خبرات السوريين في تصميم الأزياء وصلت العالمية ولا زالت تنتظر الدعم

العـــــدد 9447

الثلاثاء 15 تشرين الأول 2019

يجتمع العلم والفن والموهبة في مهنة تصميم الأزياء التي باتت تستقطب الكثيرين وذلك بالنظر للجدوى الاقتصادية الكبيرة لها وقد تطورت هذه المهنة في سورية كثيراً حيث باتت جمعية مصممي الأزياء هي الإطار التنظيمي الذي يجمع شريحة واسعة من مزاولي هذه المهنة على امتداد محافظات القطر.
عن تصميم الأزياء واقعه وهمومه والقواعد التي تحكم عمله كان لنا الحديث مع مصممة الأزياء دالين حيدر.
وبداية هذا الحديث كان باستعراض المسيرة المهنية لحيدر والتي تحمل شهادة إعداد المعلمين ورياض الأطفال إضافة لشهادة معهد إيسمودا لتصميم الأزياء بدمشق وعضوية جمعية مصممي الأزياء السورية إضافة للتدريس في أكاديمية إيكارد في مجال التصميم وأيضاً في المدرسة في مدرسة المستقبل الخاصة والمساحات الآمنة التابعة لليونسيف والأمانة السورية للتنمية ومديرية التربية باللاذقية.

 

وتقول حيدر بأن بدايتها في عالم التصميم كانت في عام 2001 وهي لا تزال تمارسها وقد شاركت في العديد من الفعاليات المتعلقة بالأزياء منها مهرجان بكرا أحلى الذي أقامته وزارة السياحة في وادي قنديل حيث قامت فيه بدور رئيسة لجنة الحكم لانتخاب ملكة جمال الساحل كما ومارست دور المشرفة ورئيسة لجنة الحكم في يوم الموضة الذي أقيم في فندق مانويلا الذي شهد تخريج 35 مصمماً للأزياء وضم العديد من الجهات المهتمة بموضوع التصميم الذي تملك محدثتنا العديد من المجموعات الخاصة بها في مجاله وأما عن مواصفات من يريد الدخول إلى عالم تصميم الأزياء فقالت حيدر بأنها عديدة وتشمل الإلمام الجيد بمجال الخياطة والتفصيل كون التصاميم يجب أن تفصل وتخيط وهو الأمر الذي يوجب على المصمم الإلمام بالخياطة بدءاً من سحب القالب حتى إنجاز وتشطيب الموديل كما ويتوجب على المصمم الدراية الجيدة بأنواع الأقمشة والألوان والموضة وامتلاك الخيال والموهبة والعمل المتواصل في مجال التصميم الذي وصفته حيدر بأنه فن وعلم يتم من خلال تشريح وتحريك وإكساء الجسم وفقاً لإيحاءات مستوحاة من الطبيعة أو من المواد الخام أو المواد المصنعة مشيرة إلى وجود عدد كبير من مصممي الأزياء في اللاذقية.
ارتباط بالطبيعة والفصول
وعن ارتباط مهنة تصميم الأزياء بالفصول قالت محدثتنا بأن الأمر مرتبط بطبيعة الجهة التي يتبع لها المصمم فإذا كان يعمل في ورشة فإن أمره يختلف عن وضعه عندما يكون صاحب دار أزياء وذلك لكون المشغل في الحالة الأولى يتبع بخط إنتاج/ بلوز- بنطال- جاكيت- فستان- لباس مدارس- بيجامة- لباس موحد/ وهي جملة المنتجات التي ترتبط بالمواسم/ صيفية- ربيعية- شتوية- خريفية/ حيث يختلف تصميم المصمم والحالة هذه باللون والقماش التي تخضع للموضة العالمية.
أما إذا كان المصمم يعمل لدى دار أزياء فإنه يتبع في العادة لخط معين /فستان سهرة – فستان العرس الأبيض أو قصات الـ ROT الذي يكون في الغالب مشكوك ومن الدانتيل والشيفون والتول أو مرتبط بالموضة/مخامل- ساتان وهنا يخضع عمل المصمم بالموضة العالمية وبالألوان الشائعة مع الحفاظ على الألوان الثابتة وفقاً للموسم مع الإشارة هنا إلى عدم إمكانية التخلي عن ألوان الأبيض والأسود والكحلي في هذا المجال لافتة هنا إلى الغالب على أقمشة الموسم الحالي هو الخيط الصولي مع أقمشة التول أما القصات فهي كلاسيكية وتعود إلى السبعينيات من القرن الماضي أما الجاكيت فمصنوعة من الوتر بروف والكتان الذي يدخل الصوف إليه بقوة في ظل وجود الثوابت /الجلد و الصوف/ فيه في الوقت الذي يغلب على الألوان فيه الألوان الحيادية مثل الأبيض والأسود والدخاني والفضي مع ألوان العسلي والموف الشتوي في الوقت الذي يغلب على التصاميم الشبابية الكموني والزيتي والكحلي التي تتناسب مع فصل الشتاء وتميل فيه القصات بالنسبة للشباب إلى السرج العالي والكوب الضيق وبالنسبة للنساء إلى السرج العالي مع القصات الواسعة /الكلاسيكية / بالنسبة للنساء بعد الإشارة إلى اختلاف تصاميم الأطفال لناحية سهولة اللبس والاعتماد على قصات مطاطية وواسعة مع وجود الفرو على الأكمام أو المخامل والأخذ بالحسبان في هذا المجال لسهولة التصميم وبساطته وجودة القماش الذي ينفذ به.
وماذا عن التكلفة
وفي الجانب المتعلق بالتكلفة فإن الأمر مرتبط بطبيعة التصميم فإذا كان متميزاً وبعيداً عن التقليد فهو يجذب الكثير من أصحاب الوكالات وخطوط الإنتاج وإذا كان تقليداً فإن الأمر يختلف لناحية الطلب والكلفة مع الإشارة هنا إلى أن وجود مواقع الوكالات العالمية على النت مكن من سحب أي موديل وتنفيذه وجعل المردود الناجم عن ذلك أقل مما لو قام المصمم بتصميم موديله وتنفيذه بنفسة مع التنويه إلى عدم وجود ما يحفظ حقوق المصمم بشكل عام نتيجة لهذا الوضع ودعت حيدر إلى ضرورة وجود تنظيم يضم العاملين في مجال التصميم في محافظة اللاذقية وذلك بغية الحفاظ على حقوق العاملين في المهنة وضمان التواصل الدائم فيما بينهم وتبادل الخبرات بينهم لرفد السوق بكوادر مميزة.
وللبيئة الاجتماعية دور
وحول ارتباط التصميم بالبيئة الاجتماعية قالت حيدر بأن التصميم يقسم حسب عمل السيدة والبيئة الاجتماعية والاقتصادية لها فقصات سيدات المجتمع مثلاً تميل إلى القصات الملكية المحتشمة البسيطة القصة و ذات القماش الشرقي الهادف إلى التميز أما بالنسبة للسيدة الإجتماعية فإن لباسها يكون عملي يتناسب وعملها أو خاص مرتبط بمناسبة خاصة في وقت تمثل التصميمات الاقتصادية إلى الارتباط بحاجات المجتمع /لباس المدارس- الموظفين الموحد في المشافي وللعمال/.
أما لباس الفنانات والنجوم ومشاهير الإعلام والتلفزيون فهو يختلف وفقاً للعديد من المحددات التي تحكمه والمرتبطة بوقت ومكان وطبيعة المناسبة التي يظهر فيها النجم.
فرصة عمل ومصدر رزق
وكما كل مهنة فإن من يمارسها يبحث عن فرصة العمل ومصدر الرزق وهنا تبين حيدر بأن الفترة الحالية شهدت تحسناً مقارنة بالماضي وذلك نتيجة لميل أصحاب خطوط الإنتاج والوكالات للاستعانة باختصاصيين في مجال التصميم في عملهم مشيرة هنا إلى ضرورة التميز بين محبي المهنة كهواية وبين من يتخذون منه وسيلة للتميز ولإثبات وجودهم في عالم التصميم بعد الإشارة إلى وجود أطباء ومهندسين وفنانين تشكيليين وغيرهم في مجال العمل في مجال تصميم الأزياء الذي تركت الأزمة تأثيراتها عليه كثيراً إن كان على صعيد خروج الكثير من خطوط الانتاج من سورية إلى البلدان المجاورة مثل مصر التي خرج إليها أحد أهم مصانع الجينزات التي كانت موجودة في سورية أو لخروج الكثير من الخبرات التي كانت موجودة إلى تلك الدول علماً بأن للأزمة دور في خلق خطوط لم تكن موجودة لدينا والتي بتنا نصدر منتجاتنا منها إلى الخارج
وحول ارتباط التصميم بالتراث قالت حيدر بأنه ارتباط وثيق وأشارك إلى أن التصاميم الحالية بعيدة عن تراثنا الشرقي وذلك بفعل النت الذي جعل الميل في التصميم يسير باتجاه القصات الجريئة المكشوفة البعيدة عن تراثنا الشرقي لافتة في هذا الجانب إلى كون خط العباية واللباس الشرقي لم نعد نراه إلا في المتاحف وإلى أن أغلب المصممين باتوا يستوحون تصميماتهم من المصممين الغربيين وذلك ضمن سعيهم لمواكبة السوق ومتطلباته.
وأما بالنسبة للتصميم السوري فقالت حيدر بأنه يتبع للمناطق فالمناطق الداخلية تميل تصاميمها إلى العبايات والجلباب والمناطق الساحلية تميل نحو الطابع الغربي وفي حمص ودمشق والسويداء نحو اللباس المرتبط بالتراث الخاص بهم مع اللباس الشعبي المتناسب مع مناسباتهم ولا سيما الأعراس.

والأجسام تلعب دور أيضاً
ومن العوامل التي تؤثر على التصميم أنواع أجسام السيدات وهنا تميز حيدر بين عدة نمازج من الأجسام أولها جسم الإجاصة الذي تكون فيه السيدة بكتف ضيق حوض واسع والذي تكون القصات فيه واسعة من الأعلى أما ثاني هذه الأجسام فهو جسم الموزة الذي يمثل الموضة لهذه الأعوام لاستطالة الجسم والميل للجسم الشبابي الذي تتجه قصاته نحو موديل الفرند بوي مع القميص الفضفاض وهناك أيضاً جسم التفاحة الذي يمثل السيدة الممتلئة من الأعلى والنحيلة في الأسفل والتي تكون قصاتها واسعة في الجزء السفلي لكن تتناسب مع الجسم وتوجد العديد من أنواع الأجسام التي تتناسب قصاتها مع جسم المرأة.
علماً أن عوامل التأثير في التصميم لا تقتصر على الجسم بل مع اللون أيضاً حيث أن لكل بشرة ألوان محددة تتناسب معها فالأجسام الممتلئة ذات الألوان الداكنة يناسبها الألوان المضاف إلى تكوينها اللون الأسود أما الألوان الفاتحة والأجسام النحيلة فيناسبها الألوان الفاتحة والمضاف إليها نسب أبيض عالية مع الإشارة إلى أن طبيعة القصة تضيف للون جمالية وكذلك طبيعة القماش حيث أن الألوان الحيادية المستحدثة /برونزي- فضي- ذهبي- نحاسي/ تناسب كل البشرات مع تفضيل النحاسي لذوي البشرة الداكنة والمتوسطة والذهبي والفضي لذوات البشرة الحنطية والبيضاء.
مجموعة كحل
وكان الحديث مع حيدر فرصة للتعرف على مجموعتها الجديدة للموسم الشتوي والتي أسمتها مجموعة كحل باللون الأسود والخيط الذهبي والتي بدأت باللون الأسود لتنتهي باللون الأبيض في لفتة رمزية إلى الأزمة التي نمر بها والتي بدأت بسواد حالك والتي سنخرج قريباً منها بالبياض والإنفراج أما القصات التي اعتمدت عليها المجموعة فأخذت طابع العباية مع الزي المحدث بجاكيت طويلة مع بنطال شرقي منتهى الخيط القصب وإضافة الميلان والشك اليدوي أما الفساتين فإن قصاتها تناسبت مع أنواع الجسم وشملت الأجسام الممتلئة بشكل محدد وذلك لافتقار السوق لمثل هذه القصات.
هموم ومعاناة
وختمنا اللقاء مع المصممة حيدر بالإشارة إلى الهموم التي تعاني منها مهنة تصميم الأزياء والتي تكمن بحسب رأيها في عشوائية العمل والافتقار إلى الخامات والآلات والمعدات الكافية واللازمة للعمل ناهيك عن الحاجة للقروض الصناعية التي تسهل عمل المصممين ولا سيما في ظل الشروط الصعبة التي تحكم الحصول
على القروض وعدم كفاية سقوف القروض لتكاليف إقامة مشروع وخصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف العقارات التي يمكن أن تقام عليها المشاريع ناهيك عن غياب وجود أية مشاغل تابعة للدولة تستقطب المصممين وكون القطاع الخاص مستثمراً تاني للتميز على منافسيه على حساب احتكار جهد المهن الذي يعمل عنده وعدم التزامه بشروط وأحكام قانون التأمينات الاجتماعية لناحية تسجيل العمالة الموجودة لديهم إضافة للمشاكل المتمثلة بارتفاع أسعار القماش والضرائب الباهظة التي تفرض على المنتجين والتي تضطرهم إلى زيادة الأسعار على المستهلكين وهو ما يقلل قدرة هؤلاء المنتجين على المنافسة.
وأشادت حيدر في هذا الجانب إلى أن هذه الأمور أثرت سلباً على عمل المصممين السوريين الذي يتمتعون بخبرات واسعة والذين أثبتوا مكانتهم في السوق وذلك رغم الصعوبات الكبيرة التي تحيط بعملهم منوهة إلى وجود العديد من المصممين السوريين الذين وصلوا إلى مستوى العالمية وإلى كون المنتجات السورية موجودة في أغلب المحلات اللبنانية والإماراتية وغيرها وذلك رغم المنافسة التي تتعرض لها ولا سيما من المنتجات الصينية التي يتجه إليها بعض الزبائن نتيجة لانخفاض تكلفتها سواء من حيث تكلفة المواد أو الأجور أو غير ذلك من العناصر الداخلة في حساب التكلفة.

نعمان أصلان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار