الحــــرّ غــــزال… والســــيناريو في أزمانـــه وأوجهــه المختلفـــة

العدد: 9450

 الأحد-20-10-2019

 

نستطيع أن نقول إن الحياة بحدّ ذاتها سيناريو بما تحتويه من شخصيات وأحداث وأزمان، لكنّ طريق إدارة هذه الحياة وتوجيهها هو الشغف الذي يملأ صباحات تتسم بالحيرة تارة وتارة بالعبثية والفوضى، بكل الأحوال نحن في السيناريو والسيناريو نحن، وما زال التاريخ شاهداً على سيناريوهاتنا البشرية، لكن حين نريد أن نترجم هذه الحدثية في قوالبها الأكاديمية، نبقى نحن لكن بصياغات أخرى تأخذ لبوسات عدة تختلف باختلاف الأمم والشعوب والأحداث لكنها في أحوالها وأشكالها تبقى صوت الروح الإنسانية على مدى الصباحات والليالي التي ترسمنا أو نرسمها..
حول أهمية السيناريو ودوره كان لنا لقاء مع أحد كتّاب السيناريو ومدرّسيه في اللاذقية، هو الأديب الحرّ غزال، وكما أنه غنيٌّ عن التعريف لكننا في موجز سنذكر بأنه أديب وكاتب سوري، له (فاتحة العصيان) كتبها بين عامي 1997 -2003 هي أول مجموعة قصصية تحوي على 18 قصة قصيرة مختلفة حملت بعض الأسماء مثل: (أم الأسماء)، (قرية الدجاج)، (قبائل بائدة)، (أين يذهبون؟)، (العصيان)، وديوان شعري بعنوان ( خبر- الأسئلة والسياق)، له العديد من المشاريع كمشروع بعنوان (ماري جبران) يحكي عن حياة الكاتبة السورية المبدعة (مي زيادة)،
هناك مشروع مسرحية (جدران) ورواية اسمها (فردية ومشتركة).
* إذا أردنا أن نعرف السيناريو كهيكلية، وتكوين شكلي ومعنوي، بمبادئ عامة ماذا نقول؟
** لن أضيف شيئاً على التعريف الأكاديمي للسيناريو حين أقول إنه: وصف تفصيلي تسلسلي مكتوب للأحداث، متضمناً وصف المكان، والزمان، ووصف الشخصيات جسمانياً ونفسانياً، وقد يكون الحوار جزءاً من السيناريو، دون أن يخص نوعاً سواءً كانت روائية أو تسجيلية أو فنية، ويكتب السيناريو في مشاهد يتضمن كل مشهد وصفاً لمكان تصوير المشهد إذا كان داخلياً أو خارجياً، ووقت حدوثه في اليوم سواء كان صباحاً أو ظهراً أو ليلاً، وحالة المكان أثناء المشهد، وحالة الشخصيات في المشهد وحواراتها، لكني أحب تعريف هتشكوك للسيناريو: هو الحياة مقتطع منها الملل).
* الرواية الأدبية عندما تكون مصدراً للسيناريو، ما آلية العمل عليها؟
** لا أذكر من قال: (السَلَطة لا تؤكل إذا كانت الخضار غير مقطعة)، يمكن أن يكون التشبيه دقيقاً هنا، تشترك الرواية، مع السيناريو بعدة مرتكزات كالشخصيات والأحداث وغيرها إلا أن الرواية لا تُعنى بالسببية التي يُعنى فيها السيناريو فكل مشهد في السيناريو يفسر ما سبقه أو يمهد لما يلحقه، ولذلك كاتب السيناريو يقوم بتفكيك وتقطيع الأحداث والشخصيات، وقد لا يكون أميناً إذا وجد انقطاعاً درامياً فيقوم بتعبئة هذا الانقطاع لأنه مطالب بالسببية، الكاتب السردي، قد يعنى بشخصية واحدة أو شخصيتين بكل تفاصيلهما، بينما يعنى كاتب السيناريو بالجميع، وطبعاً حسب الأدوار، بين شخصيات وجهة النظر أو الرئيسية والثانوية وشخصيات الأثاث أو شخصيات الديكور.
* كيف يعمل السيناريو عندما يأخذ مادته من المواقع والقضايا السياسية والأحداث كمصدر؟
** هنا يمكن أن نميز بين حركتين متعاكستين، إما أن ينطلق الكاتب من فكرة ويبحث عما يؤيدها في الواقع، أو يذهب للواقع لينقل حدثاً، تاركاً للمتفرج حرية استخلاص النتيجة، لهذا يتوقف عمل السيناريو بحسب حركة القسر أو الانفتاح التي بين يدي الكاتب وعقله.
* تميزت سورية بالدراما التليفزيونية لماذا؟ وما سرّ نجاح السيناريو الدرامي برأيك؟
** السوريون سبّاقون في أي إبداع، في الكتابة السردية نجد أن أغلب المسابقات في العالم العربي، تحمل أسماء سورية، ما جرى أن الاهتمام انصب في هذا المجال واجداً له من يستفيد من هذه الحالة، ولو أن أي مجال إبداعي توفر له اهتمام كالنحت والرسم لوجدنا أنفسنا في الصدارة، سر النجاح هو في البيئة السورية وفي تجربة السوري المتطورة عن باقي البيئات.
* السيناريوهات في هذه السنوات المؤلمة على سورية قد حملت ما لا يحمله عقل، هل سيستطيع كاتب السيناريو قراءة هذا الواقع كله ؟
** لا أعتقد ذلك، هذه التجربة تحديداً، لم تصب السوريين في مستوى واحد، مادي أو نفسي أو روحي، ولم تظهر النتائج جميعها، كما يقال (الأمور بخواتيمها)، ولأن (الضربة سخنة) كما يقال، القيم والمبادئ، هناك الكثير مما لم يلحظ، فكيف يُكتب؟
* ما هي العقبات والمأمول لصناعة سيناريو يحاكي العقل والروح معاً؟
** أهم عقبة أتوقعها هي إعادة الدراما إلى حقل الإبداع، بعدما استهلكتها التجارة والصناعة، التي جلبت عقبات تتعلق بالموسمية والسطحية وغيرها، وربما تنجو السينما والمسرح قد ينجو من هذه العقبات، لكنهما يقعان في عقبات لا تقل صعوبة، من مثل قسر النص على المقولة، وهي عقبات تتعلق بالكاتب، مما يدفعنا للسؤال عن حرية الكاتب الفكرية والإبداعية، للأسف لم تقف المؤسسات القائمة على الإنتاج وقفة صادقة وحقيقية لتغير من آلياتها في التعامل مع حرية الكاتب، لا بل نجدها قد زادت من قيودها!، وزادت مساحة الممنوع

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار