العدد: 9435
الأحد-29-9-2019
ما الحياة إلا اختبار فإما النجاح والفوز وإما الخذلان والفشل.. معلوم إن الله عز وجل أسكن الروح جسم الإنسان ليحيا بها والتي مصيرها العودة إليه، وهذا أوجب على الإنسان سلوك الطريق القويم ليرّكب أجنحة تمكنّ روحه من العودة لباريها، وهذه الأجنحة هي أعماله، التي قد تؤدي به إلى الخلود أو إلى التهلكة.
تكون كنوز الأحلام تحت وسادة الليل وفي الحياة كنوز وأحلام خالدة، الحياة خداع وغرور وخطأ وعمل وعبث الناس كأرقام تخط على التراب.
فلو أراد الله عز وجل لوضع في أبصار الناس أشعة تنبث في انطواء القلوب، فتعرف ما يدور في خلد كل إنسان, لكنه جعل الوجه غطاء لمعاني القلب، وجعل الفكر يحتار في تفسيرها وتحليلها، كما جعل الصراع بين القلب آلة الصدق والوجه واللسان آلتي الكذب.
لذلك ترى المرء الفارغ لا يتقن سوى الكسل والعظيم لا يمل من العمل, وحياة الفارغ مجبولة على التردد والخجل، ووقت العظيم مملوء بالعطاء والعمل، لهذا الحياة تطرح وتجمع وتحل المسائل وهي تجربة قد تطول وتقصر.
إني أحدث بخبر ليتني ما علمته بل ليتني إذ علمته ما وعيته وليتني ما أثبته بما فيه، هو إن الحرص جبن والجبن ذل والذل استعباد، وما يدخل في هذه الأبواب إلا الشر، فكن حرّاً من الأهواء، كما خلقت.
كما إني أحدث بحديث يشفي النفس ويفتح أبواب العبرة والموعظة.
ألا تعلم إن البخل لو مس حجراً لتفجرت الأحجار من غيظها، هناك أناس كقبر غطته الزهور وتحته عفن دفين، وهناك أناس كالدرة الثمينة التي شعاعها نادر لم يولد من شمس ولا من قمر بل من ظلمة البحر.
قال الفيلسوف ديوجينيس: ينبغي ألا تعد ثروة الإنسان بأمواله ومستغلاته بل بعدد الأشياء التي يستطيع أن يعيش غير محتاج إليها ما الحقيقي إلا ما جاء نتيجة تركيب وتحليل أو تحليل وتركيب, فالنخلة ما هي إلا نواة مخزونة في بلحة، كما إن العالم مخبوء بإنسان وهذا الذي كأن الله خلقه على مراحل، ففي كل عصر يتبدل عقله ويتطور في المستوى والفكر وكأن لكل عصر إنسانه الخاص به.
نديم طالب ديب