العـــــدد 9447
الثلاثاء 15 تشرين الأول 2019
تعد المقاييس والمكاييل علماً بحد ذاته لما تقدمه من خدمات للمجتمع والقطاع الصناعي والتجاري، فمعظم التعاملات التجارية اليومية في الأسواق والمحلات مرتبطة بأجهزة قياس الأحجام والأوزان والكميات حيث أن الصناعة والتجارة تعتمد على المقاييس والمكاييل والموازين ولو كانت بسيطة، وهناك آثار سلبية بالغة الخطورة قد تؤدي إلى نتائج غير مرضية على الأفراد والمؤسسات في حال حصول أي اختلاف فيها وعليه فإن دقة المقاييس والمكاييل والموازين تساوي السلامة والأمانة.
ومن المتعارف عليه بأن هناك حالات كثيرة تحصل عن قصد أو غير قصد للتلاعب بالميزان في عملية البيع والشراء فكثيراً ما تنشب الخلافات بين البائع والشاري حول ذلك وأمام هذا الواقع كان لابد للجهات المعنية من تنظيم هذا الجانب المهم في حياة الإنسان فشرّعت القوانين والأنظمة لمحاسبة كل من يخل ويتلاعب بالموازين.
تجولنا في أسواق المدينة وتحدثنا مع مواطنين وتجار لمعرفة رأيهم حول ذلك..
* سعد إسماعيل: الأوزان هي علم مثل كافة العلوم كونها تشكل الأساس التي تبنى عليه العلوم الأخرى فنحن في حياتنا العادية باحتكاك دائم مع هذه العلوم كالساعة لقياس الوقت والمقاييس لقياس الأوزان والعدادات لقياس الكميات، فحياتنا مرتبطة بالموازين والمكاييل والمقاييس فعن طريق القياسات يمكن التأكد من جودة المنتجات الموجهة إلى المستهلك حسب المواصفات القياسية الوطنية وفي إطار ذلك نشاهد اليوم الكثير من حالات الغش والتلاعب في الموازين وخاصة بعد أن انتشرت الموازين الإلكترونية أو الرقمية فقد حدثت الكثير من المشاجرات نتيجة قيام بعض المحلات التجارية أو غير التجارية بالتلاعب بهذه الأوزان وسط غياب ثقافة الشكوى وعدم الإلمام التام بأن الميزان شيء هام في حياتنا اليومية ومن دونه لا يمكن التعامل بأي عملية تجارية.
* فايز يونس: الميزان هو اللبنة الأساسية في تنظيم جميع المعاملات التجارية والصناعية وفي إطار هذا النظام المتعامل فيه للموازين والمقاييس والمكاييل يمكن لكافة القطاعات الارتقاء بمستوى أدائها وجودة منتجاتها، وأكد على ضرورة قيام الجهات الرقابية وبما يندرج على عاتقها حول ذلك بمهامها كون حالات الغش التي انتشرت بشكل كبير.
* سمر بهلول: هناك حالات غش كثيرة في الأسواق العامة في مجال الموازين فقديماً كانت الموازين غير الرقمية دقيقة جداً وهي لا تحتاج إلى عمليات إلكترونية أو رقمية كما نلاحظ اليوم، ونوهت إلى أن كافة الموازين الإلكترونية أو الرقمية تكون أقل بـ 100 -200 غرام للكيلوغرام الواحد وذلك نتيجة التلاعب بها وعدم وضعها في أماكن مستوية وغير نظامية مع انعدام الرقابة التموينية والكشف الدائم عليها.
* عماد شكور: كافة محطات الوقود تتلاعب بالمكاييل والمقاييس حيث تكون المكاييل المخروطية والأسطوانية المصنوعة من الحديد التي تستعمل في كيل المحروقات شبه غائبة وأكثر ما تكون في محطات الوقود التي تحوي اليوم مقاييس لا نعرف كيف تُقاس لذلك نؤكد على ضرورة وضع آرمات تدل على نوع المكاييل التي تقاس بها محطات المحروقات حتى يكون المواطن على علم بذلك حيث أن الرقابة التموينية شبه معدومة على هذه المكاييل كون المواطن لا يأخذ كامل حقه عندما يريد أخذ احتياجاته من المحروقات فغالباً ما يكون نقص في المقاييس بنسب مرتفعة.
* حسن دياب: الكثير من التجار والمتعاملين بالموازين يقومون بحالات غش على مرأى الجميع فقد ذيع في الشارع بأن تلك الموازين يقوم أصحابها وبشكل من الأشكال التلاعب بها من أجل جني أرباحاً مادية على حساب المواطنين وخاصة خلال الظروف الحالية والغلاء وارتفاع الأسعار لذلك نتمنى من الجهات المعنية أن تشرح لنا المفهوم العام لذلك من خلال قيامها بإرشادات توجيهية حول وحدات الوزن والكتلة.
في ضوء ما تقدم تعتبر الموازين بشكل عام الإلكترونية منها أو الحساسة أو الرقمية هي موازين صممت لتعطي أكبر قدر ممكن من الحساسية والدقة، وأمام واقع الأسواق والتعاملات التجارية وكثرة عمليات الغش والتلاعب بالموازين والمكاييل فهي تحتاج إلى عناية أكبر ورقابة أكثر كما على المتعامل بها أثناء الاستعمال أن يقدم لها العناية بشكل دائم وأن تكون محفوظة في أماكن مناسبة ذات أسطح ثابتة ومقاومة للاهتزاز على أن تعطي نتائجاً أفضل خلال الوزن.
آليات ضبط الموازين
تجولنا بين المحلات التجارية وتحدثنا إلى بائعين رفض العديد منهم الإدلاء بأي معلومة حول ذلك وبعضهم تحدث بالقول: ما زال الميزان التجاري حتى يومنا هذا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية إذ لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع بالغش في عمليات الوزن ولا أحد يشك في نزاهة الميزان إذا كانت معاييره نظامية وفقاً لأسس وضوابط قانونية ولاشك في أن كثيراً من ضعفاء النفوس يقومون بالتلاعب بالموازين بطرق متعددة، وحول سؤالك كيف يتم التلاعب بالوزن نحن لا نعرف التلاعب بذلك ونهاية أوضحوا بأن الموازين والمكاييل تحفظ حقوق البائع والشاري قانونياً وتجارياً.
* البائع خالد عبود: يوجد نظام وأسس وضوابط ومتابعة رقابية وإشراف مستمر على الموازين فالتلاعب بالموازين أولاً وأخيراً يأتي حسب ضمير البائع وفي أيامنا هذه كثرت حالات الغش في ظل ارتفاع الأسعار فهذا من شأنه أن يؤدي إلى الضرر بحقوق المستهلكين الذين يعانون من بعض البائعين معدومي الضمائر الذين يتلاعبون بالموازين والأسعار فالغش لا ينتهي والتلاعب بالموازين مهما اختلفت أنواعه إلا أنه يحق للمستهلك الاعتراض على ذلك عندما يشعر بالغبن أن يقوم بتقديم شكوى للجهات المعنية والقضائية ونتساءل لماذا تغيب الجهات الرقابية عن مراقبة المتلاعبين بالموازين؟
خلال الجولة وبمتابعة الآراء لاحظنا غياب ثقافة المواطن حول الموازين والمقاييس والمكاييل ما يجعل المواطن غير قادر على تحديد أنواع الغش الذي يتعرض له بشكل يومي وخاصة في ظل الارتفاع المتعاظم للأسعار بالإضافة إلى انخفاض في وزن الكيلوغرام للخبز فهناك تلاعب كبير في أوزانه فغالباً ما تكون الربطة من /1000 -1200 غ/.
كيف تتم الرقابة وتنظيم الضبوط؟
في ضوء ما ورد من آراء مستهلكين وبائعين رغبنا أن نتقصى الحقيقة أكثر وحتى نزيد الأمر وضوحاً قصدنا المهندس باسل أحمد رئيس شعبة المقاييس الموازين والمكاييل القانونية في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية الذي أجاب عن الأسئلة التي تم طرحها حول أنواع الموازين المنتشرة في الأسواق والمحلات التجارية بشكل عام بالقول: يقصد بالموازين والمكاييل والمقاييس المسميات التالية:
– الأوزان كغ وأجزاؤه ومضاعفاته.
– مقاييس الطول التجارية المتر وأجزاؤه ومضاعفاته
– مقاييس المواد السائلة بكافة أنواعها /الغذائية وغير الغذائية/
– الموازين المختلفة تشمل التجارية /القبابين العادية وموازين الدقة العالية المستخدمة في محلات بيع الذهب والمجوهرات/.
– جسور الوزن أو ما يسمى القبابين الأرضية من /1 -100 طن/ حسب استطاعة القبان.
– عدادات الوقود المتحركة المركبة على الشاحنات والعربات المتنقلة /الصهاريج – بائعي المازوت الجوالة/
– عدادات ومضخات الوقود الثابتة الموجودة في محطات المحروقات.
وعن كيفية الرقابة على ما تم ذكره من أنواع الموازين والمقاييس نوه م. أحمد: بالنسبة للموازين تتم معايرتها طبقاً للموازين العادية من قبل عناصر مكلفين من الوزارة بواسطة الموازين المعيارية الموجودة بحوزتنا كغ المعياري النظامي /وزنات 5 -10 -15-20كيلو/ كما يوجد لدى المديرية طقم وزنات من /1 -100 غ/ لمعايرة موازين الدقة العالية في محلات الصناعة، ونوه إلى أنه تتم معايرة الموازين حسب كل ميزان/الميزان التجاري/ نضع الكيلو غرام المعياري على الميزان فإذا أعطى تطابقاً على الميزان مع الوزن المعياري يكون الميزان مطابقاً ويتم وسمه /لصاقة مختومة/ موقعة من قبل عناصر الدورية إشعاراً بأنه نظامي.
وفي حال أعطى قراءة غير مطابقة للوزن المعياري يتم إيقاف الميزان عن العمل وتنظيم الضبط اللازم ويحال الضبط إلى القضاء أصولاً، أما بالنسبة إلى العدادات الخاصة بمضخات الوقود الثابتة فتتم معايرتها من قبل عناصر الشعبة المكلفة بواسطة المكيال المعياري المعتمد لدينا /مكيال 10 لتر أو 20 لتر/ ويتم التحقق من صحة المضخة بإجراء عملية المعايرة بواسطة المكيال المعياري ثلاث مرات متتالية، وفي حال ثبوت المخالفة (قراءة العداد تعطي زيادة عند المكيال المعياري لأكثر من النسبة المسموحة) عندها يتم إيقاف عداد المضخة عن العمل وتنظيم الضبط اللازم وإحالته إلى القضاء وإنذار صاحب المحطة بضرورة إصلاح المضخة المخالفة وإعلامنا لتتم معايرتها وترخيصها أصولاً من جديد وفي حال إزالة الختم أو الوسم ينظم ضبط آخر من قبل مراقبين شعبة المقاييس بنزع الختم أو الترخيص وينظم ضبط آخر بحق المخالف وتسجل مخالفة على السجل الخاص للمحطة مع النتائج المعايرة.
ومن جهة أخرى وحول المضخات المتحركة أكد م. أحمد: أن الإجراءات تتم كما تم ذكره آنفاً حول المكاييل أما بالنسبة لجسور الوزن أو القبابين الأرضية تتم معايرتها من قبل المخبر المتنقل التابع لمديرية تموين حمص أو الوزارة وبرفقة دورية من شعبة المقاييس لدينا وتتم معايرة المخبر المتنقل وهو عبارة عن شاحنة معيارية ذات وزن معياري وفي حال عدم تطابق قراءة اللوحة الإلكترونية للقبان الأرضي مع الوزن المعياري للشاحنة التابعة للمخبر المتنقل بعدم التطابق بنسب تفوق النسب المسموحة يتم تنظيم الضبط اللازم وإحالته إلى القضاء ويتم إيقاف القبان الأرضي عن العمل وينذر صاحبه بضرورة إصلاحه ومعايرته من جديد ويحذر من عدم استخدامه إلا بعد إجراء عملية الإصلاح والمعايرة وفي حال التطابقية يتم منح صاحب القبان شهادة تحقق أو معايرة بعد استيفاء الأجور المالية.
ونوه م. أحمد إلى أن المعايرة تتم بناء على طلب صاحب المحطة أن تكون مأجورة واستيفاء الأجور المالية المترتبة على ذلك أصولاً.
وحول إجابة على سؤالنا المتعلق بالجولات الميدانية والرقابة على كافة المحلات التجارية أفاد م. أحمد: نقوم بجولات على البائعين (فروج – قبابين سوق الهال) وتتم معايرتها أصولاً وفي حال ثبوت المخالفة يتم تنظيم الضبوط حيث تم تنظيم ضبوط لباعة محلات بيع الفروج بعد ثبوت تلاعبهم بالوزن وتم تقديمهم إلى القضاء حيث تم تنظيم 4 ضبوط في مجال التلاعب بالموازين وتكون بناء على شكوى أو تفتيش فجائي.
وبالنسبة لضبوط محطات المحروقات في المحافظة فقد تم تنظيم حوالي الـ 20 ضبطاً بمخالفة التلاعب في كيل العدادات (مضخات بنزين ومازوت) وكانت العقوبة إغلاق المحطة لفترات تتراوح بين الشهر وثلاثة أشهر وإحالة الضبوط إلى القضاء أصولاً.
وأضاف م. أحمد هناك ضبوط شملت موضوع الاحتكار لمادة البنزين وضبوط التلاعب بالعدادات أو باللوحات عن طريق نزع الحساس لتصفير العداد ومخالفة تسرب بمادة مازوت التدفئة بشكل مخالف للتعليمات الإدارية الصادرة عن اجتماع لجنة المحروقات.
وفيما يتعلق بآلات الوزن والكيل والقياس غير المسموح بها في أغراض التجارة أوضح م. أحمد: يتم استخدام مكاييل غير نظامية أو غير معيارية وبالنسبة لأجهزة القياس المستوردة تؤخذ أثناء تخليص البضاعة من المرفأ وتؤخذ عينة من الكمية المستوردة/موازين أو مكاييل أو مقاييس طول/ بنسبة لا تقل عن 2% من عدد الأجهزة المستوردة ويتم التحقق من مطابقتها وتؤخذ أجور الإرسالية وفي حال كانت نتائج التحقق للعينات المأخوذة كما يلي:
إذا كانت نسبة العينات غير المطابقة تبلغ 5% فما دون من كمية العينات المأخوذة تقبل كامل الإرسالية ويصار لإصلاح الأجهزة غير المطابقة وإعادة اختبارها.
وإذا كانت نسبة العينات غير المطابقة أكثر من 5% من كمية العينات المأخوذة ترفض الأجهزة غير المطابقة ويعاد أخذ أجهزة بدلاً منها لإعادة الفحص وفي حال تبين بالفحص أن أحد هذه الأجهزة المأخوذة غير مطابقة ترفض كامل الإرسالية.
وأضاف م. أحمد تعطى موافقة دخول الأجهزة (الموازين والقبابين) اعتماداً على نتائج فحص عينات التحقق ولا توسم كامل الكمية وسم التحقق.
وحول طريقة استيراد آلات الوزن والكيل أجاب م. أحمد: يحق للمستورد استيراد تلك البضاعة بموجب إجازات استيراد وهناك أجور تحقق الموازين والقبابين والمكاييل والأوزان التجارية وجسور الوزن ومضخات المحروقات الثابتة والمتحركة حسب القرار رقم /475/لعام 2018 الصادر عن السيد وزير التجارة الداخلية.
وحول سؤالنا المتعلق بشكوى المستهلك أحياناً عن وجود نقص يتراوح ما بين /100 -200غ/ بالوزن أكد م. أحمد حول ذلك: بأن هناك نسبة قانونية مسموح بها في مجال الأوزان لا تتجاوز /12 بالألف/ وأيضاً في الـ 100 كيلو مسموح منها 200 غرام زيادة أو نقصان تحت تسمية (ارتياب مسموح) أما في حال الزيادة أكثر من 20 غرام يكون هناك مخالفة ويتم تنظيم الضبوط وحسب قانون الـ 14 بالنسبة لضبوط الموازين لعام 2015 الصادر عن السيد رئيس الجمهورية.
وبالنسبة لعقوبات المحطات يتم عرض الضبوط المنظمة على لجنة محروقات المحافظة برئاسة السيد المحافظ ويتم إغلاق المحطة حسب قرار لجنة المحروقات ويحال الضبط إلى القضاء المختص أصولاً حسب القانون 14 لعام 2015.
وفي الختام
لاشك أن هناك علاقة وثيقة بين الموازين والمكاييل والمقاييس وبين استطاعة المواطن على كشف حالات الغش أثناء شراء البضاعة سواء كانت مواد استهلاكية أو زراعية أو مشتقات الألبان والأجبان وما إلى ذلك من كافة التعاملات التجارية.
بثينة منى