أطيـــاف المفاهيــــم.. كتــاب يــجمع بــين فـــروع المعرفـــــة

العدد: 9450

 الأحد-20-10-2019

 

 

صدر عن دار فواصل في اللاذقية 2019 كتاب (أطياف المفاهيم) للدكتور صلاح الدين أحمد يونس، رئيس فرع اتحاد كتاب اللاذقية وعضو الجمعية الدّولية للأدب المقارن، يقع الكتاب في (231) صفحة من القطع الكبير والذي استحوذ على جهد زمني قرابة عامين كاملين من العمل والبحث المتواصلين من مؤلفه.
وقد وزّع الكتاب في معارض دولية مثل بيروت ودمشق والقاهرة وعمان، الجدير ذكره أن للدكتور يونس عدداً من المؤلفات المطبوعة أهمها (المفارقة والمقاربة في الثقافة النقدية)، (المتغايرات في الأدب والنقد)، (من سلطة التراث إلى أحلام العصر)، (الجدل الفكري والأدبي)، (ثنائية القيمي والذرائعي)، (العربية وظواهر المعرفة)، (شعراء بين الفردية والانتماء)، (العربية بين الواحدية المثالية والأبنية الواقعية)، عن إصداره الجديد (أطياف المفاهيم) كانت لنا مع د. يونس وقفة سريعة يطلعنا فيها عن محتوى الكتاب وأهميته.
عن مضمون الكتاب يحدثنا د. صلاح يونس فيقول: الكتاب مؤلف من ثلاثة أبواب وكل باب من ثلاثة فصول: الباب الأول تخيرنا له عنواناً يفصح عن مضمونه وهو (ثنائية الداخل والخارج) وما نعنيه بهذه الثنائية هو العلاقة غير المتكافئة بين الشرق والغرب على المستويات المختلفة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وقد توسعنا في هذه الفكرة على ثلاثة محاور: الأول (المثاقفة والهوية الثقافية) ورمينا من خلال هذا العنوان إلى الجدل بين (العنصر الشرقي والعنصر الغربي) في مستويات مختلفة أهمها الخصائص التاريخية والعلاقة بين الخصيصة التاريخية لأعراق الشرق وبين الوتائر الثقافية في علاقتها بنفسها وبالخارج، وحاولنا أن نرد على مزاعم المفكرين المركزيين الغربيين القائلة بتخلف الشرق عن الغرب وبتقدم الغرب جينياً وثقافياً وعمرانياً، وكانت محاولتنا تشير إلى تمرحل فكرة العمران والتحضّر مبتدئة من الشرق إلى اليونان الفاصل الواصل بين تخوم الشرق الأخيرة وبين بدايات الجغرافية الغربية، رافضين بذلك العنصر الجيني القائل بتميز العرق الأبيض عن غيره بحكم الطبيعة الجينية.
وفي المحور الثاني من هذا الباب تحدثنا عن الأدب والفلسفة من خلال تواصلهما وتفاصلهما، فالظاهرة الأدبية مهما كانت ذاتية هي نقطة تلاقٍ بين مجموعة من العوامل ونقطة تقاطع بين حدود مختلفة، فهي تاريخ إلى حد وعلم اجتماع إلى حدّ واقتصاد إلى حدّ، وفن بغير حدود.
وبناء على قراءتنا لمفهوم كارل ماركس للفلسفة (علم يبحث في أهم القوانين وأشملها في الطبيعة والمجتمع والإنسان) بحثنا في الروابط الواصلة بين الفلسفة والأعمال الأدبية الكبرى، وخلصنا إلى أن الأعمال الأدبية الكبرى إنما كانت تنطق بالفلسفة الغربية وهي تعيش مرحلة الانفصال عن السياسات الاستعمارية الأوربية وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ومن هنا نشأ ما يعرف بأدب ما بعد الحداثة، وهو باختصار إعادة الاعتبار لعصر الأنوار في فرنسا القرن (18) وفي المحور الثالث، تكلمنا عن التنمية الثقافية والحداثة، فاستعرنا من علم الاقتصاد مفهوم التنمية ووجدنا أن هناك ما يجمع بين علم الاقتصاد والثقافة وهو النموّ تحت تأثير العوامل الديمغرافية والثقافية وميّزنا بين نوعين من مجتمعات التنّمية الثقافية: الأول هو التنمية في الإمبراطوريات القديمة كالصين والهند وإيران، حيث هذه الأمم تمتلك لغات قومية، فكانت التنمية فيها إعادة انبعاث، والعرب في مثل هذا الموقع تماماً، ولكن أطلقوا على هذه الوضعيّة الإحياء.
والنوع الثاني من المجتمعات الحديثة هي التي تكوّنت بعد الكشف الجغرافي، بعد القرن السادس عشر، كما في البرازيل والأرجنتين والمكسيك والولايات المتحدة، فهذه الأمم لم تكن التنمية انبعاثاً لأنه لا تاريخ لها، وإنما هو خلق وجود وفي المحور الأخير قارنا بين نموذجين من الشرق والغرب هما نجيب محفوظ المصري ووليم فوكز الأمريكي بوصفهما مفكرين أدبين يشخصان الفارق بين الداخل والخارج.
أما الباب الثاني (الانفتاح والانغلاق) وتحت هذا العنوان 4 محاور هي الأول (الحرية والالتزام. المفارقة والمطابقة)، أما المحور الثاني فهو (الفساد والإصلاح) والثالث هو (جدل السلطويّ والنخبويّ) أي العلاقة بين المفكر والسياسي من دولة الخلافة الراشدية، إلى الدولة القومية الحديثة، أما المحور الرابع فكان تنازع الكاتب والمؤسسة، ونعني بالمؤسسة الدولة والسلطة الروحية والسلطة القانونية والأحزاب والمؤسسات وهيئات المجتمع التمثيلي.
أما الباب الثالث: فكان تحت عنوان جدل الثقافيّ والسياسيّ، تحت هذا العنوان اكتفينا بثلاثة محاور: الأول هو ثنائية الحوار والاستعلاء والثاني جدل الوحدة والاختلاف والثالث هو الأمة والدولة والمواطنة، وقد تمّ لنا التوسع في هذا المحور مبتدئين من مصطلح الأمة كما ورد في (61) موضعاً في القرآن الكريم، إلى حدود المصطلح في الدولة العصرية، ثم كان لنا خاتمة بمثابة النتائج والرأي.
ما اهمية هذا العمل؟
نزعم أن هذا الكتاب جاء في وقت تزدحم فيه الآراء والخلافات السياسية بين الفرقاء على صياغة المجتمع السوري الحديث خصوصاً، وعلى المجتمعات العربية عموماً، فعدنا إلى الجذور الأولى لثقافتنا، ولعلاقتها مع الفرس والروم واليونان وأوروبا الوسيطة، وأوروبا النهضة وأوروبا العلمانية الحديثة، فهو كما ذكرنا في نهاية الكتاب: تطواف قرائيٌّ بين عالمين: عالم المراكز وعوالم الأطراف.

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار