مزارعو التبغ تحت «رحمة لجان تخمين» لا ترحم

رقــم العــدد 9437
 الثلاثاء 1 تشرين الأول 2019

يتبوأ التبغ مكانة مهمة ضمن قائمة المحاصيل الزراعية المتواجدة في كل من محافظتي اللاذقية وطرطوس، وتتنوع أصناف هذا المحصول ومنها البلدي، الفرجينيا، الكاترينا، البرلي، والبلدي ذو جودة عالية وهو يدخل في تصنيع مختلف أنواع التبوغ، حيث يخضع هذا المحصول منذ بداية زراعته وتسويقه وتصنيعه لمتابعة المؤسسة العامة للتبغ حيث لا يمكن للمزارع أو التاجر التعامل به إلا عبر هذه المؤسسة حصراً.
أما عن زراعته فتتم في الجبال وبعض المناطق الساحلية حيث تتم زراعة المحصول لمرة في العام وتبدأ هذه الزراعة من شهر شباط وتستمر لنحو ثلاثة أشهر يتم بعدها قطاف الأوراق الناضجة وتشك في خيطان من القنب وتترك لتجف تحت أشعة الشمس لمدة شهر تقريباً، ثم توضع في قماش من الخيش بانتظار أن ترسل إلى مؤسسة التبغ في المراكز التابعة لها الموزعة على القرى والنواحي وذلك من أجل استلام المحصول وتقدر قيمته ودفعها للمزارعين.
يقول أبو المقداد: يجب التعامل مع محصول التبغ بعناية فهو يتطلب اهتماماً أكبر من المحاصيل الزراعية الأخرى رغم أنه أقل مردوداً وأي إهمال له مهما كان صغيراً قد يؤدي إلى ضياع المحصول فمنذ الأيام الأولى لهذه الزراعة يقوم المزارع برش بذار التبغ في مساكب ترش كل أسبوع مرة لحمايتها من الأمراض كما أن الرطوبة والأمطار يمكن أن تجعل الأوراق اليابسة مهترئة وهو ما يسبب أضراراً للمحصول.
أما أبو حيدرة فقال: المناطق التي يزرع فيها التبغ لا تصلح لزراعة أي نوع آخر من المحاصيل الزراعية ويجب الأخذ بعين الاعتبار بأن الدونم الواحد لا يمكن أن ينتج أكثر من 200 كغ من التبغ ولإنجاح المحصول يجب أن يعمل المزارع لمدة عام كامل في مساحات قليلة لا تتجاوز الدونم الواحد أو الثلاثة.
أما عن لجان تخمين التبغ وتقدير النوعية من قبل الخبير فإن مزارع التبغ الذي أمضى عامه بالكامل تحت أشعة الشمس في زراعة المحصول يقف أمام موظف مؤسسة التبغ المكلف بتقدير نوعية التبغ وتخمين المحصول والذي يسمى الخبير والذي يبدأ بالبحث بإصرار عن عيوب محصول التبغ الذي بين يديه والمزارع يدرك تماماً أن مصير تعبه وأسرته خلال عام كامل يتوقف على ضمير هذا الخبير، يقف هذا المزارع وهو يتلهف لينال المحصول رضا الخبير بينما هذا الخبير ينبش بين أوراق التبغ ليقدر ما هو أعلى جودة وما أقلها ويعود ليكتب في دفتره من علامات تقدير وتخمين.
أما عن الأسعار فتخمن أسعار التبغ تبعاً لجودته وهي على خمسة أنواع فأفضل الأنواع سعراً تعطى للإكسترا بـ 1800 ليرة، أما النوع الثاني بـ 1400 ليرة وهناك صنف ثالث ورابع، وهناك عديم النفع والفائدة ولا يسعر له، وهنا يجب ألا ننسى أن التبغ متعب ومرهق من حيث الجهد والتعب والكلفة حيث أن المزارع يضطر لشراء البذار والأدوية والسماد والخيطان والنايلون وحراثة الأرض وأمور أخرى وأجور اليد العاملة التي زادت قيمتها كثيراً في السنوات الماضية لتصل إلى أضعاف ما كانت عليه.
من جهته أبو عدنان قال: أتمنى أن يكون السعر والتخمين عادلين، وأتمنى الإنصاف حتى لا يذهب تعبي وتعب أولادي الذين ينتظرون بفارغ الصبر ما سأقبضه لشراء بعض الاحتياجات الخاصة.
أما عبد فقال: أنا غير راضٍ عن الأسعار مقارنة بالتعب والجهد الذي نبذله على مدى عام كامل من سقاية ورش وكلفة، فالدخان يستنفذ طاقات الأرض، والأعوام الماضية كان هناك بعض المزارعين الذين اعترضوا على تسليم محصولهم بسبب قلة الأسعار ونحن نتمنى ألا يحصل ذلك لدينا، لأننا قمنا باقتلاع كل ما في أرضنا من خضار وليمون وزرعنا الدخان دون أن نجد السعر المناسب الذي يتناسب مع تعبنا والنفقات التي ندفعها ومن يتابع واقع الحال يلحظ انحساراً كبيراً في محصول التبغ ويعود ذلك إلى أسباب عديدة أهمها، فزراعته لم تعد تكفي للإيفاء بالحدود الدنيا للعيش حيث عبّر الكثير من المزارعين عن غضبهم قائلين أن الجهد الذي يقومون به لا يتناسب مع الإنتاج وقيمة الجهد المصروفة في الإنتاج والتعب على مدار السنة أيضاً لا تتناسب مع السعر المدفوع ثمناً للمحصول من قبل لجنة مؤسسة التبغ والذي لا يتناسب مع الغلاء الفاحش الذي طرأ في السنوات الأخيرة وشمل مختلف السلع والمواد التموينية والغذائية والزراعية التي زادت أسعارها أضعافاً وذات الأمر أجور اليد العاملة التي ازدادت أيضاً بنسب عالية يبقى المزارع الشخص الوحيد الذي لم يطرأ أي تغير يذكر على أسعار منتجاته.
زراعة وتصنيعه تعتبران ثروة اقتصادية ووطنية نحن بحاجة إليها لدعم اقتصادنا الوطني وتطوير هذا الجانب يوفر الكثير لميزانيتها، فلماذا لا تقوم مؤسسة التبغ بدعم هذه الزراعة المتبعثرة حالياً وذلك من خلال موازنة جديدة وتقديم التسهيلات اللازمة للفلاحين وتخفيض النفقات على البذار والأدوية والسماد والخيطان وغير ذلك ودعم هذا المزارع ولو بشيء رمزي مادي وإلغاء عديم النفع والفائدة والتعويض بشيء بسيط مادياً.
وبغية معرفة رد المؤسسة العامة للتبغ على ما تم طرحه آنفاً قصدنا المهندس أيمن قره فلاح رئيس قسم الزراعة بفرع المنطقة الساحلية للمؤسسة الذي قال: تم افتتاح مركز لمؤسسة التبغ في جبلة بتاريخ 29/9/2019 لاستلام المحصول من الفلاحين وحول اعتراض بعض المزارعين على التخمين والتقدير قال: يحق للمزارع الاعتراض خلال 24 ساعة من تاريخ تسليم محصوله حيث يتم تشكيل لجنة ثلاثية وبحضور المزارع صاحب العلاقة لإعادة الكشف ولتقييم وتخمين المحصول مرة أخرى وفي حال حصل المزارع على قيمة أعلى يعاد المبلغ له ويعاقب الخبير.
أماعن التسعيرة فقال بأنها تصدر عن طريق وزارة الصناعة والتخمين يدقق من محصول التبغ بدون حالات اعتراض والموضوع يخضع لعملية مراقبة وفي هذا العام يتم شراء المحصول من المزارعين بحضور ممثل عن اتحاد الفلاحين والمختار والفرق الحزبية ونحن على ثقة بأننا لم ولن نظلم أحداً ونعطي كل ذي حق حقه.

عواطف الكعدي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار