التبــاس .. تعريــة كوميديــة لواقــــع مريض!

العدد: 9430

 الأحد-22-9-2019

 

 

غصت صالة المسرح القومي في اللاذقية بحضور كبير جداً لافتتاحية مسرحية (التباس)؟ والتي ستستمر فرقة المسرح القومي في اللاذقية بعرضها لمدة (15) يوماً عند الساعة السابعة.
التباس.. عمل مسرحي للكاتب الإيطالي داريو فو الحائز على نوبل للآداب 1997 ومن إخراج سلمان شريبة، وتمثيل حسين عباس، سوسن عطاف، مجد أحمد، غربا مريشة، وسام مهنا، ودينا العش.

يعرض العمل لزيف العلاقات الزوجية لدرجة الخيانة التي تنتشر بشكل أكبر أزواج الطبقات الفنية وصاحبة السلطة، فيصور العمل لحالتين زوجتين تلجأ كل حالة لإقامة علاقة بديلة لأنها لا ترى نفسها مع شريكها الشرعي ورغم عدم صحة أو صوابية ذلك يبرر بأن كل ما يحصل ليس سوى (البتاس)، كل ذلك من أجل الحفاظ على الشكليات والظواهر والصورة المنافقة التي يعيشها أناس هذه الطبقة الذين يدعون الرقي. وفي المقلب الآخر يصور العمل لشخصية اللص الذي يجسد ويرمز للناس الفقراء الذين يناضلون للحصول على لقمة عيشهم ولو بأسلوب غير سليم إلا أنهم يظلون أشرف من أصحاب الجاه والمال، ومع تطور الأحداث تنكشف كل الحقائق عندما يضع اللص النقاط على الحروف ولكن كل الخائنين يبررون ما حدث بأنه(التباس)، لتستمر الأمور على ما هي وتنتهي المسرحية بقدوم لص آخر ليرمز أنه رغم تبدل اللصوص إلاّ أن التاريخ يعيد نفسه ولابد للخيانات الزوجية أن تستمر.
مدة العرض 50 دقيقة يستمتع المتلقي من خلالها بـ (لطشات كوميدية مضحكة)، وإبداع وتمكن الممثلين والتصاقهم بالدور تماماً إضافة لعناصر المسرحية الأخرى من إضاءة وديكور التي أضافت جمالية للسيناريو المترابط وأداء الممثلين الرائع.

ولمعرفة المزيد عن العمل كانت لنا وقفات مع الفنان حسين عباس قال:
تم اختيار النص بشكل جماعي كوننا جميعاً، المشاركين في هذا العمل أصدقاء، طبعاً قرأنا نصوصاً عديدة، لكن تم الاتفاق على هذا العمل لأنه قريب من الناس وكوميدي في الوقت ذاته ونحن اليوم أحوج ما نكون للضحك، وحتى وإن أخذ النص من ثقافة أخرى إلاّ أن تشابها كبيراً يبقى بين البشر وحاولنا إسقاطه بجرأة لغاية الإصلاح البناء لمجتمعنا وثقافتنا العربية.
أما المخرج سلمان شريبا فقال: عرض (إلتباس) عرض كوميدي يعري ويفضح بشكل كاريكاتوري ساخر مجموعة من السلوكيات والأخلاقيات الاجتماعية المرفوضة والمودة في كافة المجتمعات بشكل عام، وفي مجتمعنا خاصة.
هذه السلوكيات التي كثرت في الآونة الأخيرة، كالخيانات الزوجية، تمت تعريتها عبر شخصيات تنتمي إلى طبقتين اجتماعيتين، طبقة الفقراء التي لا تملك المال وتسعى للحصول على رزقها على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وتقوم بالسرقة وهو سلوك مرفوض طبعا، لكن هذه الطبقة من الناحية الاجتماعية والأخلاقية تحافظ على شرفها. وطبقة الأغنياء التي تملك المال ولكنها للأسف لا تملك الأخلاق وتبرر لنفسها كافة السلوكيات والعلاقات اللا أخلاقية مقلدة بذلك بعض العادات الغريبة التي أتتنا وظهرت بشكل فاضح في زمن العولمة، والمثير للضحك أن اللص الذي ينتمي لطبقة الفقراء أشرف بألف مرة من الأغنياء الذين يملكون المال.

أما الهدف من العمل والكلام لا يزال للمخرج شريبة: هو تعرية سلوكيات المجتمع من أجل تسليط الضوء على العيوب عند كافة الطبقات الاجتماعية من سرقة وكذب وخيانة زوجية لأنها آفات اجتماعية تفكك الأسرة وتدمر المجتمع، واليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة أن نضع اصبعنا على العيوب ونواجهها لأن مفاهيم المجتمع تغيرت كثيرا، أما فكرة العمل تصلح لكل زمان ومكان حتى لو كانت مأخوذة عن كاتب غربي.
مصمم ومنفذ الإضاءة غزوان إبراهيم قال: الإضاءة لأي عمل مسرحي من أهم عناصر إنجاح العمل، وهناك فرق كبير بين الإضاءة والإنارة، مثل الفرق بين الفن والواقع.
فالإنارة تجعل من رؤية المشهد أمراً ممكناً، بينما الإضاءة لغة فنية بصرية لإضفاء دلالة محددة وخلق الجوّ الدرامي والدلالة على الزمان والمكان، بالنسبة لمسرحية (التباس9) تغيرت الإضاءة لتلعب دوراً هاماً بالتغيير بين الانفعال والتوتر أو الهدوء فيضان الأحمر أو يسحب ضمن هذه المشهدية للمكان وهو منزل العائلة الأرستقراطية، كما حددت الإضاءة مكانين مختلفين ضمن المشهد الواحد.
أما ديكور (التباس) فكان من تصميم وتنفيذ حسن حلبي الذي قال: الديكور هو نصف العمل المسرحي 50% بالأهمية ويجب أن يكون ملائماً ومؤدياً للغرض وموصلاً لجو العمل المراد إيصاله للمتلقي بالنسبة لي فيما يتعلق بأي عمل ديكور يطلب مني أضع ما كيت مسرحي بعد أن أقرأ السيناريو وأحضر البروفا وأراقب حركة الممثلين على الخشبة وبعدها يصار إلى اعتماد الماكيت أو إجراء تعديلات عليه، وبالنسبة لسيناريو النص تم التصرف بها ولذلك كان علي التصرف بالديكور ليتلاءم مع النص العربي. ولو تم أخذ النص بحرفيته دون تعديل لكان الديكور مختلفاً أيضاً.
أخيراً بقي أن نذكر أسماء الفنيين الذين ساهموا أيضاً في ظهور العرض بأبهى صورة وهم نضال عديرة مخرج مساعد، إشراق صقر مساعد مخرج، هاشم غزال لتصميم الإعلان، طارق حافظ موسيقا ومؤثرات، جعفر درويش على الصوت، سوسن أحمد ماكياج، كندة متوج أزياء، سماهر عدرة إكسسوارات، وفاء غزال إدارة منصة، وأحمد بسمة فني ديكور.

 

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار