه إلى نقص العناصر الخاصة بالنظافة كما أن رسم القبان ارتفع إلى 300 ليرة، أما بالنسبة إلى لجنة تسير السوق فليس لها أي دور في آلية وعمل السوق.
وبمتابعة مزيداً من الآراء تحدثنا مع أحد المواطنين مازن شيخ علي، تاجر مفرق، فقال: المستهلك يشكو بشكل دائم من ارتفاع الأسعار وأنه يخسر في بعض المنتجات الزراعية التي يشتريها من سوق الهال لأن المزارع أحياناً يغش بتلك المنتجات حيث نجد في واجهة الصندوق (العبوة) من أفضل الأنواع بينما في أسفل الصندوق نجد ثماراً لا يمكن بيعها لأنها غير صالحة ولا يمكن أن يشتريها المستهلك، وأكد أن الذي يجني الأرباح وهو جالس خلف مكتبة هو تاجر الجملة والكمسيون في سوق الهال، وأن الأسعار نظامية ودوريات الرقابة تأتي بشكل يومي للتأكد من لائحة الأسعار، وتابع: المستهلك يريد أفضل المواد وبأرخص الأسعار، فكل شيء ينادونه باسمه هناك الجيد وهناك السيء وكل له سعره الخاص به.
حسان الصوا صاحب محل ضمن السوق قال: الخدمات ضمن السوق سيئة والنظافة معدومة والطرقات بحاجة إلى صيانة، بالإضافة إلى وجود الكثير من الشاحنات التي تقوم بالمبيت داخل السوق مما يؤدي إلى خلق مشكلات سلبية جراء ذلك، سوق الهال بحاجة إلى أسس وضوابط حقيقية مع تنظيمه تنظيماً قانونياً، فنحن ملتزمون بدفع كافة الرسوم والضرائب المترتبة علينا على كافة الجهات العامة لكن هناك تقصيراً حقيقياً في تقديم الخدمات وتنظيم السوق ونتساءل هناك خمسون عاملاً أين هم؟
وقال ناصر ساتيك مستأجر محل إن ما يقع على عاتق الجهات المعنية هو إيجاد دراسة وخطط تنظيمية لآليات عمل هذا السوق الهام في المحافظة، كما لابد من تنظيم بعض المحلات لأنه لا يمكن وضع محلات في قلب السوق مما يعيق حركة النقل والتنقل، ونحن نعاني من مشكلة التحميل والتفريغ حيث تلحق بالمنتج الزراعي أموال إضافية مما يؤدي إلى رفع سعرها، ارتفاع أسعار أجور النقل واليد العاملة وكافة مستلزمات عملية البيع والشراء في السوق.
وأضاف: كثرة العرض وقلة الطلب وضعف القوة الشرائية أدى إلى تدني سعر بعض المحاصيل الزراعية كالحمضيات، ففي هذه الأيام لا يوجد حركة من البيع والشراء.
الحلقة المفقودة عند بائع المفرق
بعض أصحاب المحلات يقولون لا دور للجنة تسير أعمال سوق الهال وفي الرد يقول غسان خير رئيس لجنة تسير الأعمال: مهمتنا نقل هم أهل السوق للجهات المعنية وحل كافة المشاكل التي تطرأ في السوق بشكل عملي وتعليم أصول المهنة لمن يحتاج ولكن للأسف في سوق الهال ثقافة النظافة صفر ولا وجود لها وكل شخص يريد عامل نظافة ومهندساً أمام محله، وبالعموم ستتم إعادة تأهيل الطرق في سوق الهال خلال عشرة أيام قادمة كما ستتم إعادة تأهيل وإنشاء بنى تحتية للشريط الأخضر لاستعماله كساحة تحميل مساعدة للساحة الأولى.
وحول واقع التجارة والبيع والشراء بين المزارع والوسيط والمفرق فبيّن (خير) أن الحلقة المفقودة نجدها عند بائع المفرق إذ يوجد العديد من البنود التي يضيفها على كلفتها الحقيقية من كيس النايلون إلى أجور النقل وصولاً إلى الصحة والتموين وكلها مصاريف تضاف على كلفته ويدفعها المستهلك فاتهام التاجر الوسيط غير مبرر أبداُ والمزارع ليس مظلوماً ونأمل من الإخوة المزارعين عدم قطاف الحمضيات قبل النضج كون ذلك يؤثر على أسعارها كما يعّد موسم الحمضيات هذا العام أفضل من السنوات الماضية.
إشغالات سوق الهال لذوي الشهداء
العديد من الاتهامات كيلت إلى بلدية اللاذقية في تقاعسها بتأمين أبسط الخدمات الموكلة إليها في السوق فماذا كان في جعبتها؟
م. ميلاد أحمد رئيس مركز خدمات سوق الهال الجديد رد على اتهامات بعض أصحاب المحلات بوجود إشغالات مخالفة في السوق قائلاً: لا توجد إشغالات في سوق الهال إلا لذوي الشهداء والجرحى والمعاقين حيث تم منح 23 رخصة إشغال وفق الثبوتيات والمتضمنة وثيقة استشهاد وتعهد عند كاتب العدل وبراءة ذمة من البلدية ورخصة إشغال أملاك عامة ويتم منحه مساحة حسب الطلب.
لا إمكانيات
وعن التقصير في الخدمات المقدمة قال أحمد: التزفيت والإنارة تحلُّ تدريجياً ولكن الأهم اليوم هو تأمين الآليات والعمال وقد قمنا بدورنا برفع العديد من الكتب إلى مجلس مدينة اللاذقية وطالبنا بمدنا بالآليات والعمال وحتى الإنارة ولكن الجواب كان دائماً لا إمكانيات حالياً فما الحل؟
الكتاب رقم 34573 تاريخ 20/12/2018 نطالب بالأمور التي تحتاج لمعالجة في سوق الهال وتم رفع الكتاب رقم 1976 تاريخ 28/7/2019 طلب تزفيت وتركيب أجهزة إنارة والكتاب رقم 20101 بتاريخ 28/7/2019 تأمين سيارة قمامة وعمال نظافة إضافة للعديد من المذكرات.
ورغم قلة الإمكانيات فالترحيل يتم يومياً فقد تم ترحيل خلال عشرة أيام 220 متراً مكعباً من النفايات، والبعض يتكلم عن (التفييش) لعدد من العمال ولكن نحن نعاني من نقص شديد في عدد العمال فعددهم (اثنان) فقط وهما غير مؤهلين للعمل من الناحية الصحية والسوق يحتاج فعلياً لأضعاف هذا العدد، ولا تتوفر آليات للنظافة (شاحنة وبيك آب و تركس صغير) بحالة فنية جيدة للعمل ضمن السوق علماً أن الشاحنة متوقفة عن العمل (منسقة) منذ تاريخ 23/6/2019 علماً أن البيك آب متوقف بسبب تنزيل المحرك منذ تاريخ 27-7-2019 ويعتمد المركز في ترحيل القمامة على آليات مركز خدمات المنطقة الصناعية والتي تصل إلى السوق في نهاية الدوام الرسمي بعد إنجاز عملها في المنطقة الصناعية الأمر الذي ينعكس سلباً على جودة ونوعية العمل، كما يحتاج السوق إلى أكثر من 20 حاوية والعدد الموجود حالياً ست حاويات فقط وقد رفعنا هذه المطالب إلى السيد محافظ اللاذقية، وخلال عام 2019 تم إجراء صيانة لشبكة الصرف الصحي بالتعاون مع شركة الصرف الصحي باللاذقية وتم رصف الحفر الكبيرة الموجودة ضمن السوق التي تسببت بها الأوزان الكبيرة للشاحنات وتم إجراء صيانة لعدد من أجهزة الإنارة الموجودة ضمن السوق على أن تستكمل الصيانة اللازمة في الإيام القادمة.
تغريد زيود – بثينة منى