زيادة القـدرة الشـرائية للمـواطنين تحـرّك الإنتـاج

العدد: 9429

الخميس:19-9-2019

الدكتور يوسف محمود (اقتصاد) قال: إن توفير المشتقات النفطية قضية في غاية الأهمية لأنها تلامس الواقع المعيشي للأفراد بشكل كبير، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على سورية والشركات والدول التي تتعامل معها أثّر على واقع حاملات الطاقة في سورية، مما اضطر الدولة السورية لاتباع سياسة معينة لفترة محددة (البطاقة الذكية، تحديد مخصصات الفرد من الغاز والمازوت والبنرين) وساعد ذلك كحلّ جزئي في توفير مصادر الطاقة للمواطنين، وللدولة أولويات في مجال القطع الأجنبي لذلك لا بد من استخدام كافة الإمكانيات لتأمين حوامل الطاقة بالقدر الممكن، والصعوبات التي تعاني منها الدولة في تأمين الطاقة نتمنى ألا تنعكس سلباً على المواطن، وتحمّله أكثر من طاقته، ويجب على الدولة القيام بدورها الفعال في هذا المجال.
وبالنسبة للوضع الاقتصادي في سورية فهو متعلق بالنظام الاقتصادي السائد، فهناك أنظمة اقتصادية (اشتراكي، حرّ، مختلط) ولا نعرف أي منها نتبنى، وإن كان هناك خطأ باختيار المقدمات الصحيحة فالنتائج ستكون مطابقة لهذه المقدمات، فلا بد من تحديد هوية الاقتصاد الوطني ووضع مجموعة من الأسس والاستراتيجيات المنسجمة مع هذه الهوية، فقد كان الاقتصاد الاشتراكي سائداً في سورية، ثم انتقلنا للعمل بنظام الاقتصاد الاجتماعي ولهذا النظام ميزات جيدة ولكنه لم يتم العمل بها، وانتقلنا إلى اقتصاد السوق، وهنا بدأت عمليات الخصخصة لشركات القطاع العام، وبدأ رأس المال الخاص يعمل بشكل كبير، وبدأت تظهر رؤوس الأموال في قطاعات الاقتصاد الوطني إلى أن استوحش رأس المال الخاص في عملية الاستثمار في سورية، وتوقف نظام السوق الاجتماعي لأن له متطلبات كثيرة متعلقة بالأمن الاجتماعي والمواطن من حيث مستوى المعيشة ومتوسط دخل الفرد، كل هذه الأمور لم يتم التركيز عليها، وإنما تمّ تجاوز هذه الأمور حتى ينمو القطاع الخاص ويكبر.
من ناحية أخرى (والكلام للدكتور محمود) أخذ القطاع الخاص مواقعه بشكل جيد وصحيح، وستكون له أهمية على اقتصاد سورية، ولكن من المؤسف أنّ هذا القطاع ينمو من خلال استثناءات، واضاف: في اقتصاد الحرب ليس من المطلوب وضع استراتيجيات وإنما وضع رؤية لتسيير الأمور الاقتصادية بشكل أمثل، بما ينسجم مع واقع الحرب، ولدينا كثير من المعطيات المتعلقة بهذه الظروف الاستثنائية، وبدايتها رفع سوية معيشة المواطن بالقدر الممكن، وهناك وجهات نظر حول هذا الموضوع، فمنهم من يقترح زيادة الرواتب فعندما تزيد الرواتب يصبح لدى المواطن قدرة على شراء المنتجات من الأسواق وبذلك تحتاج الأسواق لتأمين المواد، وتُطلب من المستودعات والمعامل، وتبدأ المعامل بالعمل وتتحرك العجلة الاقتصادية، الاقتصاد يختلف عن كل الاختصاصات الأخرى فإذا أخطأ الاقتصادي في قراره فهذا يمسّ المجتمع بالكامل، وهنا تكمن أهمية القرارات الاقتصادية..
وحين تكلف مؤسسة التجارة الخارجية باستيراد المواد الأساسية من الخارج فيكون قراراً إيجابياً إلى حدٍ ما ولكن تأمين هذه المستلزمات على أرض الواقع يكون بطريقة مختلفة.
وفي الختام فإن الانتصار العسكري للأسف لا يوازيه (انتصار اقتصادي) على أرض الواقع ولو كانت السياسات الاقتصادية داعمة للانتصار وتضحيات الجيش السوري كان سيكون انتصاراً أكبر على كافة الجبهات، والسيد الرئيس أكد في خطاباته على أن يكون المواطن هو رقيب نفسه ويقوم بواجباته على أكمل وجه وحث الحكومة على الاهتمام بالأفراد ومستوى معيشتهم ونلاحظ فرقاً شاسعاً ما بين توجيهات السيد الرئيس والواقع التنفيذي لهذه التوصيات لذلك نتمنى أن تكون الخطوات الاقتصادية مدروسة بعناية وأن يكون هناك مجلس أعلى للاقتصاديين لتنفيذ القرارات بما يخدم الواقع المعاشي في سورية ومؤسسات التدخل الإيجابي يجب أن تكون لصالح المواطن، ومن الضروري تهيئة الظروف المناسبة لتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر فهي عماد الاقتصاد الوطني لذلك عندما نعمل على تنميتها فإننا ندفع عجلة الاقتصاد نحو الأمام ونعطي توجه لتشغيل أكبر عدد ممكن من المواطنين ورفد الدولة بإيرادات جيدة ولكن للأسف هذا الموضوع بعيد تماماُ عن الواقع، ومن الضروري تقديم تسهيلات لمعاملات المنشآت الصناعية وفتح مجال الاستثمار بمختلف المجالات.

بتول حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار