اســــــــتهلاك سينمـــــائي ســــــهل.. وغياب الوعي بقيمة السينما ودورها في التنمية الثقافية والاجتماعية
العدد: 9429
الخميس:19-9-2019
شكلت الشاشة الفضية وخاصة قبيل انتشار التلفزيون حيزاً هاماً على مستوى الوعي الجمعي عند مختلف شرائح الشعب، فضلاً عن حميميتها لكثير ممن عاصروا تلك الفترة من مختلف الأعمار و درجات الثقافة.
كان موعد الذهاب إلى صالة السينما موعداً احتفائياً هاماً لدى كثيرين، له طقوس خاصة جميلة خصوصاً لدى السيدات، شيء يحمل بين تضاعيفه تفاصيل كثيرة جميلة أيّما جمال، و بكل ما تكتنفه هذه التفاصيل من مشاعر مختلطة تسكن دواخل الصدور، ولكن يبدو أن التغيير هو الثابت الوحيد في هذي الحياة.
جاء التلفزيون بتنوع برامجه ليقتطع جزءاً من دورها، فركن كثير من رواد السينما إلى هذا الصندوق العجيب وتناقصت عدد الخطوات الساعية إلى صالات السينما، ومع التطور المحموم للتكنولوجيا بدأت تتواتر أجهزة العرض من أجهزة الفيديو لنصل أخيراً إلى الحاسب الشخصي ومختلف أنواع الهاتف النقال الذي جمع فيما جمع كثيراً من عجائب تكنولوجيا العصر، وربما كان أهمها إمكانية تشغيل وعرض عدد كبير جداً من أفلام السينما وغيرها بكافة صنوفها وتشعباتها، الأمر الذي أطلق رصاصة الرحمة أو يكاد على الشاشة الفضية الوادعة، فانقطع عنها عشاقها -على قلتهم- إلا في مناسبات نادرة، لتصبح أشبه بمكان موغل في القدم يزوره هواة التاريخ في تواريخ ضنينة. التقينا ممن هم من رواد السينما ولهم باع طويل بارتيادها.
علا بدور: يشهد القطاع السينمائي تراجعاً كبيراً حالياً، وذلك لعدم وجود دور خاصة بالسينما والاعتماد على المراكز الثقافية التي لا تتوافر فيها المواصفات الخاصة لعرض فيلم سينمائي، ناهيك عن انتشار الأفلام القصيرة على حساب الأفلام الطويلة، وبالرغم من اكتسابها صفة السينمائية إلا أنني لا أحبذ إطلاق لقب سينمائي إلا للأفلام الطويلة، ولعب التطور التكنولوجي دوراً هاماً في تراجع اهتمام الناس بتواجد دور سينما حيث تجد الكثير من الأشخاص يحصلون على نسخة من الفيلم عن طريق الانترنيت دون أن يتكلفوا عناء الذهاب لمكان العرض الأمر الذي أدى إلى قلة المبيعات على شباك التذاكر وعدم اكتراث الناس بتواجد دور عرض سينما طالما أن الأفلام تصل إلى متناول أيديهم بكل سهولة ويسر.
مهران سلوم: الفن عبر العصور كان له الدور البارز في بناء مجتمعٍ إنسانيٍّ غاية في الرقي والتميز وسيدة هذا الفن هي السينما التي تنتمي إلى مدينة الإبداع والحضارة، وتعد مرآة للثقافة التي تحكم المجتمع وهي كالمرآة عاكسة لكل تطور يحصل فيه. وإنّي أرى أن السينما الغذاء الضروري للعقل من خلال أي طرحِ للمشكلات ومعالجتها، وممكن أن نقول إنَها البوابة الأولى القوية لأي رسالة حضارية ممكن أن نرسلها إلى العالم بطريقة فنية تخدم قضايا مجتمعنا الوطنية والأمثلة كثيرة على ذلك، وهي أيضاً تساهم في تحليل وتفنيد أي حدث ويطرح بطريقة فيها الكثير من الوعي لتكون أقرب قبولاٌ لدى الكثير من شرائح المجتمع ولابدَّ من العطف قليلاً وذكر بعض الأفلام التي أثرت في الرأي العام سواء المحلي والعالمي فالملاحظ في الآونة الأخيرة أنَّ بلداناً وعت لفكرة أن تسوق حضارتها وتقدم نفسها على المسرح العالمي عن طريق فنِها ودول أخرى للأسف روجت لثقافة القتل والإرهاب عبر الكثير من الأفلام التي انتشرت في مختلف المعمورة، وهذه النتيجة تعطينا كلاماً لا يقبل الشك أنَّ السينما سلاح قوي لابدَّ من توجيهه والاستفادة منه بالطريقة الإيجابية وممكن القول ولو بتجارب مازالت لا تلبي الطموح في السينما المحلية إلا أنّها قدمت أفلاماً بحسب مقدرات منتجيها لا بأس فيها.. وخلاصة القول إن السينما تلعب دوراً هاماً في نشر ثقافة الفضيلة والقيم الحميدة والأخلاق ونستطيع القول إن السينما والمجتمع خطان متوازيان يسيران معاً، فهما يشكلان العصب الحقيقي لنجاح أي مجتمع متحضر ومتطور معاصر.
مرح عروس: إن السينما السورية اليوم في تطور ملحوظ، يشهد على ذلك المركز الثقافي في اللاذقية، حيث تلقى الأفلام السينمائية التي تعرض فيه رواجاً وإقبالاً من الناس – وأنا أولهم- بسبب كفاءة الأعمال المقدمة من جهة وتعطش الناس للسينما من جهة ثانية، فهي بالمرتبة الأولى مرآة حال وأداة اقتصادية وفكرية ووسيلة ترفيهٍ محبّبة فضلاً عن كونها موجّهاً للسلوك وهذا مبدأٌ من مبادئ المحاكاة عند أرسطو. لكنْ وفي ظل كل هذا أتساءل- كشابة تعيش في اللاذقية- كيف يمكنني الإسهاب أكثر في الحديث عن دور السينما والإقبال عليها في ظل غياب هذه الدور عندنا والتي ستغص بالزوار إن وجدت!..
نور محمد حاتم