الإعــــلان الثقافـــي… أهميتـــه وأدواتــــه

العدد: 9437

الثلاثاء:1-10-2019

 

ما زالت وسائلنا الإعلانية بدائية إلى حد ما، ولا نولي هذا الجانب الكثير من الاهتمام في حياتنا، فالتسويق بحد ذاته فن وعالم واسع، وسبر أغواره يتطلب مختصين لتحقيق غايته المنشودة، والمرجوة منه، فما بالكم إن كان الإنتاج المروج له ثقافياً، وعوائده المادية ضئيلة قياساً بالمنتجات الأخرى التي يتطلب انتشارها الإعلان، فغياب المختصين في هذا المجال وارتفاع تكلفته يجعلانه يندرج تحت مسمى اللا مهم أو اللا ضروري، فهل هذا الكلام على كل الانتاجات الثقافية؟ وكيف تحقق بعض الإنتاجات شهرة وحضوراً ومبيعاً إن لم يكن هناك تسويق لها؟ وهل بإمكاننا الوصول لثقافة منتشرة تكون بمتناول الجميع دون اللجوء للإعلان عنها؟

لنأخذ مثالاً العرض المسرحي، كيف بجمهور المسرح أن يكون على علم ودراية بالنشاط إن لم يكن هناك ترويج وإعلان له وعنه ؟ و كذلك صدور رواية ما أو ندوة شعرية أو ..أو.. أو … بالطبع سنحصل على عدد قليل من الجمهور والمهتمين بينما الأنشطة الثقافية الكبيرة والبرامج التلفزيونية الضخمة تحصد عدداً من المتابعين والمهتمين لا تصل إليه الأنشطة الثقافية التي لا تُعنى بالجانب الإعلاني نتيجة الترويج المكثف والمتكرر والمكلف.
إن النشر في البداية كان مقتصراً على وزارة الثقافة وهناك العديد من الأعمال الأدبية التي لا تأخذ حقها في الدعاية، وهو ما يؤثر بدوره على انتشارها وطبع المزيد من النسخ منها، بدءاً من حفلات التوقيع التي يحرص عليها العديد من الأدباء ودور النشر، وحلقات المناقشة التي تُعقد عن الأعمال الأدبية الصادرة حديثاً، مروراً بالمدونات وصفحات الفيس بوك والصفحات الثقافية والمنتديات، والبرامج التلفزيونية الثقافية عن الأدباء وأعمالهم الأدبية الحديثة، وانتهاءً بمعارض الكتب والأخبار والحوارات حول الأعمال الأدبية الصادرة حديثاً.
فالإبداع في التسويق يوازي في أهميته الإبداع الحقيقي، فما جدوى طباعة رواية أو إقامة ندوة دون الترويج لها وإعلام وإخبار الناس عنها؟
والمنتج الثقافي يقصد به كل ما يصدر عن أفراد أو جماعات أو مؤسسات أو جهات رسمية أو مبادرات تتضمن أفكاراً ورؤى لها طابع ثقافي سواء كان ذلك كتاباً أو فيلماً أو مقطوعة موسيقية أو مسرحية أو لوحة فنية، ويتضمن الإبداع الثقافي أو (الأدب – النقد – الفكر – الفن – الثقافة العلمية – الإبداعات الجديدة). ويرتبط مصطلح المنتج الثقافي بمصطلح آخر وهو (الصناعات الثقافية)، وحسب تعريف اليونسكو فإن المنتجات الثقافية تكون حاملة للهوية والقيم والدلالات، وفي الوقت نفسه عوامل تنمية اقتصادية واجتماعية، ويقتضي صون التنوع الثقافي وتعزيزه وتشجيع قيام صناعات ثقافية مزوَّدة بوسائل إثبات ذاتها على المستويين المحلي والعالمي، ويحاول التسويق الإلكتروني الاستفادة من مئات الملايين من المستخدمين الذين يتصلون بشبكة الأنترنت يومياً من جميع أنحاء العالم، ومن هذا المنطلق يمكننا استغلال تلك الفرصة وتحويل الأنترنت إلى سوق مفتوح متنوع الجمهور لترويج السلع والخدمات المختلفة ومنها المنتجات والخدمات الثقافية، وتحقيق ربحية عالية من وراء ذلك، وتتمثل أدوات التسويق الإلكتروني في استغلال محركات البحث، وعضوية المواقع والبريد الإلكتروني وبرامج المشاركة، كذلك والأهم الشبكات الاجتماعية، وقال المختصون: إن من أهم مميزات التسويق الإلكتروني هو كسر حواجز الزمان والمكان، فهو يساعد على وصول الرسالة الثقافية في أقل وقت ممكن والتكلفة تكاد تكون معدومة، وكذلك ضمان تسويق المنتج الثقافي إلى الأقاليم البعيدة والهامشية، ولا يخفى على أحد وسائل الإعلان التي يؤدي استخدامها لإنجاح الإعلان الثقافي وانتشاره بين النّاس وتحقيقه للأهداف المبتغاة وهي: وسائل إعلان مقروءة من أهمّها: الصُّحف: هي وسيلة إعلانيّة قديمة مرتبطة مع قِدَم صدور الجرائد، بسبب مُساهمتها في توفير إعلانات حول الأحداث المهمة للأفراد، المجلات: هي إحدى وسائل الإعلان، وتختلف نوعيتها وطبيعة مجالها باختلاف فئة القُرّاء الذين تهتمّ بتوفير الإعلانات لهم، ووسائل إعلان مرئيّة ومنها: التلفزيون: هو من وسائل الإعلان التي تمتلك أهمية كبيرة بسبب دوره في توصيل الرسالة الإعلانيّة إلى النّاس عن طريق المساهمة في تحفيزهم لشراء الخدمات أو السلع، الإنترنت: يتمثّل دوره في تقديم الدعم الجيّد للإعلان، فعن طريقه يكون المستهلك قادراً على العودة إلى الإعلانات المنشورة سابقاً وفي أيّ وقت، ووسائل الإعلان المسموعة: الإعلان الإذاعيّ، الذي يهتمّ بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من النّاس، وتكرار الإعلان أكثر من مرّة، ممّا يُساهم في توفير عمليّة اتصال تُساعد على نقل رسالة الإعلان إلى المُستمِعين.
إضافة إلى التسويق الالكتروني من خلال الإنترنت، ودوره في الترويج للمنتج الثقافي، والربط من خلال شبكة إلكترونية، إن الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها بات يتفوق على حجم انتشاره عبر وسائل الإعلام التقليدية بمراحل، والكثير من الجهات التجارية على مستوى العالم توقفت عن توظيف تلك الوسائل، وأصبحت تعتمد على الوسائل التفاعلية الجديدة، نظراً لما تقدمه من فوائد ومزايا عدة تخدم الأطراف المعنية كافة بأقل التكاليف وأسرعها انتشاراً، وبالنظر إلى أن الإحصاءات العالمية تؤكد أن هناك انخفاضاً في الاتجاه للوسائل التقليدية المتمثّلة بالتلفاز والإذاعة والصحف الورقية لبثّ الإعلانات من خلالها، وأصبح هناك فئات أخرى لا تقدم القيمة العالية للمجتمع لكن لهم تأثيرهم وجمهورهم، وتعتمد عليهم الشركات لغرض التسويق والإعلان.
فإذا كانت الثقافة هي رؤية شمولية للحياة والفرد والمجتمع، تجسد الوجدان الحي، والفكر الخلاق، والذوق السليم، والخلق القويم في السلوك الإنساني في الحياة، فهي لا تعدو أن تكون نمطاً للحياة، وأسلوباً للتعايش والبناء الحضاري، فإن الإعلان شكل من أشكال الثقافة ومضمون الرسالة الإعلانية، محورها هو الإنسان وإن الإعلان كمجال من مجالات الاتصال الواسعة، يعد شكلاً من أشكال التواصل والتبادل الثقافي والاجتماعي، منطلقاً ووسيلة وممارسة وغاية.
ولكي يبقى الإعلان الثقافي حاضراً في الواقع الحقيقي والافتراضي علينا أن ننظر إليه كعلم وفن له أهميته وحضوره اللذان يساهمان في نشر الثقافة كما الثقافة نفسها.

رواد حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار