العدد: 9448
الأربعاء :16-10-2019
بداية لن نبخس ونقلل من أهمية الجهود التي بذلت من قبل الإدارة الجديدة لشعبتي حماية المستهلك في جبلة ريفاً ومدينة، إذ ضبطت وسطرت هذه الشعب أكثر من 25 ضبطاً تموينياً بحق أفران منطقة جبلة البالغة 58 فرناً خلال عشرة أيام، 11 في المدينة، و14 في الريف، والحبل على الجرار . .
تسطير هذه الضبوط هو مؤشر سلبي وفاضح عن حجم حالة الانفلات والفوضى التي تطال خبز المواطن وعدم الشعور بالمسؤولية ليس من قبل الجهة الرقابية المختصة بمراقبة ذلك (التموين) أو ما يطلق عليها شعب حماية المستهلك فحسب بل من قبل كافة الجهات المعنية بهذا الشأن بدءاً من المجتمع الأهلي (المواطن والمختار والبلديات) وصولاً إلى الجهات الحزبية والشرطية . .
وما ينطبق على أفران جبلة قد ينطبق على أفران كامل محافظة اللاذقية وإن بدرجات متفاوتة يكون العامل الفاصل بها أخلاق صاحب الفرن أو مديره وبعد ذلك حضور الرقابة، فالحالة شبه عامة والوجع ذاته غياب الميزان ونقص في وزن ربطات الخبز، خبز سيء الصنع قد لا يصلح بعضه إلا كعلف للحيوانات، عدم الالتزام بأوقات العمل، تهريب الدقيق التمويني، بيع المازوت، ولعل الأخطر أن يكون هناك أفران ربما تحصل على مخصصاتها من الطحين المدعوم والمازوت ولا تعمل والعلم عند الله رغم أننا دخلنا في هذه (الموحلة) منذ أكثر من عشر سنوات وحصلنا في حينه على جداول توزيع الطحين والمازوت وكان ما كان.
نعود إلى حيث بدأنا، كثرة الضبوط التي نظمت وتنظم بحق أفران جبلة خلال فترة وجيزة بعد تعيين رؤساء شعب تموين جدد ليست مؤشراً إيجابياً ولن تحل المشكلة بل ستفاقمها لأن قيمة الضبط المادية غالباً ما تعوض وبشكل مضاعف، فالفرن الذي يسطر ضده ضبطاً تموينياً بـ (50) ألف ليرة سيعوض هذا المبلغ مضاعفاً في اليوم التالي من جيبة المواطن، والعقوبة الجزائية (أي الحبس) فغالبية أصحاب الأفران (المدهنين) يستأجرون أشخاصاً عاطلين عن العمل على أساس أنهم شركاء أو مستثمرين ويضعون الضبط بأسمائهم فلا يطالهم العقاب، وإيقاف الفرن عن العمل سيلحق الأذى بالمواطنين أهالي القرى والأحياء رغم كل الإجراءات البديلة التي تتخذها السلطات التنفيذية كتأمين خبز بديل ولعل هذه الجزئية تدفع بالمواطنين بالقبول بحالة السرقة التي تطال خبزهم اليومي وتحملهم أعباء إضافية من دخلهم المادي لو حسب بدقة لتجاوز (5%) من راتب الموظف كفرق وزن وضعف جودة . . .
أما المعادلة الأكثر إيلاماً فهي ثقافة الاستكانة والتهرب من قبل المواطن ذاته بالمطالبة بحقه تحت قاعدة (خليها تطلع من غيري، أو ابن الضيعة ما فيني زعلو أو إذا اشتكيت شو راح يطلع من الشكوى).
بالمقابل من يسمع شكاوي أصحاب الأفران يبكي عليهم، فهم يقولون إن هامش الربح المخصص لهم لقاء عملهم لا يكفي لسد نفقات العمل والإصلاحات والفواتير . . وإذا عملوا ضمن الضوابط المحددة من قبل الحكومة سيقعون في الخسارة . . .
جدلية لن تنتهي ما لم يتم وضع ضوابط مبنية على دراسات منطقية وواقعية تحمي أصحاب الأفران وعقوبات رادعة تحمي المواطن، أقلها سحب الترخيص ومنحه لجهة عامة.
حازم الورعة