تكسـي.. كـل يسعـّر على «ليــلاه»

العدد: 9445

الأحد: 13-10-2019

ليس كل من يصعد في سيارة أجرة خاصة أو عمومية هو من الأثرياء كما يلمح البعض أحياناً، لكن الحاجة رعناء، وتجبرنا الظروف بسبب مسافة بعيدة أو عدم وجود باصات نقل توصلنا حيث نريد أو حتى تقف لنا، فلضيق الوقت أو بسبب الطقس حار أم ماطر، نرى أنفسنا نشير لأي سيارة أجرة كي نصل لهدفنا، لكن بعد كل أزمة وقود تقفز الأسعار ولا تتوحد للأسف، وعند سؤال المعنيين فكلٌ يلقي بالتهمة على الآخر وسط لا اهتمام حقيقي بوضع حدّ لهذا التباين في تحديد الأسعار بحجة عدم شكوى المواطن، مما جعل صراخ المواطن يعلو ليصل إلينا طالباً تدخل من يجب عليه أن يسهل الأمور في ظل أزمة فرضت الأزمات على شتى أنواعها.
لذا قررنا في (صحيفة الوحدة) الوقوف عند آراء المواطنين والسائقين وبعض المعنيين بالأمر في اللاذقية وجبلة وبانياس.
ففي اللاذقية، سيارات الأجرة الصفراء وما أكثرها تقف في الكراج الجديد ولدى مدخل الجامعة وفي كل موقع حيوي نجدها ولكن من سيصعد بها وكل سائق يطلب أجراً مختلفاً ولا يتناسب مع البعد والمسافة وحتى العداد الذي يلزم به السائقون في اللاذقية قبل الأزمة في وطننا، لم يعد في الخدمة ولا يعتمدونه سوى منظراً وعلى الورق.
وفي جبلة: معاناة أكبر فبات موضوع استئجار سيارة لتوصيلة ما أمراً مؤرقاً ومزعجاً لمن يحتاج إذ لا يحكمه قانون ولا معيار ولا حتى عرف بين السائقين إنما حسب المثل الشعبي القائل (أنت وشطارتك) وحتى الشطارة هنا لا حدود لها إلا الضمير.

فوضى لا نهاية لها وسط عمل السيارات السياحية وحتى العمومية منها ذات الفانوس والمخصصات الأعلى من البنزين وإن كانت أجور هذه أقل وطأة أحياناً كونها لا تدفع لمكتب بل تدور في الشوارع أو تقف في أماكن معينة كمداخل الكراجات ومواقف باصات النقل والأماكن التي تشهد ازدحاماً وطلباً لها.
وكي لا نبخس أحداً حقه في موضوعنا هذا كان لابد من الوقوف على آراء بعض المواطنين ممن يستخدمون سيارات التكسي بشكل يومي فكانت إجاباتهم متباينة كالأسعار ومتباينة من حيث القدرة المالية وتوفرها، وشحتها قلة ذات اليد وعدم القدرة على الدفع والبحبحة.
× الشاب ع. أ قال: أنا لا يمكن أن أستخدم السرفيس، يومياً أطلب سيارة أكثر من مرة ولذلك هناك سائقون محددون أطلبهم وبالتالي أجورهم معقولة، أحياناً أحس بأنهم يطلبون زيادة فأعطيهم.
* السيدة ع. ز: أنا تقريباً بشكل يومي بحاجة توصيلة حاولت أكثر من مرة، أنا أتعاون مع سائق معين وألتزم بألا أطلب غيره كي تكون أسعاره معقولة بالنسبة لي وبالفعل كان يأخذ أجرة معقولة ولكن أحياناً لا أجده عند الحاجة فأضطر للتعامل مع سائق آخر وبالمجمل الأجور غالية ومتباينة وكل سائق له تسعيرته.
* السيدة ر. ع: أنا تقريباً كل أسبوع أضطر لأخذ سيارة ولكن خارج المدينة حاولت التعامل مع سيارات المكاتب أي السيارات الخاصة والعمومية وحتى بعض معارفنا الذين يعملون في الريف أو المدينة على حد سواء كلهم أسعارهم متفاوتة وعالية ولا تخضع لأي معيار فقط لمعيار ما يدفعون من أجور إصلاح وصيانة وبنزين وإطارات و… شكاواهم وحفظناها.
* السيدة ف. ح: حاولت أكثر من مرة أن أعرف كم يتقاضى السائق وحسب المسافة خاصة خارج المدينة وحتى هذه حولها جدل إذ أن بعضهم يعتبر الصناعة شرقاً والمسابح على الكورنيش جنوباً هذه يعتبرونها خارج المدينة وبالتالي يتقاضون عليها أجوراً مضاعفة حتى التوصيلات من المشفى الوطني إلى الكراج الجديد كل سائق يتقاضى مبلغاً مختلفاً عن الآخر بعضهم 400 وآخرون 600 أو 500 وليس أمامنا سوى الانصياع والدفع تحت ضغط الحاجة.
* ضحى غانم أم لثلاثة أطفال: زوجي مسافر وأسكن في منطقة الصناعة، كل يوم أنا على موعد مع روتين جلب أطفالي من المدرسة وإحضار أغراض أو الذهاب للطبيب، أطلب تكسي من مكتب بالقرب من منزلي لأن المكتب معروف ولكن كل مرة أدفع تسعيرة مختلفة لنفس الأمكنة، وإذا ما سألت يتحجج السائق بغلاء تكاليف إصلاح السيارة المكلف.
* فراس يوسف: السرافيس لا توصلني حيث مكان عملي ولذلك أغلب الأوقات أصعد مع أي سيارة صفراء لذلك أدفع بكل مرة شكل، ونعم الأمر مرهق مادياً لكن أنا أعمل عملين لذلك ما أدخله من راتب لدى وظيفة الدولة أدفعه في سبيل عملي الخاص.

وللسائقين شكواهم!
ولأنهم يعملون خارج نطاق القانون ولا وسيلة لتنظيم عملهم لم يرض أحد منهم ذكر اسمه الكامل.
* السائق عبد المنعم: نحن نقدم خدمة للناس ومن أمام منازلهم، لذلك هذا معروف لدى الجميع أن أسعارنا ستكون أعلى وتختلف عن التكسي التي في الشارع.
* السائق ي. ا: طبعاً اضطررت تحت ضغط الحاجة المادية أن أعمل على سيارتي الخاصة في خدمة توصيل (طلبات) أنا مخصصات سيارتي الشهرية 100 ليتر بنزين كما هو معروف، وهذه لا تكفيني لأكثر من يومين إلى ثلاثة لأضطر لشراء البنزين الحر بقية أيام الشهر كما يتوجب علي الدفع للمكتب الذي أعمل لصالحه ودفع متفرقات أثناء تجوالي في شوارع المدينة وبالتالي أضطر لاستيفاء أجرة قد يراها البعض عالية لكن هناك معايير ليس باستطاعتنا تخطيها فمثلاً معروف أن الأجرة من ضاحية الأسد إلى الكراج الجديد 400 ليرة وأسعار خارج المدينة كذلك نتعامل معها بأسلوب آخر والمسافات الطويلة 150 ليرة لكل 1كم وهذه معروفة للجميع وكل من يقع ضحية تقاضي أجور زائدة يفترض أن يقدم شكوى إما للتموين أو لشرطة المرور.
وكي لا نظلم فريقاً أو نلقي باللائمة على هؤلاء دون غيرهم التقينا عدة سائقين يعملون لدى مكاتب خدمة تكسي فقالوا:
بداية لم نعمل إلا تحت ضغط الحاجة نحن اشترينا سيارات لخدمتنا ونزهاتنا ومشاويرنا ولكن ما وصلنا إليه من ظروف مادية صعبة أجبرتنا على العمل تحت وطأة غلاء كل ما يخص السيارة من قلة البنزين واضطرارنا للشراء بالسعر الحر وليس انتهاء بتغيير الزيت والإطارات وأجور الإصلاح وقطع الغيار وفي معظم الأحيان تكون أجور الإصلاح وتركيب القطع أغلى من القطع نفسها والتي إن وجدت تضاعفت أسعارها عشرات المرات وهذه أكثر السلع التي تتأثر بصعود الدولار.
نحن وحسب القانون ممنوعون من العمل ولا يحق لنا لذلك تتم مخالفتنا باستمرار، وصرنا (ملطشة) لشرطة المرور في كل تحرك وكل شارع، وأحياناً نتهرب من المرور في المدينة تحسباً للدفع والمخالفة وهذا أيضاً يرتب علينا استحقاقات كثيرة كما وندفع للمكتب شهرياً ما بين 3500 و4500 ليرة لذلك نحن مضطرون لزيادة الأجرة على الزبون.
هذه مواجعهم ولكن بسؤالنا لسائقين يعملان بنفس المكتب ولهما نفس المخصصات من البنزين عن أجرة توصيل لمكان معين كان الفارق بينهما 300 ليرة وكما ذكرنا نفس التوصيلة وهنا كما نعلم المعيار هو الضمير بل كمية الجشع والطمع المستحكم.
ولدى لقائنا بمجموعة سائقي سيارات عمومي هؤلاء أيضاً لهم معاناتهم وإن كانت أقل بحكم أن مخصصاتهم الشهرية من البنزين أكثر والبالغة 350 ليتراً وعلى حد قولهم أيضاً لا تكفيهم لنهاية الشهر ولديهم ضرائب ورسوم سنوية أعلى من السيارات الخاصة كما ويدفعون نفس أجور الإصلاح والصيانة وقطع الغيار التي يدفعها هؤلاء.
سياراتنا مسجلة عمومي ولها فانوس ومعفيون من تشغيل العداد ندور في المدينة ونقف في أماكن محددة وأجورنا أقل من السيارات الخاصة ونعتقد أن المواطن بات يلمس ذلك ونحن نلتزم بذلك وأي زبون يتأفف أو يعترض على الأجرة فلينظم شكوى بحقنا إما أمام المرور أو التموين فنحن تحت سقف القانون.
تعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن
وبالعودة إلى رأي التموين أكد الأستاذ إياد جديد مدير التموين باللاذقية على لامبالاة المواطنين فيما يخص حقوقهم بموضوع تقاصي الأجور الزائدة من قبل السائقين، فلماذا لا يلجؤون لتنظيم شكوى في حال تعرضوا لتقاضي أسعار زائدة؟ إما للتموين وإما للمرور ويرى بأم عينه كيف سيتعاقب السائق وتفرض عليه الغرامات وحتى حجز السيارة لدى المرور، أما إذا ما بقي المواطن أو الزبون يقول: حرام أن نؤذي السائق أو نعرضه للمساءلة والعقوبة، فسيبقى عرضة للابتزاز والظلم وسيبقى السائق يفرض ما يريد ويسرح ويمرح على هواه مطمئناً أن لا أحد سيشكوه، وأضاف متعجباً: لماذا لا يقوم الزبون بالشكوى إذا ما تعرض لدفع أجور زائدة؟ لماذا الخوف؟ المواطن بتصرفه هذا هو من يكرس حالة الفوضى بالأجور وهو شريك بها من حيث لا يدري لذلك نطلب من كل مواطن إذا ما أيقن أنه تعرض لدفع أجر زائد بأن يبادر فوراً إلى الإبلاغ عن الحالة للمرور أو التموين وسيرى بأم عينه أنه سيحصل على حقه وتتم مخالفة ومعاقبته وبالتالي ستقل وتخف حالات تقاضي الأجور الزائدة ويعلم السائق أنه مراقب ويرتدع.
وبالعودة إلى نشرة تسعيرة مديرية التموين الصادرة عام 2016 بموافقة المكتب التنفيذي بالمحافظة بخصوص السيارات السياحية العاملة على العداد ضمن مدينة اللاذقية (ومدينة جبلة مثلها والسائق فيها معفى من تشغيل العداد هذا إن وجد) فإن أجرة كل 1كم هي 40 ليرة وأجرة الساعة الزمنية 535 ليرة وطبعاً النشرة فيها تسعيرة قيمة الانطلاقة الأولى وهي 25 ليرة وقيمة القفزة الواحدة والمسافة الابتدائية ومسافة القفزة المتتالية ومدة القفزة الزمنية ومدة القفزة الزمنية المتتالية.
هذه المصطلحات واضحة بمفهوم اللجنة التي أقرتها وسعرتها وغير ذلك نظنها طلاسم للجميع من المواطنين كونهم لم يسمعوا بها من قبل أو أن أحداً لم يشرحها لهم، كذلك السائقون العمومي فنسبة كبيرة منهم لا تعلم بهذه التفاصيل والذين يعرفونها فنجزم أنهم لا يطبقونها فكيف بسائقي سيارات التكسي الخاصة، لذلك وبرأينا فإن أحداً من فئتي السائقين العمومي والخصوصي لن يعمل بها ولن يعتمدها لا داخل ولا خارج المدن خاصة وأنها من عام 2016 ونحن كل يوم وكل أسبوع وكل شهر نشهد ارتفاع الأسعار فكيف وعمرها ثلاث سنوات.
وفي بانياس: أمران أحلاهما مرّ!
المواطنون يجدون أجور السيارات مرتفعة، وأصحاب السيارات يناشدون التموين لإعادة النظر في أجورهم، وكل يتمنى التغيير لصالحه أما واقع الحال رصدته جريدة الوحدة من خلال لقاءات مع أصحاب السيارات والمواطنين وكانت لنا الحوارات الآتية:
يقول أحد العاملين في مكاتب بانياس في السيارات تسعيرة التموين غير منصفة لهم فهي لا تأخذ بالحسبان ثمن البنزين وثمن قطع الغيار خاصة وأن القطعة التي كان ثمنها ألف ليرة أصبح الآن 10000 وبالتالي نطلب الإنصاف في التسعيرة، أما فيما يخص اختلاف الأجور بين بعض السيارات فيعود ذلك لوجود سعرين للبنزين أحدهما مدعوم والآخر حر، وهناك بعض الأشخاص الذين بإمكانهم تعبئة بنزين مدعوم من خلال الاستعانة بأصدقائهم أو أقاربهم وبالتالي يمكنهم تخفيض أجورهم أما من يشتري البنزين بالسعر الحر فمن المستحيل أن يخفض أجره، مع العلم أن عدد السيارات العامة الموجودة في مدينة بانياس غير كافٍ لتلبية طلبات سكانها، لذا نرجو النظر بوضع السيارات الخاصة في المكاتب أو فتح باب تعميم السيارات للحصول على كمية أكبر من البنزين المدعوم، وتابع يشكو همه: الأسعار ارتفعت كثيراً بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وعلى الرغم من نزول الدولار إلا أن الأسعار لازالت مرتفعة بالإضافة إلى أن قطع الغيار الموجودة حالياً ليست من الأصلية وإن أردنا الحصول على الأصلي منها فيكون من سيارات تسمى قصة أو من سيارة قديمة وهنا يتحكم بنا البائع لعدم وجود أسعار ثابتة ومحددة، ثم قاطعه صديقه قائلاً إن الفرق بين السيارات الخاصة والسيارات العامة هو أن السيارات العامة بإمكانها أن تذهب مثلاً من الكراج إلى مدينة بانياس براكب وهناك احتمال كبير أن تعود براكب آخر لأنها سيارة عامة وتعرف من خلال لونها بينما نحن قلة قليلة تعرف أننا سيارات عامة وبالتالي سنذهب براكب ولكننا سنعود وحيدين، وفي الختام تمنى جميع العاملين في المكتب إعادة النظر في تسعيرة السيارات الخاصة وفتح باب التعميم ليتمكنوا من تعميم سياراتهم.
وفي جولتنا دخلنا إلى مكتب آخر وأكد العاملون فيه أن مخصصات البنزين هي سبب رئيسي للمشاكل التي تواجههم، وطالبوا بمنحهم مخصصات أكثر ومساواتهم مع السيارات العمومية أو القيام بفتح باب التعميم حتى يتمكنوا من تعميم سياراتهم فبعد غلاء البنزين لم يعد مردود السيارات كافياً لإعالة أسرهم خاصة أن الطلب على السيارات نقص بنسبة ٥٠%.
أيضاً التقينا أحد سائقي السيارات العمومية وقال: لا يمكننا العمل كسيارات دوارة لذا نجلس بأماكن محددة يكون فيها الناس بحاجة لوجود سيارات كمدخل الكراج أو في نهاية السوق، لأن السير دون راكب قد يطول وخاصة في ظل الظروف التي نعيشها حالياً، وخسارة البنزين (عالفاضي) لا تناسب الوضع.
أما آراء المواطنين فكانت:
قالت مي تجور إن أجور السيارات مرتفعة مقارنة بالمسافة التي تقطعها لكن لا يوجد حل آخر فنحن في بانياس أمام أمرين أحلاهما مر فإما أن نسير بكافة الظروف والأجواء أو ندفع ونحن نبتسم.
وقالت المهندسة حسناء: إن طبيعة النقل السيئة في بانياس تفرض علينا كثيراً اللجوء إلى طلب السيارات على الرغم من ارتفاع أسعارها إلا أننا لا نجد أمامنا إلا هذا الحل فمن الصعب بل من المستحيل السير في فصل الصيف تحت أشعة الشمس الحارقة.
كذلك قالت السيدة أم علي: لدي ولدان في الجامعة وفي كثير من الأحيان يصلان في وقت متأخر فيضطران إلى طلب سيارات وهذا عبء كبير علينا إلا أن عدم وجود سرافيس يفرض ذلك.
وكان للسيد رأفت علي رأي مختلف فقال: من يقول أن أجرة السيارة قد تتسبب بخلل في ميزانية عيشه، فيمكنه الاستغناء عنها ببساطة واستخدامها عند الحاجات القصوى فقط، لأن أصحاب السيارات يعيشون الغلاء الذي نعيشه كمواطنين ومن حقهم رفع أجورهم بما يتناسب مع غلاء المعيشة.
مسؤوليتكم.. وليس دورنا!
حاولنا التحدث إلى النقيب مصطفى قناطري وهو رئيس قسم المرور في جبلة فرفض إعطاءنا أي تصريح للصحيفة بحجة أنه علينا جلب موافقة من دمشق، ويجدر بالذكر أنها ليست المرة الأولى.
مع تقديرنا لعمل الجميع، فإن جلب هذه الموافقة يقع عليكم وليس علينا، والرد على استفسارات الإعلام حقّ لنا يضمنه القانون.

 سماح العلي – آمنة يوسف – رنا ياسين غانم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار