المكتبــــات.. تأخــــذ دور الجامعــــة والطالب يدفــــع ثمـن رســـوبه!

العدد: 9432

الثلاثاء : 24-9-2019

 

انتشرت ظاهرة مكاتب المراسلة بشكل كبير مؤخراً، وتمركزت على طول السور الجامعي، لتكون حاجزاً يمنع الطلاب من دخول الجامعة وحضور المحاضرات حتى أنّها حلت محل الجامعة والدكتور الجامعي، و من الطلاب من اعتمد عليها اعتماداً كلياً، ومنهم من جعلها سنداً له في دراسته, ولكن السؤال هل مكاتب المراسلة تصب في مصلحة الطالب الجامعي أم أنها مكاتب تجارية همها الربح المادي فقط؟

* الطالبة ريم: توجد أكثر من مكتبة لكل قسم في جامعة تشرين، وهذه المكتبات تزرع في عقول الطلاب أن كل ما يشرحه دكتور المقرر في محاضراته ينشر من قبل المكتبة لذلك ليس هناك من داع لحضور الطالب محاضراته طبعاً، والطالب يمكن التلاعب عليه في بعض الأحيان لأن بعضهم من يركض وراء راحته، وأنا كطالبة لا أعتمد اعتماداً كلياً على المكتبات، وإنما أقوم بحضور المحاضرات وشرائها في آن معاً للتأكد من المعلومات فقط .
* الطالب علي قال: أقطن في منطقة بعيدة عن الجامعة وبسبب الوضع الاقتصادي لا أستطيع الحضور يومياً إلى الجامعة لذلك أعتمد على مكتبات المراسلة ولو أن جميع دكاترة المقررات يقومون بوضع ملخص لشرحهم خلال العام كان سيلقي الطالب اعتماده على محاضرات المكتبات وسيلجأ لملخص المدرس مع العلم أن بعض المحاضرات في المكتبات فيها أخطاء ويكتبها طلاب مثلنا ولكن ما باليد حيلة وليس هناك طريقة أخرى.
* الطالب معن: هناك بعض المكتبات تتحدث باسم المدرس، وهي ليس لها علاقة به وإنما فقط لجذب الطلاب فأحد المرات اشتريت نوطة من المكتبة ظناً أن مدرس المادة هو من وضعها في المكتبة ولكن تفاجأت أنها من صنع المكتبة وتدعي كذباً على الطلاب فقط من أجل الربح المادي، ولكن هذه المكتبات تسيطر على الطالب بشكل كبير، فجميع طلاب الجامعة يعتمدون عليها حتى الطلاب الذين يحضرون المحاضرات الدرسية في الجامعة.
* الطالبة علا: من المهم وجود مكتبات خاصة بكل قسم لأن الطالب قد تمر عليه أيام لا يستطيع حضور المحاضرات لظرف معين فيستعيض عن الحضور بالمحاضرات التي يشتريها من المكتبة وفي كل مكتبة هناك أساتذة يمكن التسجيل عندهم لمراجعة المقرر الجامعي.
* الطالب علاء: الجامعة فقدت خصوصيتها والطالب الجامعي أصبح همه فقط النجاح في المقررات في أي وسيلة كانت ويجد الطالب في هذه المكتبات راحة له فالمحاضرات تصل جاهزة إليه دون تعب بذلك تمنعه من حضور المقررات في الجامعة وحتى من دخولها إلا للتسلية.
آراء المدرسين والأثر السلبي الذي تسببه المكتبات لهم
* رئيس قسم اللغة الانكليزية في جامعة تشرين د. أحمد العيسى قال: أكبر خطر يهدد الجامعات السورية هو مكاتب المراسلة، فقد بدأت بشكل جدي تحل محل الجامعة والأساتذة والكتاب الجامعي ومحل المكتبات ضمن الجامعة وهي ليست مؤهلة لذلك، وقد أثرت على دوام الطلاب في الجامعة ظناً منهم بأن هذه المكتبة تلبي جميع متطلباتهم الجامعية والمدرس عندما يدخل إلى القاعة الدرسية ويجد نسبة الحضور فقط 20 أو 30 طالباً يعلم أن هؤلاء أغلبهم ليسوا طلاباً وإنما مراسلين للمكتبات وهذا يؤكد أن أيام الامتحان نجد المئات من الطلاب فأين كان هؤلاء الطلاب خلال الفصل الدراسي؟ وهؤلاء الطلاب على انقطاع كامل عن الجامعة وفي بعض الأحيان يكون أستاذ المقرر رئيس قاعة امتحانية ويسأل الطلاب عن الأستاذ فهم لا يعرفون شكله حتى, وأضاف د. العيسى: كل كلمة تبيعها المكتبات هي كلمات مسروقة بالمجمل من محاضرات الأساتذة وتعب الأساتذة وهذه جريمة كبرى فهناك مرسوم جمهوري صدر 2013 عن حقوق الملكية ويذكر المرسوم أن الحقوق الفكرية تشمل المحاضرات الجامعية الشفهية والحقوق المعنوية لصاحب المحاضرة أبدية والحقوق المالية تستمر بعد وفاته بخمسين عاماً وعقوبة من يتعدى على هذا النتاج الفكري عقوبة السجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من 300 ألف إلى مليون ليرة وتغلق المكتبة أيضاً، إضافة إلى أن الذي تم التعدي على محاضراته يحق له المطالبة بغرامة مالية لتعويض ما خسره وما جناه الشخص المتعدي، وأكد عيسى أن هذه المحاضرات مليئة بالأخطاء وهي تشويه لمحاضرات الدكتور الشفهية، ويظهر من خلال المحاضرات أن أستاذ المقرر لا يجيد اللغة ولا الكتابة لأن الطالب يظن أن من يكتب المحاضرات هو الدكتور نفسه، طبعاً والسبب الأساسي في رسوب الطلاب هو هذه المكتبات والمشكلة الكبرى أنه إذا أراد دكتور المقرر صياغة محاضراته وما أعطاه خلال عام دراسي أو أكثر في بحث معين فهو لا يستطيع لأنه سيظهر أن الدكتور سرق من مكتبات المراسلة وليس العكس فيتحول السارق إلى مسروق، من المهم إيجاد حل جذري لهذه الظاهرة.
ففي أيام الامتحان لن نجد كتاباً لمقرر ولا مرجعاً واحداً وإنما سنجد نوط مراسلة وتتكون هذه المحاضرات من خمس عشرة صفحة فقط، في حين المدرس أعطى خلال العام 16 محاضرة، كل محاضرة خمسين صفحة، كيف أمكنهم اختصارها بهذا الشكل؟ الجامعة بحاجة لطالب مفكر وليس لطالب يهمه النجاح فقط ولا يزور الجامعة إلا في أوقات الامتحان، فيجب على الطالب أن ينتج أفكاره فهناك أقسام فلسفة ولا يوجد لدينا فيلسوف واحد وهناك أقسام آداب وعلوم إنسانية ولا يوجد لدينا مفكر، وقد تصاب الجامعات مصابة بالعقم بسبب مكتبات المراسلة غير الشرعية فهي همها الربح المادي فقط وليس الطالب وهي تقضي على الطالب عندما تقدم له حلقات بحث جاهزة ومشاريع تخرج جاهزة.
واقترح د. العيسى أن يكون في كل قسم مكتب أمانة وكل دكتور يجب عليه أن يؤلف (أملية خاصة) بمقرره تباع في القسم نفسه فيشتري الطالب كتاب المقرر مع (الأملية).
* رئيس قسم التاريخ د. بشار عباس قال: سلبيات المكاتب تكمن في المعلومات الخاطئة ونشر محاضرات لا تخص الدكاترة فهناك مدرسو مقررات يتفاجئون بمحاضرات منسوبة لهم ليس لديهم أي علم بها وتقوم المكتبة بهذا العمل لأهداف مادية فقط فأحياناً تستخدم المكتبة أسلوب تضخيم المحاضرة لتزيد من سعرها وأحياناً يكون جواب الطلاب في الامتحان غير مطابق للسؤال وقد يكون الأستاذ مطالباً بعشرة أسطر كجواب يتفاجأ بأن أغلب الطلاب جاوبوا بسطر واحد فقط، فتزداد نسبة الرسوب بسبب هذه المكتبات، وقد تكون المكتبة متجاهلة السؤال كله لأن المراسل من وجهة نظره أن السؤال غير مهم ولكن مدرس المقرر وجده مهماً وهنا يكون الطالب غير قادر على الإجابة مما يتسبب برسوبه، وأضاف د. عباس إن مكتبات المراسلة تمنع الطلاب من حضور المحاضرات لذلك نجد نسبة الحضور ضعيفة جداً وخاصة أن قسم التاريخ نظري ولكن يبقى شرح المدرس يزيد من استيعاب الطالب على عكس المحاضرات الجامدة وعملية البصم دون فهم ، وهذا ما يجعل الطالب آلة في يد هذه المكتبات، فالطالب يثق بها أكثر من ثقته بالجامعة وبمدرس المقرر ذاته، من ناحية أخرى نحن بحاجة لمصدر آخر لرعاية الجامعة للنوط الجامعية لأن بعض الطلاب لا يمكنهم الحضور كل يوم للجامعة بسبب بعد مناطقهم لذلك هم بحاجة لنوط جامعية موقعة من دكتور المقرر وعمادة الكلية.
* وفي قسم اللغة الفرنسية التقينا رئيسة القسم د. ربا حمود فقالت:
الطالب في أقسام اللغات بحاجة لحضور المحاضرات ليتعلم اللفظ وطريقة المحادثة، لأنه من المهم أن يسمع الطالب اللغة فعندما يعتمد الطالب على مكتبات المراسلة فهو يلغي موضوع الاستماع وإنما يكون أسلوبه البصم فقط وهمه النجاح، وعندما يرسب الطالب في المقرر يحتج بأنه كتب نفس المحاضرات والحقيقة أنه لم يكتب كما يريد الدكتور وإنما كما يكتب المراسل في المكتبة، فالمكتبات سيطرت على عقول الطلاب فحتى الطلاب الذين يحضرون ويلتزمون مع المدرسين يشترون النوط والمحاضرات من المكاتب بحجة أنه أضمن لهم، والمشكلة في هذه النوط أنها مترجمة فالطالب هنا لا يتعلم لغة وإنما يدرسها بالعربي ويترجمها بنفسه، والخطير في الأمر أن المكتبة تكتب على المحاضرة أنها بإشراف دكتور المقرر مع العلم أن الدكتور ليس له علاقة بها, وفي الامتحان نعاني من أخطاء قواعدية ونحوية وحتى بكتابة الكلمات فهناك كلمات كأنها مخترعة، وكأن الطالب يدفع المال لهذه المكتبات ويشتري رسوبه وهم يتلاعبون بعقول الطلاب ترويجاً لمكتباتهم بأن الدكتور هو من وضع النوط والملخصات فيزيد لديهم نسبة البيع ويحقق لهم مردوداً مادياً كبيراً، ومن وضع النوطة يكون طالباً يحضر المحاضرات ويرتب الكلمات حسب معرفته، الطالب في الجامعة يترك الكتاب الجامعي ويتبع المحاضرات.
والتقينا عدداً من مكاتب المراسلة الذين بينوا أن دور المكاتب مهم بالنسبة للطلاب، فهناك طلبة من مناطق بعيده يتواصلون مع المكتب والمكتبات بدورها تقوم بإرسال مراسل من طرفها من الطلبة المتفوقين في اختصاصه أو متخرج ويتابع محاضرات الأساتذة الدكاترة، فيقوم بتسجيلها وكتابتها بشكل واضح كل أسبوع بأسبوعه، لذلك لا يفوت الطالب أية محاضرة، ويكون لديه مرجع في دراسته ليستذكر ما أعطاه المدرس خلال الفصل الدراسي من ناحيه أخرى جميع المكاتب هدفها ربحي ولكن في نفس الوقت فهي تقدم تسهيلات للطالب من جميع النواحي من كتب ونوط وملخصات ومساعدة في الدراسة، ولو أن الطالب يرى أنه بحاجه للدكتور في بعض المواد سيحضر محاضراته ويستعين بالمحاضرات في وقت الامتحان للمراجعة، لأن الدكتور يعطي كميات ضخمة والطالب دائماً بحاجه لمن يوجهه ويلخص له ما يعطيه مدرس المقرر، وفي سياق متصل لو وجدت الجامعة مشكلة في مكاتب المراسلة كانت ستسعى لإزعاج أصحابها ومحاولة إغلاقها، ولكن لم تتقدم أية شكوى حول المكاتب، واقترح البعض أن تقوم الجامعة بالتعاون مع مكاتب المراسلة وأن يضع المدرس نوطاً خاصة به في المكاتب مراعات لظروف بعض الطلاب الذين ليس بإمكانهم حضور جميع المحاضرات.

بتول حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار