حرائق جبلة.. مساحات كبيرة وقصص بطولة ..البلاغات الكاذبـــة تحمـّل «الإطفاء» أعبـــاء زائـــدة ووعـــي المواطن على المحــــك!

العدد: 9452

الثلاثاء: 22-10-2019

 

لعبت الطبيعة لعبتها بالهواء الشرقي الجاف ذي الحركة النشطة وانخفاض نسبة الرطوبة والإهمال واللا مسؤولية مع الفاعل المجهول الذي كثرت التأويلات حوله. هل هي الصدفة المحضة أم الماس الكهربائي أم فاعل جاهل أم فاعل متعمد لحاجة في نفسه؟؟.. وهذا سنتركه للمخافر والضبوط التي سطرت وتقارير الخبرة ونتمنى أن تأتي هذه المرة بنتيجة خلافاً لكل الحالات المماثلة السابقة التي حدثت ولم يعرف فاعلها فسجلت ضد مجهول…
ونعود لنقول بحرقة وحزن، هكذا وبلمح البصر تشتعل غابة أو حقل أو حرش لتخلف كارثة بيئية طبيعية واقتصادية لم تسلم منها حتى الحيوانات التي خسرت أوكارها ومآويها وأعشاشها فجفلت وهربت، ليبقى الجمر والدخان يحرق القلوب ويخنق الصدور.
في ظل هذا الواقع المأساوي الذي حل خلال الأيام السابقة من انتشار الحرائق في كل قرية ومزرعة وغابة وحقل، حاولنا قدر المستطاع استطلاع آراء جميع من قدرنا على التواصل معهم من جهات عامة ومواطنين للوقوف على الأضرار والخسائر وآلية عمل لجان الإطفاء وتصرف الأهالي فكانت بداية لقائنا في وحدة إطفاء جبلة، حيث التقينا العقيد محسن كناني رئيس وحدة إطفاء جبلة مع المجموعة التي كانت مناوبة وكان يفترض أنهم نيام لأنهم عملوا لأكثر من 36 ساعة متواصلة وعندما سألناهم عن المناوبات ضحكوا: (مناوبات… كل عناصر الوحدة، مناوب وغير مناوب، كلنا كنا نعمل) حيث قال العقيد كناني رئيس الوحدة إنه في وحدة إطفاء جبلة حوالى 33 عنصراً، منهم سائقون وهم يعملون على شكل مناوبات ثلاث ورديات وبوقت من الأوقات وخلال نصف ساعة أبلغنا عن خمسة حرائق فكيف التصرف؟ لكن الحمد لله قدرنا وبمساعدة النقاط المنتشرة في زاما والدالية وبمساعدة الزراعة أن نلبي المناشدات ونكون عند الطلب وعند الاستجابة، علماً أننا نعاني من قلة عدد العناصر واتساع المساحة التي نغطيها كوحدة إطفاء والتي تبلغ 22 كيلومتراً مربعاً وهذه المساحة تحتاج لـ100عنصر بسبب وجود أكثر من حريق بنفس اللحظة لذلك فنحن عادة نستعين بعناصر من البلدية ويكونون في معظم الأحيان غير مؤهلين وخصوصاً من ناحية الإطفاء لأن الإطفائي يجب أن يمتلك إمكانيات خاصة ولديه خبرة في التعامل مع الحرائق كذلك نعاني من نقص في الآليات علما أن هذا الإطفائي لا يتجاوز راتبه الشهري 30 ألف ليرة وهذا لا شيء قياساً بالتعب والمجهود الذي يبذله ورجل الإطفاء جندي بكل معنى الكلمة إذ يتعامل مع النار مباشرة وبوسطها وهو كأي جندي متطوع في الجيش فحياته مرهونة لحماية الآخرين وتأمينهم وهو معرض للموت أثناء عمله وأكبر مثال هو استشهاد المهندس بسام جناد وأحد العناصر معه في أحد الحرائق في المحافظة لذلك نحن نطالب بأن تكون طبيعة العمل مائة بالمائة وبدل طعام 10 آلاف ليرة لأن عنصر الإطفاء يناوب 24 ساعة والرديف لنا في عملنا هي الزراعة لذلك نطلب زيادة مراكز الحراج والإطفاء في الريف لوجود الغابات فنحن بحاجة 12 مركزاً حيث لا يوجد سوى ثلاثة مراكز في الدالية و زاما و حرف المسيترة من أجل السرعة في السيطرة على الحرائق وذلك حفاظاً على الأرواح والممتلكات والغابات.
وبخصوص الحرائق فمن تاريخ 13/10 منذ الساعة العاشرة والنصف صباحاً بدأت تأتينا مناشدات بدايتها من القطيلبية (6 حرائق) ومزرعة الحرية، سيانو، رويسة الحجل، الدبيقة، كفردبيل (بقرية) وجانب مدرسة الصناعة في جبلة وبعضها عاد وتجدد يوم 14/10 كحريق كفر دبيل بقرية، الدبيقة إضافة لثمانية عشر حريقاً جانب كازية الهاشم ومطعم الساري والنقعة جبلة (حريقان) وبنجارو (حريقان) وبسيسين (4حرائق) وسيانو غنيري وجانب جسر جبلة ومقابل إنانا بلازا يمين ويسار الأوتوستراد والمتحلق بموقعين وتل سيانو في يوم 15/10 خمسة حرائق، في القطيلبية وعين شقاق (السباهي) بازار جبلة الفيض وبشراغي وهو الأضخم والأصعب كذلك حريق منزل في التضامن وحريق في غنيري وكان هذا اليوم هو الأصعب لنا في 24ساعة كان هناك 23حريقاً أي بمعدل كل ساعة حريق تقريباً.
كذلك عبر أحد العناصر عن كمية التعب والإجهاد التي تواجههم في مد الخراطيم والتي هي من مادة الكتان وعندما تبتل بالماء يزداد وزنها ما ينهكهم وبين الأحراج والطبيعة الوعرة وإحجام الأهالي عن مساعدتهم أحياناً وإن حصل وساعدوهم يزيدون من المعاناة لعدم الخبرة كذلك عدم الاستجابة لتعليمات الإطفائي وأكثر مانعاني في عملنا وهذا ما يحزننا ويذهب جهدنا أدراج الرياح هو عدم إمكانية الوصول للنار لعدم توفر الطرق المناسبة والواسعة لمرور السيارات كذلك نتمنى تعاون الجميع حتى على الطرقات فرغم إطلاق السيارة لصوت صفارة التحذير يصر بعض المارة بالطريق على عدم الإفساح لمرورنا، وأغرب ظاهرة مؤسفة يتعرض لها عناصر الإطفاء للأسف وحتى بهذه الظروف وضغط العمل كما ذكر أحد العناصر هي الإبلاغ الكاذب، ولو لم تحدث هذه الظاهرة ونحن هناك لما صدقنا- حيث جاءهم نداء أنه يوجد حريق في منطقة الفوار فاستنفر العناصر ولبسوا الكمامات وأخذوا العدة وانطلقوا بالسيارة وعادوا بعد ثلث ساعة، ونحن مازلنا هناك، ليقولوا لا يوجد أي أثر لحريق في كل المنطقة المذكورة وعند استغرابنا لذلك قالوا نعاني كثيراً من هذا كذلك يتم استدعاؤنا أحياناً لنفاجأ بعد وصولنا أن الحريق لا يستأهل مجيئنا حيث بإمكانهم إطفائه وبدون أية مساعدة أو آلية وهذا أيضا يؤثر على مخصصاتنا ورصيدنا من كل المواد إضافة لإرهاقنا وإشغالنا عن تلبية مستجير أكثر إلحاحاً فهل يعقل ونحن في ظل هذه الظروف أن يلجأ بعض المستهترين إلى هذه الأساليب السخيفة واللعب بأعصابهم وإنهاكهم وآلياتهم؟
* بالرجوع إلى الزراعة ودورها أكد المهندس أحمد محمد رئيس دائرة زراعة جبلة: كنا متواجدين في جميع القرى والبلدات التي حدثت فيها الحرائق من خلال الوحدات الإرشادية وقدمنا كل ما باستطاعتنا من آليات وأدوات للمساعدة في إطفاء الحرائق وقمنا فوراً بعمل جداول إحصائية تقريبية بالمساحات المحروقة من حيث الأشجار المثمرة والزيتون والكرمة والحمضيات والحراج والبلاستيك والرمان والسرو وغيرها، وهذه هي المساحات المقدرة تقريبياً وهي حوالى 524 دونماً.
* حريق البرزين وحسب رئيس بلدية عين شقاق وائل إبراهيم فإن المساحة التي أتت عليها النيران كانت بحدود 40 دونماً وهي أرض سليخ ليست مشجرة ولا مزروعة.
* حريق سيانو وحسب السيد إبراهيم سلهب رئيس البلدية فقد استمر ثلاث ساعات وحضر الإطفاء بعد نصف ساعة ولصعوبة الوصول إلى النيران لجأنا لجلب تراكسات تمهد الطريق أمام رجال الإطفاء وأتت ثلاث سيارات إطفاء حتى استطاعت القضاء على الحريق وقضت النيران على ما يقارب60 دونماً من أشجار الزيتون ومن أصحاب الحقول مرتضى هواش محمد سلهب وبيت رحمون خمس عائلات وبيت غيا وبيت عيسى كذلك حدثت أربعة حرائق لكنها صغيرة تمت السيطرة عليها فوراً بدون إطفائية.
* حريق البويتات الوادي الأخضر القطيلبية تقريباً 50 دونم زيتون وأفاد السيد إياد الصافتلي رئيس البلدية أن الحريق استمر ست ساعات لكن الإطفاء حضر بعد ساعة من جبلة ووحدة من زراعة جبلة وتمت السيطرة على الحريق.
* أما الحريق الذي تميز عن غيره من حيث التعامل معه فهو حريق فويرسات المشيرفة بوادي القلع حيث حضر أهالي القرى البعيدة والمجاورة وحسب مختار القرية بدر يوسف فإن أهالي قرى النواقير والقصيبية والمشتية والقلع وفويرسات والمشيرفة كبيرهم وصغيرهم حضروا وبمعداتهم من مناشير وأدوات وحضور مدير ناحية الدالية الرائد منهل حسن وجميع عناصره بأقل من نصف ساعة واستنفر معه نقطة إطفاء الدالية وحتى أصحاب الصهاريج الخاصة ونتيجة هذا التعاون تم إخماد الحريق والسيطرة عليه بوقت قياسي وقد أصيب المواطن مدحت عمران وابنه الشاب ليث بكسور وتحسس وحروق بسيطة تم نقلهم على إثرها إلى المشفى وقد تضررت منازل ثلاثة مواطنين بتكسر زجاج النوافذ وتشكل طبقة من الرماد والأدخنة وهم نزار يوسف وعمار يوسف ووفيق الجدلي وأكد المهندس نعمان علي رئيس الوحدة الإرشادية بدوير بعبدة أنه تم مسح الأضرار ونقوم بتسجيلها لكل مواطن من حيث المساحة المتضررة وعدد الأشجار ونوعها واسم القرية كون الحريق قضى على ما يقارب المائة دونم تعود ملكيتها لعدة قرى.
* حريق بشراغي وحسب مدير مخفر حمام القراحلة المقدم طارق شعبان: اتصل بي مواطن من قرية مجاورة ومقابلة لقرية الحمام قائلاً: هناك نيران من الجبل خلفكم، فانطلقنا فوراً مع العناصر وطلبنا الإطفاء من جبلة وحضر فوراً ولكن وعورة المنطقة وشدة انحدارها حالا دون القضاء على النيران بسرعة وهذه أصعب مشكلة تواجهنا عند حدوث الحرائق وقمنا بفتح تحقيق ونظمنا الضبط اللازم واستدعينا خبير حرائق وعملنا كشفاً مصوراً على الأرض وكانت المساحة المحروقة ما بين 15 إلى 25 دونماً معظمها حراج والباقي تفاح وزيتون وكرز.
* حريق عين غنام التابعة للدالية: أكد الأهالي أن الحريق أتى على مساحة 12 دونماً منها اثنان فقط مشجر بالخوخ والجوز والزيتون والباقي أرض سليخ وأحراج وأكد المهندس أوس غانم رئيس الوحدة الإرشادية بالدالية أن إطفائية الدالية قامت بإطفاء الحريق بالتعاون مع الأهالي وتم رصد الأضرار بكشف وتقديمه للزراعة.
في النهاية وبعدما سمعنا روايات رجال الإطفاء وما واجههم من صعوبات ومعاناة بعملهم وكلام الأهالي والمعنيين كان لابد من تسجيل بعض الملاحظات والتمنيات لتكون هدفاً للتنفيذ وضمن خطط الجهات المسؤولة في القادم من الأيام وكي لا تتكرر المأساة ونعود ونندب الطبيعة والطقس وهو الحالة الراهنة لغاباتنا وأحراجنا وجبالنا وافتقارها لأدنى التخديم بالطرق الزراعية وخطوط النار والحال هذه ومعظم هذه الأراضي والغابات والأحراج هي أملاك دولة وفي أماكن كثيرة قامت الجهات المعنية بتشجير مساحات كبيرة فلم لا تكمل عملها بشق الطرق وخطوط النار كي يسهل وصول الآليات وسيارات الإطفاء في حال حدوث حرائق.
من جهة ثانية فقد تعرضت حقول كبيرة ومساحات شاسعة معظمها زيتون وطبعاً كان المانع والسبب في عدم الوصول إليها وإطفائها عدم وجود طرق وهذا ليس مسؤولية أي جهة عامة كليا بل مسؤولية أصحاب الأراضي والحقول، فكثيراً ما نجد مواطنين عارضوا شق طريق ومنعوا مشروعاً يخدمهم ويخدم غيرهم من أجل شجرة أو بضع شجرات أو بضعة أمتار وهؤلاء وبحالة كهذه يخسرون الموسم والحقل معاً من أجل شجرة كذلك يضحون بمواسم وحقول جيرانهم وليس فقط موسم فبحسب بعض الخبراء بالحرائق قد تحتاج الشجرة عشر سنوات لتعود كما كانت هذا إذا لم تمت كلياً.
هؤلاء مستعدون على حمل محاصيلهم ونقلها على أكتافهم أو حتى على الدواب دون أن يسمحوا بمرور طريق في أراضيهم تأخذ بضعة أمتار ويصبح بإمكانهم استخدام الآلات الزراعية في الحراسة والرش والنقل وحتى الوصول بسهولة إليها وهذا إن دل على شيء إنما على الجهل و التخلف وضيق الأفق وبوجود هؤلاء وما حدث من حرائق ووضع الأراضي الراهن ألا ليت الدولة تشق الطرق عنوة على معارضي هكذا مشاريع ومن يعارض أو لا يوافق تجب معاقبته ومحاسبته ليس خدمة لأرضه وحبا به بل لأراضي جيرانه.

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار