حصادكم في فراغكم.. فأنتم الفائزون

العدد: 9455

الأحد: 27-10-2019

 

تسوق الرياح إلينا غيوماً محمّلة بقطرات تسدّ رمق أرض عطشى وتسدّ جوع فقير، وتملأ بطون أشبعت وأتخمت ثم تذهب لتغذي الينابيع والأنهار لينتهي بها المطاف في برزخ قبل التقائها بالبحار وعندما تفرغ الغيوم من إرسال هداياها تعود فتمتلىء بقطرات الخير لتكرر السيناريو في رحلة أبدية هي دورة المياه في الطبيعية.
قام الإنسان بصناعة المدخرات ليحرّك بها آلاته ومصانعه التي تنتج الغذاء والدواء وبعضها ينتج السلاح وآلات القتل والدمار لكن ما إن تفرغ المدخرات من طاقتها حتى تتوقف الآلات عن العمل فتصبح بلا فائدة ولا نفع ..
فإذا تناولنا الإنسان ماذا يدّخر وكيف يفرّغ مدخراته …؟ فإنّ الحديث سيقودنا إلى رحلة مع الزمن وصراع مع الأيام فهذا يقول ادخر قرشك الأبيض ليومك الأسود وهو يعرف أنّه سيسأل عن ماله من أين كسبه وكيف انفقه، وعن علمه وعن شبابه قبل هرمه وصحته قبل سقمه .
هناك قول عظيم لإمام عظيم يلّخص الرحلة (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) فما أتقى أنقى أن يغني المرء عمره في توزيع ما اذخره من علم ومعرفة وأدب وقيم وأخلاق فيكون له ولد صالح يدعو له ويكون له علم نافع ينتفع به الآخرون ويكون له صدقات جارية في مسالك الفضيلة والتآخي في الإنسانية .
إنّه عالم الطين الذي يجب أن نودّعه وفق قانون الارتداد، فالخير الذي تزرعه سيرتد إليك (عاملوا الناس معاملة إن متم بها بكوا عليكم وإن غبتم حنّوا إليكم).
يوجد لدى كلّ منا في ذاكرته أشخاص تدمع العين لذاكرهم وينطلق اللسان ليترحم عليهم اليوم ونحن نزرع ونزرع وننتظر الحصاد، ونحن نجمع ونجمع وندّخر لننتظر العون يجب أن نفكرّ بالعطاء وكيف نفرغ ما جمعناه حتى ننزل إلى آخر مستقر لنا فارغين من جميع مدخراتنا المادية والمعنوية والقيمية والأخلاقية.
لنزرع في نفوس الأجيال الثقة والمحبة والتآخي والتسامح ويأتي الشهيد ليتربع عرش الزارعين وعرش الواثقين بنهاية الطريق نعم الشهداء هم الذين أفرغوا كل القيم والنبل والكرم في ضمائرنا، وأصبحوا منارات من الطمأنينة والرضى فطوبى لهم زرعهم وحصادهم وفوزهم ومبارك لنا ما أفرغوه في ذاكرة الوطن وعهداً منا مع بشائر النصر أننا لن ننسى دماءكم الطاهرة وسنسير على خطاكم .

 باسم ابراهيم شرمك

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار