نصــــف أذن ..

العدد: 9432

الثلاثاء: 24-9-2019

 

يبدو العنوان غريباً بعض الشيء أو غير مألوف أو معتاد, أن يكون هناك نصف أذن، فقد اعتدنا القول إنّه لا يسمع إلا بأذن واحدة،ولكن أن نقول نصف أذن فهو ليس بالجديد ولا المبتكر لأنّ الإنسان قائمٌ على السمع بأذنه وليس بأذنيه فالمرء لا يمنع هذه عن السماع ويسمح للأخرى أن تسمع وتنصت لا .. فالأمر في حقيقته أنّ الإنسان غير المنصف لنفسه ولا لغيره لا يُجيد أن يستمع بعد الاستماع ليشعر بلذّة الاستمتاع القائم على وجه الحقيقة البيّنة, التي لا تدع مجالاً للشّكّ بأنّ الآخر قد استغلّ هذا أو ذاك في هذا المكان أو غيره ليبثّ سمومه عبر أذن قفلَتْ أبوابها واستقامت تعاريجها ليدخل كلام الأذى ونميمة المبغض إلى قلب الكاره الحاقد الذي نسي أنّ الله زرع في صدره قلباً ينبض بالمحبّة وتمنّي الخير للآخرين بعيداً عن الكيدية والعودة بالحياة إلى البدائية وليس البدئية.
فيا أيّتها الريح احملي خَطْونا التي أسلمناكِ إيّاها ويا أيّتها الدروب ها نحن ندقّ جباهكِ التي نكتب فوقها ونخطّ بأقلامنا الملأى بحبر الحب أناشيد وأغنيات يسطّرها الزمن على جباه تجعّدت وما انمحت سطوره فكأنّه (الزمان) يشاركنا كتابة قصائد الحياة علّ القادم من بعيد ما زال يمتلك مهارة القراءة وما زال يمتلك حسن الاستماع بأنْ يجعل طُرقَ أذنه ليست سهلة المعبر ولا مستسيغة سهل الكلام الذي يأخذ بصاحبها إلى دَرَكِ المقام .
يا أيّها الإنسان الذي كان في بدئه قبل أن يكون ما هو عليه الآن, إنّي وإيّاك ما زلنا نبحث عن أنفسنا التي تاهت منّا في زحمة الكلام ودهاليز الطرقات التي أضاعت النهايات الحقيقية فكنّا كمَنْ ضلّ في الصحراء وأصبح يجري خلف السّراب الذي يتجدّد كلّما توهّمنا أنّه مازال الآخر الذي يحمل في قلبه الكره والحقد والضغينة، وإنّي أدعوك أيّها الإنسان الباحث عن مفتاح قلوب الآخرين، نعم جميع القلوب لها مفتاح واحد وليس لكلّ قلب مفتاح, إنّه المفتاح الحقيقي ألا وهو المحبّة التي تأخذ بنا إلى عوالم النجاح والسعادة وتأخذ بنا إلى السلامة من كلّ شرِّ قد يأتي إلينا من خلال استعمالنا لنصف أذن . .

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار