إشـغالات الأرصفــة وجـــع فـــي الاتجاهــــين

العدد: 9450

الأحد: 20-10-2019

ظاهرة إشغالات الأرصفة في اللاذقية تكاد تكون الظاهرة الأكثر جدلية بين الأطراف المعنية حيث نجد أن المواطن يشكو من انتشارها وتطاول شاغلي الرصيف على حقوقه ويرغب في إزالته ولكنه في الوقت ذاته يبحث عنها ليستفيد من فارق الأسعار بين البضاعة المعروضة على البسطات وبين مثيلاتها داخل المحال التجارية، البلدية تسعى لإزالتها وتعلم علم اليقين أنها ترد على خزينتها مبالغ لا بأس بها وأنها تحمي عدداً كبيراً من العاملين على هذه البسطات من البطالة وهكذا وكيفما قلبنا الأمور نجد أن ظاهرة إشغالات الأرصفة لها أكثر من وجه وتحمل أكثر من قناع فأي الأقنعة تتوجب الإزالة وأي الوجوه تستحق الإبقاء والحفاظ عليها.
هي حقيقة لا يختلف عليها اثنان أن إشغالات الأرصفة طالت أجزاء من الشوارع بعد أن أتت على جميع الأرصفة والزوايا والتقاطعات وهذه الحالة لم تكن صحية ولا صحيحة في وقت من الأوقات وقد أساءت لمظهر المدينة وقاطنيها وروادها وسببت العديد من الحوادث والاستياء والإزعاج وكردة فعل من بلدية اللاذقية على هذه الظاهرة التي أرقت المواطن والعاملين في دائرة مراقبة الأملاك العامة والمعنيين بإزالة هذه الإشغالات يسعون بين الحين والآخر فعلياً وحسب تصريحاتهم دائماً على قمع هذه الظاهرة أو على الأقل الحد منها أو قوننتها وفق رخص نظامية تستفيد خزينة البلدية من الرسوم المترتبة عن عملية الترخيص ولكن تبقى هذه الإجراءات وعذراً من الطرفين للتشبيه أشبه بلعبة القط والفأر والنتيجة ليس هناك من مستفيد عمال البلدية ينتشرون في أحد الأسواق ويسعون بكل ما أوتوا من قوة لإزالة البسطات ومصادرة المعروضات ولكن بالمقابل هناك من ينشر خبر وصول البلدية بين شاغلي الأرصفة إذ سرعان ما يخفون هذا في سيارة وذاك يضع بضاعته عند جاره صاحب المحل الذي يستغله ويأخذ منه مبلغاً شهرياً على هذه الخدمة، ولفت أحد شاغلي الأرصفة أنهم يخضعون لأكثر من نوع من الاستغلال بدءاً من بعض ضعاف النفوس في البلدية مروراً بأصحاب المحال التجارية وصولاً إلى العصفورة التي توصل خبر وصول أو قرب وصول الحملة، وقد أكد المهندس فادي القاضي رئيس دائرة مراقبة الأملاك العامة في بلدية اللاذقية معاناة عناصر الدائرة أثناء تنفيذ أي حملة لا سيما في الساحات الممتدة والواسعة حيث يتم إنذار أو مصادرة معروضات عدد قليل من البسطات وسرعان ما تختفي باقي المعروضات من شاغلي الأرصفة ومع تلك المعاناة فقد أوضح المهندس القاضي أنه تم تشديد الحملة في عدد من أسواق المدينة وهي سوق أفاميا وأوغاريت أو الغافقي وكذلك سوق السكنتوري الذي تم تنظيم عدد من البسطات في هذا السوق وإزالة ما لم يتم تنظيمه قانونياً كما تم فتح حركة السير الأول في طريق الرمل الفلسطيني حيث كانت بسطات الخضار على جهة اليسار تعيق الحركة بشكل كامل وأكد أيضاً أن عمل الدائرة لا يقتصر على الحملات وإنما يستمر طيلة أيام العمل ويطال مختلف الأسواق ولم ينف وجود حالات تتحين انتهاء الحملة لتعود وتفترش الرصيف على الرغم من المصادرات التي تتم بشكل دوري.
الرأي الآخر
بعد أن استمعنا إلى الرأي الرسمي لا بد من التوقف عند الرأي الشعبي الذي ينضوي على وجهات نظر متعددة ويمكننا التوقف عند ثلاث وجهات نظر على الأقل وجميعها كما أشرنا تعكس حديث الشارع وانطباع المواطن، حيث يرى أصحاب الرأي الأول وهم من الشريحة المخملية إن جاز التعبير أو بعبارة أدق ممن يهتمون بجمال الشارع أكثر من حاجة مواطن للعمل ويرى هؤلاء أن إزالة إشغالات الأرصفة خطوة جيدة وضرورية ولا بد منها ويرون أيضاً ضرورة التشدد بها وصولاً إلى الحسم لإنهاء هذه الظاهرة وعدم السماح للباعة الجوالين وبائعي البسطات بالعمل مرة أخرى أما حجتهم فهي أن أسواق وأحياء اللاذقية لا تنقصها المحال التجارية ولا ضرورة لوجود بسطات وإشغالات والأهم إن أرصفة اللاذقية قد تم إشغالها بالكامل وهذا ما يعطي مظهراً سلبياً يعيق حركة المشاة ويحرم المواطن من استخدام الرصيف الذي هو بالأساس من يدفع رسوم تبليطه وتنظيفه، من جهة أخرى نجد أن بعض أصحاب المحال التجارية يعتبرون أصحاب البسطات والباعة الجوالين خصوماً لهم لأنهم يقتنصون الزبائن على اعتبار بائع البسطة يمكنه البيع بسعر أقل لتهربه من تسديد رسوم عديدة يتحمل عبئها صاحب المحل.
أما الفريق الثاني فيرى أن أهالي اللاذقية بأمس الحاجة إلى وجود باعة جوالين وبائعي بسطات نظراً للحالة الاقتصادية للبائعين والمشترين في آن معاً، حيث أن البائع الجوال أو بائع البسطة هو مشروع عاطل عن العمل في حالة المنع والمشتري هو يبحث عن فارق سعري ولو بسيط يستطيع توفيره، الرأي الثالث يرى أن حالة الانفلاش التي شهدتها شوارع وأرصفة اللاذقية وصلت إلى مرحلة المبالغة ولا بد من إيجاد حلول تنظيمية لها على مبدأ ( لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم).
خصوصاً وأن ظاهرة الباعة الجوالين وبائعي البسطات معروفة في أرقى عواصم العالم ولكن ضمن شروط وصيغة تنظيمية مناسبة.
ليست البسطات وحدها
لا بد من الاعتراف بأن إشغالات الأرصفة التي طالت الجزء الأكبر من أسواق وشوارع المدينة أدت للعديد من الحوادث ولكن ثمة إشغالات كثيرة من نوع آخر ماذا عن السيارات التي تتوقف على الأرصفة وهذه الحالة لا تعتبر إشغال للرصيف فقط وحرمان المواطن من حقه في استخدامه وإنما قد تؤدي إلى تخريب بعض التمديدات الصحية وتكسير بلاط الرصيف وغيرها ثم ماذا عن الكراسي والجلسات الرجالية الصباحية والمسائية .
ماذا عن مولدات الكهرباء التي تشغل حيزاً من الشارع أو الرصيف ماذا عن إشغالات المقاهي ومغاسل السيارات، حتى حاويات القمامة وما حولها يتحول في كثير من الأحيان إلى إشغال للرصيف وحرمان المواطن من استخدامه. ويبقى السؤال إلى متى سيبقى هذا الملف مفتوحاً يجري العمل على تسخينه وتبريده وفقاً لشكوى من هنا وهناك أو إعلاناً عن عمل البلدية في الوقت الذي يتوجب عليها إيجاد حلول دائمة ومجدية لهذه الظاهرة القديمة الجديدة.

 هلال لالا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار