العدد: 9290
12-2-2019
قديماً اشتدَّ المرض على أحد الأمراء وأنهكه الجوع، فكثُرت توسُّلاته، وصارت بعدد أمنيات فقراء إمارته، حتى غلب عليه لقب الأمير الفقير.
شُفي الأمير وعاد كالألوان لربيعها، ولأنَّ إقامة الولائم الدائمة لملء بطون أبناء رعيّته بصعوبة ابتلاع الأنهار لضفافها، فقد استقرَّ رأيه على إقامة مطبخٍ صغيرٍ في مكانٍ تميَّز بقحطه وجوع عابريه الذين تقطَّعت بهم السُّبل.
ضمَّ المطبخ (طنجرةً) وطاهياً يبرع بوجبة تفي الشَّبع.
بعد مرور عامٍ على ذكرى مرضه، اتَّجه صوب (الطَّنجرة)، ليجد تجمُّعاً من مبانٍ أكبرها تعلوه لوحةٌ كُتب عليها: (المديرية العامةُ للطنجرة)، أما الأقسام الأخرى فتوزَّعت على العلاقات العامة ومكاتب الحراسة والصّيانة والدّراسات وعنابر للعمال وللسائسين، وغير بعيد عنهم مدرسةٌ ألحقت بها روضة أطفال ومركز صحي وبعض المتاجر، وقد تخلَّلتها دكاكين للحِرَف المختلفة، عدا عن الباعة الجوَّالين وقد أضافوا لحركة السُّياح صخباً دائماً لا ينقطعُ ليل نهار.
سأل الأمير عن هذه الحال التي يراها؟ فقيل له: لأنَّ المكان خالٍ ومنعزل، وطاهٍ واحدٍ لا يكفي لأربعٍ وعشرين ساعة في اليوم، فقد تم تعيين ثلاثة طهاة، وهنا لا بُدَّ من مراقبٍ ينظِّمُ عملهم، وموظف آخر يقوم بتأمين ما يلزم.
هذا الأمر تطلَّبَ جهازاً إدارياً على رأسه مديرٌ ومعاونوه، ولنجاح العمل، لابد من اصطحاب هؤلاء لعائلاتهم، وتقديم خدمات إضافيَّةٍ متميّزة!.
ولأنَّ المفاجأة ستطول، اختصر الأمير اللقاءَ بأن طلب وجبةً من أحد الطُّهاة، ولكن وبعد عناء، أخبروه أنَّ الطَّنجرة قد سُرقت والبحث جارٍ عنها، أمّا الطُّهاة فرهن الاستجواب، ولا يمكن الاستعانة بطنجرةٍ أخرى إلا بعد عودة الأصليّة الممهورة بخاتم الأمير، حتى لا تضيع هيبة الإمارة، فيقال: إنَّنا لا نقدر على حماية طنجرة؟!
اقترح الأمير تحويل مديرية الطَّنجرة إلى الهيئة العامة للطناجر، وهنا همس مساعده قائلاً: سنحتاج إلى جيوش الأرض كلَّها للبحث عن الطَّناجر المسروقة!.
عاد الأمير جائعاً، وفي منتصف الطريق استقبلته شجرة نخيلٍ ترمي بثمارها كلما طلبت الريح منها، فرفع رأسه ونادى: رحم الله التَّمر، فهو يكفي ويزيد، و . . ريحٌ تقتلعُ، خيرٌ من طنجرةٍ تختفي.
شُفي الأمير وعاد كالألوان لربيعها، ولأنَّ إقامة الولائم الدائمة لملء بطون أبناء رعيّته بصعوبة ابتلاع الأنهار لضفافها، فقد استقرَّ رأيه على إقامة مطبخٍ صغيرٍ في مكانٍ تميَّز بقحطه وجوع عابريه الذين تقطَّعت بهم السُّبل.
ضمَّ المطبخ (طنجرةً) وطاهياً يبرع بوجبة تفي الشَّبع.
بعد مرور عامٍ على ذكرى مرضه، اتَّجه صوب (الطَّنجرة)، ليجد تجمُّعاً من مبانٍ أكبرها تعلوه لوحةٌ كُتب عليها: (المديرية العامةُ للطنجرة)، أما الأقسام الأخرى فتوزَّعت على العلاقات العامة ومكاتب الحراسة والصّيانة والدّراسات وعنابر للعمال وللسائسين، وغير بعيد عنهم مدرسةٌ ألحقت بها روضة أطفال ومركز صحي وبعض المتاجر، وقد تخلَّلتها دكاكين للحِرَف المختلفة، عدا عن الباعة الجوَّالين وقد أضافوا لحركة السُّياح صخباً دائماً لا ينقطعُ ليل نهار.
سأل الأمير عن هذه الحال التي يراها؟ فقيل له: لأنَّ المكان خالٍ ومنعزل، وطاهٍ واحدٍ لا يكفي لأربعٍ وعشرين ساعة في اليوم، فقد تم تعيين ثلاثة طهاة، وهنا لا بُدَّ من مراقبٍ ينظِّمُ عملهم، وموظف آخر يقوم بتأمين ما يلزم.
هذا الأمر تطلَّبَ جهازاً إدارياً على رأسه مديرٌ ومعاونوه، ولنجاح العمل، لابد من اصطحاب هؤلاء لعائلاتهم، وتقديم خدمات إضافيَّةٍ متميّزة!.
ولأنَّ المفاجأة ستطول، اختصر الأمير اللقاءَ بأن طلب وجبةً من أحد الطُّهاة، ولكن وبعد عناء، أخبروه أنَّ الطَّنجرة قد سُرقت والبحث جارٍ عنها، أمّا الطُّهاة فرهن الاستجواب، ولا يمكن الاستعانة بطنجرةٍ أخرى إلا بعد عودة الأصليّة الممهورة بخاتم الأمير، حتى لا تضيع هيبة الإمارة، فيقال: إنَّنا لا نقدر على حماية طنجرة؟!
اقترح الأمير تحويل مديرية الطَّنجرة إلى الهيئة العامة للطناجر، وهنا همس مساعده قائلاً: سنحتاج إلى جيوش الأرض كلَّها للبحث عن الطَّناجر المسروقة!.
عاد الأمير جائعاً، وفي منتصف الطريق استقبلته شجرة نخيلٍ ترمي بثمارها كلما طلبت الريح منها، فرفع رأسه ونادى: رحم الله التَّمر، فهو يكفي ويزيد، و . . ريحٌ تقتلعُ، خيرٌ من طنجرةٍ تختفي.
سمير عوض