الفنـــان صافــي أحمـــد: إن لــم تحب العمـــل لــن تبــدع فيــه

العدد: 9435

 الأحد-29-9-2019

 

 

فنان يسكنه هاجس الإبداع, يتميز بالدقة والصبر في عمله ليخرج مولوده الفني – كما يقول – بالصورة الأجمل مهما كلفه من جهد ووقت، وقد استطاع أن يخطّ لنفسه طريقاً مميزاً في عالم الفن عبر لوحات مشغولة بحبات الرز التي تجاوز عددها أحياناً في اللوحة الواحدة أكثر من مائة ألف حبة شارك في معارض كثيرة داخل وخارج المحافظة مثل معرض دمشق الدولي، ومعرض الباسل للتميز والإبداع حيث حاز على المركز الأول بقسم الجماليات، أعماله تستحوذ دائماً على إعجاب وتقدير المتلقين لاسيما لوحة سيدة الياسمين ولوحة قداسة البابا فرنسيس باب الفاتيكان، ولوحة الكرملين التي عرضت على قناة روسيا اليوم، والتي أهداها للوفد الروسي كهدية باسم الشعب السوري إلى الشعب والقيادة الروسية.
جلّ ما يسعى إليه الفنان هو أن يفاجئ المتلقي بعمله الفني المبتكر بأسلوب جديد فيه الكثير من الرشاقة والجمالية والنبض الروحي العميق للعمل، يردد دائماً: ( أنه قبل 3500 سنة انتشرت في الساحل السوري أول أبجدية صدرت للعالم أجمع، إضافة إلى إنجازات كثيرة، وأنا أسعى وأطمح إلى عمل لوحة ضخمة أستطيع الدخول عبرها موسوعة غينيس منفذة بهذا النوع من الفن, وهو غير موجود في أي مكان غير سورية، أتمنى أن يلاقي هذا الفن الدعم والمساندة لنشره إلى العالم، إنه الفنان صافي أحمد أحمد..

 * حبذا لو تحدثنا عن خصوصية هذا النوع من الفن؟ وكيف تتعامل معه؟

** أهم شيء في هكذا عمل فني مشغول بحباب الرز هو الصبر لأبعد بعد والخيال والرؤية لما قد تبدو اللوحة في نهاية العمل، أحياناً عند الاقتراب من نهاية عمل أحد أجزاء العمل أتخيله بصورة جديدة، حينها أقوم بنزع ما قمت به، وأبدأ العمل من جديد لأن المولود يستحق أن يكون الأجمل، بالنسبة للأدوات فهي مكونة من حبات الرز المختارة بدقة لأنه لا يصلح أي زر للاستخدام، أيضاً هناك الغراء وقطع خشبية صغيرة وأصبغة وألوان قد تكون مائية أو زيتية أو إكراليك وأرضية قد تكون خشباً أو زجاجاً، ومناشير أكثر من نوع وقطاعة صغيرة من أجل قطع حبات الرز، فيما يخص مراحل عمل اللوحة فتبدأ بالرسم الأولي ومن ثم رسم خطة العمل وصبغ الرز، ليس هناك وقت محدد لعمل أية لوحة لأنها تختلف باختلاف طبيعتها، فمثلاً إحدى اللوحات احتاجت أكثر من أربعمائة ساعة عمل خلال ثلاثة أشهر ونصف. ومن أهم اللوحات التي أردت أن أتحدى بها نفسي، وأن أكون الأول والوحيد في العالم الذي يكتب كلمة الله بهذه الطريقة، وهذا الأسلوب والإبداع يتجلى بطريقة حب الرز الواقف، وقد حاولت أن تكون عدد حبات الرز في هذه اللوحة بعدد كلمات القرآن الكريم، ولكن بصراحة لا أعرف كم قطعة رز استهلكت، ولكن أستطيع القول بكل ثقة بأنها أكثر من 45 ألف حبة رز وأكثر من 20
ألف حبة رز واقفة بشكل طولاني، وأخذت من

الوقت الكثير حيث استغرق عملها حوالي خمسة أشهر بمعدل وسطي من أربع إلى خمس ساعات يومياً، وقد واجهتني صعوبات كثيرة أهمها: كيف أسطيع أن أتحايل على حبة الرز، وأجعلها واقفة ومن حولها حبات الرز نائمة، وبصراحة فشلت مرات عدة قبل أن أستطيع إيجاد الطريقة المناسبة لإيقاف حبة رز واحدة حيث كانت في بعض الأحيان تستهلك معي حبة الرز الواحدة لإيقافها نصف ساعة.
* ماهي أبرز المحطات في مشوارك الفني والتي ساهمت في نشر هذا النوع من الفن؟
** شاركت في معرض الباسل للتميز والإبداع بعدة لوحات, ولكن اللوحة الأبرز هي لوحة المتاهة، وكان العدد أكثر من مائة ألف حبة وقطعة رز أبعادها بلا إطار (120× 110) وقد تجاوز العمل بها /11/ شهراً، وأخذ مني تصميمها أكثر من عشرين يوماً، سبب طول المدة لأن في كل مرة أعمل بها أنزع كل ما قمت بوضعه من حبات الرز لأني كنت أريد مخلوق نتاج يدي بشكل أفضل وأروع إلى أن وصلت إلى لوحة المتاهة الحمد لله التي فيها بعض الرموز والغموض الذي يطول شرحه. وكان الاستغراب والتعجب واضحين على وجه كل من يشاهد هذه اللوحة والتي حصلت بها على المركز الأول (جائزة الباسل) أيضاً شاركت في معرض دمشق الدولي لهذا العام ودورات سابقة والحمد لله لاقت أعمالي الصدى الطيب عند المشاهدين خاصة لوحة سيدة الياسمين والتي نالت إعجاب المتلقين وعلى القنوات التلفزيونية الفضائية وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي هذه اللوحة تجاوز العمل فيها الـ 750 ساعة عمل إفرادي وفيها أكثر من 80 ألف حبة وقطعة رز، وكنت حريصاً على إنجاز اللوحة في يوم عيد ميلاد السيدة الأولى، وكان هناك فريق يساعدني في العمل منهم المدرّسة نادية اليوسف والموجّه الاختصاصي الفنان التشكيلي غيث السوسي, وأحياناً يساعدني بعض الأشخاص لدرجة نكون أربعة أشخاص نعمل باللوحة.

* ماذا يعني لك النجاح؟
** النجاح في المرحلة الأولى هو أن تتميز بقدراتك في المجال الذي تعمل به، وتترك بصمتك الفريدة والخاصة بك، وإنك وصت لهدفك الذي خططت له، وأضعّت مالم يسبقك إليه أحد غيرك، وقمة النجاح هو من يشاركك من حولك فرحتك، ويفرح لأعمالك، وكما أن النجاح هو بداية المشوار وبداية المغامرة لأفكار أخرى وأروع، وفي وقت لاحق نرى ليس النجاح الحقيقي هو أن تحقق هدفك الذي تسعى إليه فقط لأنك لا تكون بوصولك لهذا الهدف قد حققت رغبة ذاتك، بل فتحت الباب لطريق جديد ترغب بإرضاء هذه الذات كي لا تبقى تنتظر وتقف طويلاً تحت الأضواء لأن وقوفك طويلاً سيكون بداية السقوط. باختصار: إن لم نحب العمل لن نستطيع الإبداع فيه لذا كي يكون العمل ناجحاً يجب أن يكون جزءاً منك، وأنت جزء منه، وتتعامل معه كأنه كائن حيّ سيخرج إلى الحياة على يديك. لذلك عليك أن تعطيه شيئاً من روحك.

* كلمة أخيرة للفنان صافي أحمد
** ليس هناك شيء مستحيل، وعلينا ألاّ نستهين بأي فكرة أو عمل نقوم به مهما كان بسيطاً, بل علينا السعي إلى تطويره، أتمنى من كل صاحب فكرة أو إبداع أو فنّ أن يسعى إلى إسقاط فكرته وإبداعه على أرض الواقع حتى لو استهلك لعمل إبداعه من لقمة عيشه. فهذا بمثابة الرصيد الذي سيرى النور في وقت ما مهما طال الزمن،
وسينشره إلى الناس، والغاية ليس الشهرة أو التكريم إنما القيمة الحقيقية والرسالة السامية التي يسعى إليها أي إنسان يستحق هذه التسمية، وأنا غايتي نشر هذا النوع من الفن النادر.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار