الطابــور الخامس

العدد: 9458

الأربعاء :30-10-2019

الطابور الخامس هو مصطلح سياسي اجتماعيّ، متداول منذ ثلاثينيات القرن الماضي، خلال الحرب الأهلية الإسبانية، التي استمرت ثلاث سنوات، وكان قائد قواتها الوطنية قد جهز أربعة طوابير من الثوار للهجوم على مدينة مدريد، وقد أعلن أن هناك طابوراً خامساً يعمل مع الوطنيين ضد الحكومة للزج به في المعارك عند الحاجة، وبعدها ترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس في الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.

ويقال أيضاً: إن تسمية الطابور الخامس ظهرت إبان الحرب العالمية الثانية من قبل المعسكر الألماني النازي، لأن الألمان كانوا يوظفون الكثير من العملاء والجواسيس في دول التحالف، وتتبع جنسياتهم للدول المراد التجسس عليها، أي من المواطنين الأصليين للبلد المستهدف.
ومع مرور الزمن تطور مفهوم الطابور الخامس عند البشر، كالاعتماد على الجواسيس في الحروب، ثم اتسع ليشمل مروجي الإشاعات، والحروب النفسية حتى أصبح يشمل مسؤولين وصحفيين، وبعض من يزعمون أنهم مثقفون، وصار عبارة عن قاموس التآمر والمكيدة، بدلالة وجود عملاء محليين، وعملاء سريين غير معروفين، يشتركون في مؤامرة تدار من الخارج، ويشكلون سندها المحلي وقوتها المتحفزة في انتظار الإذن بالتحرك لتنفيذ ما خطط لهم.
انتشر هذا المصطلح، وغدا كلمة رائجة في الصحف والخطب السياسية، على هيئة تهمة جاهزة لتشويه صورة بعض الأطراف خاصة في أنظمة الحكم الاستبدادي، وقد استخدم المصطلح في الحروب والنزاعات كمساعد على حسم المعارك، بدءاً من إثارة الرعب والفزع لإثارة الشغب وإشاعة الفوضى، ونشر الشائعات، مما يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية ويساهم في انهيار معنويات الخصوم.
أما في أيامنا هذه فأصبح الطابور الخامس للاتهام العشوائي، يوجه ضد أي تيار مختلف مع التيار الآخر وصار يتردد على ألسنة بعض الإعلاميين، بواسطة وسائل إعلام خاصة متعددة وملتزمة بخطوطهم العريضة مقابل مردود مادي كبير جداً تدفعه لهم قوى الشر والاستعمار من أجل تحقيق مخططات وضعت لتفكيك ونهب وتدمير أنظمة سياسية واقتصادية لدول بعينها.

حسن علّان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار