الفن التشكيلي يحتفي بعيد التحرير… الفنان إسماعيل توتنجي يرسم ملامح ذاكرة النصر

الوحدة-رنا عمران

بمناسبة عيد التحرير، يفتح الفن التشكيلي أبوابه ليعيد قراءة لحظات النصر بعين مختلفة، حيث تتحول الريشة إلى صوت واللون إلى شهادة حية تحفظ ما عجزت الكلمات عن قوله. وفي هذا الإطار، يقدم الفنان إسماعيل توتنجي، مركز بيكاسو للفنون التشكيلية، رؤية فنية تستعيد من خلالها سوريا رحلتها الطويلة نحو الحرية، مستنداً إلى تجربة غنية تشكلت خلال سنوات الحرب وما بعدها.
يتحدث توتنجي عن الدور العميق الذي يلعبه الفن في لحظات الانتصار، مؤكداً أن الوجدان البصري للفنان يتفاعل مباشرة مع الأحداث الكبرى التي يعيشها الشعب. فعندما يشعر الإنسان بلحظة تحرر، تنعكس تلك الحالة الشعورية في اختيارات اللون والتكوين والرموز داخل اللوحة، التي تتحول بدورها إلى لغة بصرية تعبر عن الفرح والكرامة وارتفاع الرأس نحو ضوء جديد. فالفن بالنسبة له ليس مجرد ألوان تُسكب على سطح، بل حامل للمعاني والدلالات العميقة التي تجسد انتصار الروح.
ويشير توتنجي إلى أن التجربة الطويلة لمركز بيكاسو خلال سنوات الحرب وحتى ما بعد التحرير ساهمت في ترسيخ أسلوب فني خاص بات شاهداً على ذاكرة السوريين الجماعية. فالمركز، كما يقول، لعب دوراً في تخليد المشاعر الوطنية عبر اللوحات، وفي صياغة هوية بصرية تُعبر عن رحلة السوريين عبر تلك السنوات الصعبة وصولاً إلى لحظة التحرير، ويؤكد أن الفن كان ولا يزال وسيلة لا يمكن للكلمات وحدها أن تقوم مقامها.
وحول مسؤولية الفنان تجاه وطنه، يوضح توتنجي أن واجبه الأول هو نقل وتوثيق ما يراه من أحداث ووقائع كما هي، بصدق وشفافية، مع الحفاظ على الأسلوب الفني القادر على الوصول إلى عقل المتلقي وقلبه معاً. ويكشف أن هناك مشاريع وأعمال فنية يستعد لإطلاقها في هذه المناسبة، لتكون بمثابة أرشيف بصري يوثق ما عاشه السوريون ويخلد اللحظات المفصلية في ذاكرة الوطن.
ولا يخفي الفنان تأثير سنوات الحرب في صياغة أسلوبه الجمالي والتعبيري، فالمعاناة، كما يصفها، لا تمر مروراً عابراً على الفنان، بل تعيد تشكيل رؤيته الإنسانية والجمالية. ومن رحم الألم يولد الإبداع، لذلك تحولت العديد من لوحاته إلى صرخات ضد الظلم وإلى محاولات شجاعة لتجسيد الحقيقة بعمق أكبر وجرأة أعلى.
ويرى توتنجي أن الفن عبر التاريخ كان لغة مقاومة وجسراً للتواصل بين الأجيال، تماماً كما فعلت الحضارات التي تعاقبت على أرض سوريا وخلفت آثارها ورموزها لتروي قصص الشعوب. واليوم، يواصل الفن الرسالة نفسها، فيحمل ذاكرة شعب قدّم التضحيات والشهداء، وينقلها إلى الجيل الجديد الذي وُلد على الحرية ليظل الماضي حاضراً في وجدانه.
أما عن دور مركز بيكاسو اليوم، فيؤكد توتنجي أنه يضع دعمه الكامل للمواهب الشابة، عبر توفير المواد والأدوات وورشات الرسم والمعارض، ليتيح لهم فرصة التعبير بحرية عن مشاعرهم الوطنية وتطلعاتهم. فالمركز، كما يقول، ليس فقط مكاناً لتعليم الرسم، بل فضاء يساهم في تشكيل وعي فني قادر على ملامسة قضايا الوطن الكبرى.
ويختم الفنان إسماعيل توتنجي حديثه بالتأكيد على أن الفن التشكيلي قادر على أن يكون شهادة تاريخية بصرية تُخلد تضحيات الشعب السوري وتحولاته نحو مستقبل أكثر استقراراً. فريشة الفنان، برأيه، ستبقى دائماً شاهدة على طريق النصر، وعلى سوريا التي تنبت من دماء شهدائها وتشق طريقها نحو غد أكثر إشراقاً وكرامة.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار