المــــــــــــوت الصـّــــــامت … من يحمي عمالنا من سموم المصانع والمعامل؟

العدد: 9442

الثلاثاء-8-10-2019

 

 

ضجيــــــج المعـــــــامل لا يحتمـــــل والعمـــــــــال غير مكترثين وأحيـــــــاناً يصــــــل إلى 105 ديسبل

 

سلامة عمالنا أمانة في أعناق إداراتهم، وما يدفعنا لقول ذلك إن العاملين يتعرضون خلال عملهم إلى العديد من المخاطر والإصابات المهنية في المؤسسات الإنتاجية والخدمية والمديريات والشركات، والتي تؤثر على صحتهم وأدائهم الوظيفي، لذلك يجب تأمينهم بكافة المعدات والأدوات لحمايتهم.
الهدف الأسمى هو خلق بيئة عمل آمنة وسليمة ومناسبة، لذلك يترتب على الجميع تضافر الجهود للحد من تلك الإصابات والتقليل منها من خلال استخدام الوسائل الفردية المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية لحمايتهم، وضرورة تطبيق القواعد الأساسية بالشكل الصحيح في جميع المنشآت سواء القطاع العام أو الخاص أو المشترك.
من الممكن الإشارة إلى أهمية التوعية ونشر ثقافة الصحة والسلامة وتبيان أهميتها وفوائد تطبيقها للتقليل منها.
أسئلة عديدة تجول في مخيلتنا توجهنا بها إلى من لهم صلة بذلك سواء العامل أو الدائرة المختصة بهذا الشأن، ما الوسائل الفردية التي توزع على العمال لحمايتهم في منشآتهم وهل تفي بالغرض المطلوب؟ وما مدى التزام العمال باتباع أساليب الوقاية؟ وكيفية توعيتهم بقواعد وشروط الصحة والسلامة المهنية؟ ومن يحمي العمال من سموم المعامل والمصانع والمخاطر التي يتعرضون لها؟ وما الخطوات الأساسية لتجنب الأمراض المهنية؟ وما هي الإجراءات الاحترازية الوقائية للتخفيف أو التقليل من تلك المخاطر؟ ومدى التنسيق والتعاون بين دوائر الصحة والسلامة المهنية في القطاعات كافة والتأمينات الاجتماعية لتفعيل دورها؟

سلامة جزئية
بداية انطلقنا إلى مديرية التبغ ومحطتنا الأولى معمل التحضير، فعند دخولنا استنشقنا روائح معبقة بالدخان تزكم الأنوف لتصل إلى الرئتين فالروائح قوية جداً إلى أبعد حد والضجيج يملأ الصالة والذي يؤثر سلباً على آذانهم بشكل تدريجي مسبباً الصمم.
ومن خلال مشاهداتنا تبين أن بعض العمال يضعون الكمامات الواقية والآخرون غير مكترثين بذلك.

ورغم الضجيج الذي لا يحتمل ويصم الآذان فلم نر أي عامل يستخدم سدادات الأذن،
أما الرطوبة ودرجة الحرارة حدّث ولا حرج فهي مرتفعة، وعند سؤالنا عن كيفية العمل في الأجواء غير الصحية ومنها غبار الدخان وأصوات الآلات المجلجلة العالية وخاصة في معمل السجائر؟ فأتت الإجابات شاملة:
* العاملة سوزان مصطفى تقول باستهتار: منذ سنتين هذا الوضع فقد تعودنا على الضجيج، والأصوات باتت روتينية، والكمامات تخفف من الغبار بقدر بسيط، وبالنسبة لي لا أستخدمها، لأن لدي حساسية وضيق تنفس.
* العامل الفني أحمد محفوض يؤكد أنه يتم توزيع الوسائل الفردية المتعلقة بحماية العمال يومياً فمنهم من يستخدمها والآخرون غير آبهين بذلك، وهناك بعض العمال الذين طالبوا بتخفيض سن التقاعد إلى الخمسين عاماً، وزيادة قيمة الوجبة الغذائية بما يتناسب مع الأسعار الحالية، وحالياً قيمتها 600 ليرة شهرياً.
* والتقينا المهندس محمد دالي رئيس مصنع التحضير الذي أفادنا أن الخطوط تعمل بشكل نظامي وشفاطات التهوية موجودة، إلا أن الحجم أكبر من عملية الشفط ولا يمكن التخفيف منه أكثر من ذلك حالياً، أما فيما يتعلق بأصوات الآلات يتم توزيع سدات الأذن لمن يرغب من العمال والأغلبية لا يستخدمونها، وهذا الأمر لا يمكن تلافيه أو الحد منه، فبكل معامل العالم موجودة والمحركات الضخمة تتحرك، والأسطوانات تدور وفي الحالات المرضية التي يتأثر بها العامل يتم نقله إلى مكان آخر يتناسب مع وضعه الصحي، ودرجات الحرارة في الصيف تزداد سوءاً بينما في الشتاء مقبولة أكثر.
* المهندس نمير مهنا رئيس قسم الإنتاج أفادنا بمعلومات عن الطاقم الطبي والممرضات من جميع الاختصاصات ضمن المعمل بالإضافة إلى وجود سيارة إسعاف، وفي حال تعرض العامل لأي إصابة يعرض على اللجنة الطبية وتصرف له الأدوية، كما تعطي المشافي التحاليل الطبية كافة والعمليات الجراحية والأدوية إذا تطلب الأمر ذلك، ويوجد في قسم الإنتاج ثلاث عيادات وبكل قسم عيادة، كما في جبلة والقرداحة والمديرية العامة لعلاج الحالات المرضية.

إصابة كهرباء مؤلمة
* العامل المصاب رامز عيسى محمد يقول: تعرضت خلال قيامي بواجبي في صلنفة إلى صعق كهربائي وذلك خلال إيصال التيار الكهربائي وأدى ذلك إلى بتر الطرفين العلويين والطرف اليساري السفلي، علماً أنني كنت أرتدي الحذاء العازل والقفازات الواقية والكماشة العازلة، إلا ان التوتر كان مرتفعاً، ورغم ذلك سببت لي الإصابة المؤلمة.
ولا أنكر أن الشركة العامة للكهرباء اهتمت لأمري وأرسلتني إلى ألمانيا للعلاج وقد تم تركيب لي الأطراف الاصطناعية، ولذلك أنصح زملائي بضرورة التقيد بكافة التعليمات واستخدام الأدوات التي تؤمن حماية العامل.
* المهندس إزار علي رئيس دائرة التدريب والأمن الصناعي في شركة الكهرباء يؤكد على أن: مسألة الصحة والسلامة المهنية تعد من أهم أولويات المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء نظراً لأهميتها في الحفاظ على القوى العاملة والمنشآت الكهربائية لذا تم وضع الأسس الفنية الكفيلة لتحقيق ظروف العمل الآمنة والسليمة ، للوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية وبالتالي ينعكس ذلك على العملية الإنتاجية ويساهم في تحقيق أهداف المؤسسة.
ويضيف: أن العاملين يتعرضون في المنشآت الكهربائية لحوادث عمل مختلفة قد تكون نتائجها بذات عواقب خطرة ومميتة، وتقسم هذه الحوادث إلى نوعين:
– حوادث ناجمة عن الصدمة الكهربائية وتكون أسبابها ناتجة إما عن عدم التقيد بقواعد الأمن الصناعي أو عدم استخدام وسائل الحماية الفردية أو الجماعية أو عن خطأ في المناورات أو في تطبيق التعليمات والأوامر، أو عن التفاعل العوامل الجوية الكهربائية/ التحريضية/ تتسرب إلى التمديدات الكهربائية.
– حوادث ناجمة عن أسباب أخرى وتكون أسبابها إما استعمال معدات غير ملائمة وغير صالحة للعمل أو عن إهمال وقلة انتباه للمستخدمين واستخفافهم بالأخطار المتعرضين لها.

والأمن الصناعي هو مجموعة الإجراءات والتدابير المتخذة والتي تهدف إلى حماية العمال والمنشآت من الأخطار والأخطاء المحتملة بمختلف أشكالها.
وينوه م. علي: إلى أن أثر التيار الكهربائي على جسم الإنسان يمكن أن يكون رعشة خفيفة أو فقدان مؤقت للوعي وفي الصدمات الكبيرة يتوقف التنفس والقلب ويكون العامل معرضاً للوفاة إذا لم يتم التدخل في الوقت المناسب.
وتتوقف خطورة الصدمة الكهربائية إلى عدة عوامل:
– شدة التيار الكهربائي ومساره خلال الجسم
– الفترة الزمنية التي يتعرض خلالها الجسم للصدمة
– رطوبة الجسم: يمكن للتيار الكهربائي خلال سريانه أن يحدث إصابات مختلفة في الجسم كالحروق بدرجات متفاوتة، حسب شدة التيار، أو تأثيرات في الأوعية الدموية أو الجهاز العصبي أو القلب أو الكلية أو الكبد، بالإضافة إلى الأثر النفسي الذي يتعرض له المصاب.
وتتنوع أدوات وأجهزة الحماية في الأعمال الكهربائية، ويمكن تحقيق الأمن أثناء التعامل مع الكهرباء من خلال استخدام الأدوات والأجهزة المناسبة للعمل والملائمة للتوتر الكهربائي ومنها: مفكات، بانسات، منشار معدني، مشرط، مفتاح رنش، مفتاح شق وحلق، مفتاح طقات، جهاز الآفو متر، مصابيح الإنارة محمولة باليد أو مثبتة على خوذة العامل، بالإضافة لأجهزة أخرى وهي:
– التأريض ولها أنواع مختلفة حسب التوتر الذي يتم العمل عليه
– تسلق الأعمدة الخشبية أو المعدنية أو البيتونية
– كواشف التوتر المتوسط والمنخفض.
– القبعات الواقية والعازلة لحماية الرأس من تساقط المواد الثقيلة والحادة وتكون مصممة بحيث تتوزع القدرة الناتجة عن الصدمة على محيط الرأس.
أما القبعة العازلة تُصنع من مواد ذات عازلية عالية للتيار الكهربائي وهنا يجب التنويه على ضرورة إجراء كشف دوري للتأكد من سلامة الخوذة من الشروخ التي يمكن أن تكون مصدراً خطراً فيما لو استخدمت في العمل تحت خط توتر عال.

مشروع لإصلاح الحساسات المعطلة
* المهندس رامي سلمان رئيس دائرة الشؤون الفنية في قسم الإنتاج: من أولويات اهتماماتنا بالدرجة الأولى السلامة المهنية في صالات الإنتاج، وقد تم تنفيذ مشروع التكييف في الصالات، بالإضافة إلى مشروع عملية التهوية وتنقية الهواء وسحب الغبار والروائح وهو تكملة لمشروع التكييف، وقد أصبح الوضع أفضل بنسبة جيدة لظروف العمل من حيث الحرارة والتهوية والغبار، حتى الملوثات والروائح حاولنا التخفيف منها قدر الإمكان.
وعن الإجراءات المتخذة لحماية العمال أفادنا بضرورة الالتزام بالوسائل الفردية مثل الكمامات الواقية وأرضية الرأس ونعمل جاهدين لإلزام العمال باستخدام تلك الأدوات وما يتعلق بمصنع التحضير حاولنا في كافة مفاصله تأمين شفاطات لسحب الغبار من الأماكن المتواجدة فيها، وتم تخفيفها بنسبة تتراوح ما بين 70-80% من الغبار الذي يؤثر على الجو.
وفي معمل السجائر صحيح أن هناك أصوات ضجيج وأزيز ولدينا علم بأن هناك حالات صمم للآذان فمن المفروض تدارك الأمر علماً فقد وزعنا السدادات، إلا أن العمال لا يلتزمون باستخدامها، وخلال الأزمة التي تعرض لها بلدنا الحبيب كان هناك معاناة من نقص القطع الالكترونية والحساسات التي تحمي العمال من الإصابات ويسبب الحصار صعوبة بتأمينها، وقد ألغي جدار الحماية بنسبة 60% وبالتالي زادت الإصابات عند العمال وسببت حالات جرح أو بتر أصبع، وحالياً يوجد مشروع لاستكمال شبكة الإنذار للمناطق غير المخدمة وإصلاح الحساسات المعطلة في كل مفاصل المنطقة الساحلية.

* المهندس منذر حسكية رئيس دائرة الصحة والسلامة المهنية في قسم الإنتاج أشار إلى أن السلامة المهنية مؤلفة من قسمين لحماية العامل والمنشأة من خلال تأمين مواد السلامة المهنية الشخصية والفردية مع تأمين الطبابة المجانية في حال الإصابة أما بالنسبة لحماية المؤسسة كبناء توجد مانعات الصواعق لحمايتها من الحرائق والسرقات، ولدينا حساسات كهربائية موزعة في الأقسام في حال حدوث أي دخان مفاجئ أو أي خلل، ضاعفنا كمية أجهزة الإطفاء لتصل إلى حوالي 1200 جهاز وهناك خطة لزيادة عدد الأجهزة يأتي ضمن خطة تطور الإنتاج وقد بلغت إصابات العمل في قسم الإنتاج والشؤون مع الأمراض المهنية خلال العام الماضي 15 حالة منها ثلاث حالات نقص سمع وفتق نواة لبية في العمود الفقري، وأمراض التهابات قصبية.
ويتم تأمين احتياجاتنا من مواد السلامة المهنية المتضمنة كمامات واقية- كمامات ورقية مزودة بالفلتر- سدادات أذن- واقية ضجيج – قفازات بلاستيكية وحرارية وطبية مطاطية وعازلة للكهرباء- جزمات عازلة للكهرباء ونظارات بلاستيكية وعاتمة للحام- قبعات بلاستيكية وقماشية وغطاء رأس للعاملات – صدرية واقية للحام- مشمع مطري- حذاء سلامة مهنية- خوذة دراجات نارية.

 

للوقاية من الأشــــــعة.. فيلم المراقبة الشــــعاعية والســـــاتر والحصــــــة الغــــــذائية

 

وسائل حماية القدمين
أحذية العمل: صنع بمواصفات خاصة لحماية القدمين من خطر سقوط المواد الثقيلة عليها، حيث تكون مصنوعة من الجلد الطبيعي.
أو الصناعي المقوى بمقدمة فولاذية لحماية أصابع القدم، أو يصنع أسفل الحذاء بشكل يمنع الانزلاق في حال التعامل مع الزيوت أو الشحوم.
– أحذية عازلة: وتصنع من المواد العازلة للتيار الكهربائي ويجب فحصها بشكل دوري للتأكد من سلامتها من الشروخ وعازليتها مع مراعاة العمر الزمني لهذه العازلية.
– وسائل حماية اليدين تتنوع بتنوع الأخطار وجميعها تصمم وتستخدم لحماية اليدين ومنها:
– قفازات جلدية لحماية الأيدي من الأجسام الحادة في عمليات نقل المواد المختلفة.
– قفازات عازلة تصنع من مادة عازلة للتيار الكهربائي وحسب نوع التوتر(متوسط – منخفض) مع عزل إضافي كعامل أمان، ويحب التأكد بشكل دوري من سلامتها من الثقوب أو الشروخ وتاريخ صلاحيته ، حيث أن المادة التي تصنع منها تفقد عازليتها مع مرور الزمن.
– وسائل حماية الجسم من السقوط والصدمات كأحزمة الأمان المختلفة (من حيث التصميم وطريقة الارتداء) لحماية العامل من أخطار السقوط من الأماكن المرتفعة.
ولفت م. علي إلى أن استخدام التجهيزات المذكورة تؤمن الحماية الكافية للعامل من الأخطار الموجودة، ولكن تحدث أحياناً بعض الإصابات نتيجة لعدة أسباب منها:
– عدم رغبة العامل بارتداء أي لباس إضافي يمكن أن يعيق حركته ويكون عبئاً عليه أثناء العمل.
– النقص الكبير في الوعي الوقائي لدى بعض العمال.
– عدم الدراية بطبيعة وحجم الأخطار التي يمكن أن يتعرضون لها.
– قلة الخبرة أو الثقة الزائدة بالنفس.
– الإهمال في استخدام وسائل الأمن الصناعي وعدم إجراء صيانة دورية للأجهزة المستعملة.
يتم تأمين هذه التجهيزات والأدوات عن طريق المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء من خلال إبرام العقود مع الشركات الرائدة في هذه المجال، وبعد التنسيق مع الشركات الكهربائية من أجل حصر الحاجة منها.
ويعتبر العاملون في قطاع الكهرباء في طليعة المعرضين للإصابة بالصدمات الكهربائية، ومن هنا تأتي أهمية وضرورة التقيد بقواعد الأمن الصناعي حرصاً على سلامة العاملين أولاً وحماية المنشآت ثانياً، واستقرار المنظومة الكهربائية ثالثاً.

مشاهدات التأمينات الاجتماعية
المهندسة حنان ديب رئيسة دائرة الصحة والسلامة المهنية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية حدثتنا عن الشروط العامة والخطوات الأساسية لتجنب الأمراض المهنية والإهمال من قبل بعض الإدارات وعدم اتخاذ الإجراءات بهذا الشأن.
وهذا يرتب أعباءً على مؤسسة التأمينات الاجتماعية عند صرف التعويض عن المرض المهني.
وذكرت م. ديب: تفادياً لهذه الأمراض أجريت دراسة من قبل دائرة الصحة والسلامة المهنية في المؤسسة للكثير من المنشآت والشركات للوقوف على المخاطر والأذيات التي يتعرض لها العمال نتيجة ظروف العمل الصعبة ومنها: مؤسسة التبغ- الغزل القديم والجديد في جبلة اللاذقية- معظم المراكز الصحية- مبقرة فديو – النسيج.
وعندما تكون الإصابة ناتجة عن ظروف العمل أو للعامل إصابة سابقة قبل تحقيق شرط المدة اللازمة للمرض.
وعلى سبيل المثال في حالة مرض الدوالي يجب أن يحقق العامل شرطاً خمس سنوات خدمة وثماني ساعات عمل يومية لكي يستحق المرض المهني، ومرض الفقرات 20 سنة خدمة.
والمرض المهني من المفروض أن يكون مدرجاً في جدول الأمراض المهنية لتأمينه بالغذاء الكامل والفيتامينات من خلال الوجبة الغذائية المقدمة له بالرغم من أن تسعيرة الوجبة الغذائية الحالية للعمال لا تتناسب مع الأجور الحالية.

ودائرة الصحة والسلامة المهنية تقوم بجولات ميدانية للاطلاع على المخاطر التي يتعرض لها العمال، ومعرفة مدى التزامهم باتباع أساليب الوقاية للتخفيف من الأمراض والأعباء المادية المترتبة على مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
ومن خلال مشاهداتنا والتي دوناها في مؤسسة الغزل بشكل عام، فالأصوات الصادرة عن الآلات والضجيج العالي (الحد الأدنى 85 ديسبل مع ثماني ساعات دوام) بالإضافة إلى عدم التزام العمال بارتداء واقيات السمع، وانتشار زغبار القطن في كل مكان بالصالة، وعدم ارتداء الكمامات وسدادات الأذن، وتبين أن هناك إصابات وتسلخات وتصبغات وتحسسات جلدية ناتجة عن الحرارة المرتفعة، والجو الملوث بزغبار القطن كما لاحظنا عدم تفعيل دور دوائر الصحة والسلامة المهنية في شركات الغزل والتي يتطلب دورها بتنبيه العمال للمخاطر التي يتعرضون لها.
ولاحظنا في معمل الغزل انتشار حالات جرب ناتجة عن توريد القطن غير النظيف.
والضجيج المرتفع الصادر عن الآلات في كل الأقسام والذي يبلغ درجات عالية تصل إلى 105 ديسبل في قسم التوربيني وفي محطة التكييف، وقسم الزوي يسبب أذيات سمعية ونقص في حاسة السمع، بالإضافة إلى زيادة درجة الحرارة والرطوبة العالية مع العلم يجب المحافظة على درجة حرارة ثابتة مرتفعة نسبياً للمحافظة على جودة الخيوط.
أما بالنسبة للجولات التي قمنا بها إلى مؤسسة التبغ من أهم المخاطر كما ذكرناها سابقاً لاحظنا انتشار غبار التبغ في أغلب الأقسام والصالات والضجيج المرتفع في الأماكن التي تتواجد فيها الآلات مثل (معمل السجائر) وعدم ارتداء الواقيات بأنواعها، وعدم اتباع أساليب الوقاية الفردية.

 

أهداف الأمن الصــــــناعي: حماية العنصر البشـــــــري والحفـــــاظ على الآلات وتوفير بيئة عمل آمنة

 

دورات لنشر ثقافة السلامة
* السيد مجد عثمان مدير المعهد النقابي العمالي: تقام الدورات التخصصية النقابية العمالية ومنها دورات الصحة والسلامة المهنية فقد نُفذت دورتان بهدف نشر التوعية والثقافة بهذا الشأن، بالإضافة إلى تأهيلهم وتدريبهم لاستخدام الوسائل الكفيلة لحمايتهم من مخاطر الإصابة والتقليل منها قدر الإمكان.
وتضمن برنامج الدورة محاضرات لاختصاصيين حول الإسعافات الأولية وإصابات العمل، والفحوص الدورية للعمال (انفلونزا الخنازير) ومعدات أجهزة الوقاية الفردية والأهمية والأهداف، وطرق الوقاية والعلاج.
ويتم التركيز على ضرورة تلافي أخطار الكهرباء والوقاية منها والكشف المبكر للسرطان والعلاج ، والتهاب الكبد، وطب الأسنان وطرق الوقاية والعلاج.
* الدكتور حاتم محمودي أستاذ مساعد في قسم هندسة التصميم والإنتاج في كلية هندسة الهمك الذي حدثنا عن الأمن الصناعي: من المواضيع الضرورية في هذا العصر تعامل الإنسان مع معدات وآلات وتقنيات جديدة ومتطورة، لتوفير الحماية المهنية للحد من خطورة الآلات عليهم ومنع وقوع الحوادث أو التقليل من وقوعها وتوفير الجو المهني السليم الذي يساعد العمال على أداء مهامهم بشكل سليم.
وعن أهداف الأمن الصناعي ذكر محمودي: حماية العنصر البشري كأولوية والحفاظ على العنصر المادي المتمثل بالآلات وتوفير بيئة عمل آمنة للعمال.
وقد أصبح للأمن الصناعي قوانين وإجراءات (الإدارات – المصانع- المنشآت) لابد أن يطبقها، يهتم الأمن الصناعي بمجموعة من الأمور والمواضيع منها:
حوادث وإصابات العمل: وهو لابد من تحليل الحوادث من وجهة نظر الأمن الصناعي وتحديد أسباب الحادثة والمؤول عنها سواء أكان شخصاً أو عملية وبالتالي تصل إلى ما يسمى تقرير الحادث ولابد من كتابة تقرير الحادث (اسم المنشأة- العامل المصاب- عمره- مهنته – تاريخ الإصابة – نوع الإصابة) نموذج لتقرير الحوادث لتجنب وقوع الحادثة والابتعاد عنها للتقليل من وقع الحوادث.
وعن أسباب وقوع الحوادث أو العوامل المؤثرة في وقع الحوادث وإصابات العمل أوضح محمودي:
العوامل الإنسانية: قلة الخبرة- السلوك الشخصي للعامل أثناء العمل- الحالة الصحية للعامل- الحالة النفسية – عدم استخدام المعدات الوقائية الشخصية- عدم أجراء الفحوصات الطبية، ويجب أن يقوم بالتحليل وخاصة من يعمل بالتلوث. العوامل البيئية: التعامل مع مواد العمل ويمكن أن تحتوي هذه المواد على عناصر سامة (زئبق- الزرنيخ- الرصاص- الكبريت- الغازات- الغبار) لذلك لابد من تغطية الأجزاء الخطرة بالآلات ويجب ألاّ تحمل الآلات أكثر من طاقتها صيانة دورية للآلات ويجب العناية بأرضية المكان والتهوية ودرجات الحرارة والإضاءة مناسبة والتعامل الطويل مع الألوان الفاقعة التي يمكن أن تؤثر.
ومن المشاكل التي تواجه بالأمن الصناعي تحدث محمودي:
التلوث: سواء أكان هواءً أو مياهاً أو تلوثاً سمعياً أو بصرياً.
الحريق: مخاطر الحريق: الحرائق بالسوائل والمواد الصلبة والغازات أو المعادن أو التجهيزات الكهربائية ولكل نوع من هذه الحرائق له طريقة إطفاء معينة.
مخاطر بيئة العمل الصناعية: درجة الحرارة أحد أنواع المخاطر والرطوبة والبرودة والضجيج والضغط الجوي.
مخاطر هندسية: مخاطر الآلات- آلات التشغيل في المصانع – المخارط- المفارز- المقاشط- عملية اللحام بحد ذاتها سواء كان اللحام كهرباءً أو غازاً؟
الأمن الصناعي والإسعافات الأولية: أن يكون العمال قادرين على إجراء إسعاف إنقاذ، وعن معدات الحماية الشخصية (ومعدات حماية الرأس- العينين- النظارات- القفازات- الكفوف- الأحذية- صداري عازلة).
مخاطر التعامل مع الكهرباء: لها إجراءات واحتياطات وخاصة في المعامل (تأريض الآلات أي أن تكون الآلة موصولة بالأرض- تصميم اللوحات- توزيع التيار الكهربائي- القواطع – معدات القياس المناسبة – الصيانة)..

الضجيج لا يحتمل
عند دخولنا صالات شركة نسيج اللاذقية سمعنا أصوات الآلات وضجيجها، ورغم رؤيتنا للعمال واستخدامهم سدادات الأذن الواقية، إلا أن الوضع لا يحتمل وغير مقبول يفوق أي تصور.
* نوال أحمد، مراقبة جودة الإنتاج في الشركة قالت: عملنا هو مراقبة الجودة وهو عمل صعب وقاسي بشكل عام، والضجيج يصم الآذان، وغبار القطن يسبب حساسية لنا، رغم أن الشركة توزع سدادات الأذن، إلا أنها لا تفي بالغرض.
* نغم درويش بصوت ضعيف تقول: نحن نستخدم الواقيات السمعية
* حسين حسن سليطين، عامل إطفاء أشار إلى وجود مضخة ماء يتم تشغيلها أثناء الطوارئ وفي حال حدوث أية حرائق المضخات تعمل أتوماتيكياً.

خلال جولتنا رافقنا المهندس نبيل ريا، المدير الفني ومعاون المدير العام لشركة نسيج اللاذقية، ولورا ملحم رئيسة دائرة الأمن الصناعي والتدريب والتأهيل نوها إلى أن الشركة تقسم إلى ثلاثة أقسام:
التحضيرات والأنوال والإنهاء، بالإضافة إلى قسم المساعدة ونحن نقوم بتوزيع الواقيات السمعية والكمامات وبدلات اللباس العمالي، وحذاء الأمن الصناعي بشكل دوري. ويخضع العمال لدورات توعية متخصصه بعمليات الإطفاء، والصحة والسلامة المهنية حيث يتم تحذيرهم من الأدوات الحادة الموجودة في الآلات والتي قد تسبب أذية في حال عدم الانتباه والاستهتار بالتعامل معها.
وبشكل عام معظم العمال يتقيدون باستخدام الواقيات، لأننا دائماً نشرح لهم عن مساوئ عدم استخدام تلك الوسائل الفردية والتي من الممكن أن تسبب لهم ضرراً في المستقبل ويوجد مستوصف وفريق طبي وممرضين من أجل علاج الحالات الطارئة ويقدم للعمال الأدوية المجانية والشركة متعاقدة مع المشفى الوطني والباسل للعلاج وفي حال أي طارئ تدفع الشركة تكاليف القطاع الخاص للمشافي.
وهناك مطالبة بضرورة زيادة قيمة الوجبة الغذائية التي لا تتجاوز 600 ليرة شهرياً، ويوجد حضانة لأطفال العمال، وتتوفر وسائل وأدوات الإطفاء في كل أقسام الشركة، كما يوجد منظومة تأريضية كاملة، ويجرى لها اختباراً سنوياً لمنع الصواعق وحماية الآلة والعامل معاً.
* وفاء خاسكية، دائرة الصحة والسلامة المهنية في فرع الجيولوجيا والثروة المعدنية: الاجراءات التي يتم اتخاذها بشأن الصحة والسلامة المهنية نقوم بتوزيع اللباس الوقائي الكامل في مواقع الإنتاج والمعامل والمقالع ويوجد صيدليات وأدوية إسعافية وثلاثة أطباء للحالات الطارئة، ويتم توزيع نشرات توعية وتعريفية بالمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها العامل، ولا يوجد أي تقصير.
وهناك تعاون وتنسيق مع التأمينات الاجتماعية في حال إصابة أو أي مرض مهني ومعظم الإصابات لدينا فتق نواة لبية.

الساتر واق للأشعة
محطتنا الأخيرة والهامة هي معرفة مدى تأثير الأشعة في المشافي وما هو فيلم المراقبة الشعاعية ومدتها؟ وكيفية حماية عمالنا من تلك الأشعة؟
الدكتور باسم سليمان، رئيس قسم الأشعة في مشفى الشهيد حمزة نوفل الوطني باللاذقية قال: فيلم المراقبة الشعاعية يعطى بكل العاملين في قسم الأشعة من أطباء وفنيين، وفي كل سنة تأتي لجنة من الطاقة الذرية أو يتم إرسالها لهيئة الطاقة لإجراء قياس كمية التعرض للأشعة.
ويصدر بياناً سنوياً من هيئة الطاقة الذرية لمعرفة كمية التعرض للعاملين في قسم الأشعة وهي في الحدود الطبيعية، وحتى الآن لا توجد أي زيادة.
وبالنسبة إلى عوامل السلامة موجودة منها: الساتر الواقي للأشعة وهو مزود بصفائح من الرصاص يمنع اختراق الأشعة، ويحمي الأطباء والفننين، وتتم عملية تصوير المريض من وراء الساتر.
أما غرف التصوير فجدرانها مزودة بعازل يمنع وصول أي أذية وكما نعلم هناك بروتوكول لصرف مواد غذائية للعاملين في مجال الأشعة من مادتي البيض والحليب، كونهما يرفعان نسبة الوقاية ويحصنان ضد الأشعة، فالحصة الغذائية عاملاً هاماً لحمايتهم.
ولفت د. سليمان إلى ضرورة توعية المواطنين لعدم التعرض للأشعة إلا في حال وجود استطباب حقيقي لها منعاً من الأذية.
أخيراً: الصحة والسلامة المهنية هامة لتعزيز العافية والمسؤولية تقع على عاتق الجميع لذلك من الضروري تأمين كافة المستلزمات والأدوات الوقائية، وتوعية عمالنا وتحذيرهم من المخاطر التي يتعرضون لها، فالصحة من أهم وسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية آملين الصحة والسلامة للجميع.

مريم صالحة – بثينة منى – يسرا أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار