القمامــــــــــة.. نقطــــــة عـــــلّام في هـــــذا المكــــان

العدد: 9428

الأربعاء:18-9-2019

طلب عاشق من حبيبته أن تلاقيه عند حديقة وسط المدينة، سألته: أية حديقة؟

قال: بجانب المتحف، قالت: أي متحف؟ قال: عند مدرسة للأطفال, قرب المركز الإذاعي والتلفزيوني, عند مكتب الطيران السوري.
لم تعرف الصبية كل الأماكن, لكن حين أضاف: بجانب حاويات القمامة التي تنشر روائح قاتلة، عرفت وقالت وهي تضحك: دقائق وأكون عندك.
ليست نكتة ولا حكاية وهمية أو خيال، هو واقع يعرفه كل مار في المكان حيث يضطر للهرولة, وإغلاق أنفه ما استطاع ريثما يعبر.
طبعاً، العاشقان يجلسان في المنتزه الشعبي الملاصق يشربان القهوة والأركيلة التي تطغي برائحتها, ويفرحان..
على الرصيف المقابل هناك بائع ينشر بضاعته فوق جدار متهالك تحت ظل شجرة وارفة ويجلس كل النهار بانتظار زبون فقير يبحث عن مواد بسيطة بسعر بسيط، حين تسأله عن سر الصمود في هذا المكان, وتضيف هل فقدت حاسة الشم أم أدمنتها؟
يجيب أنه تعود وهو يبحث عن ظل لشجرة نسيتها يد ومقص التقليم، ويقول أنه وبعد مطالبة من إدارة المدرسة في المكان وكل الجهات الرسمية هنا، تم رفع الحاويات لكن من تعود أن يرمي أوساخه في المكان بات يرميها على الرصيف وانتشرت القمامة بشكل رهيب مما اضطر البلدية لإعادة الحاويات خاصة وأنه يوجد باعة سمك وفراريج وهم الذين يعتمدون على الحاويات لرمي نفاياتهم فيها وحسب رأيه فإنهم السبب الأقوى في هذه القاذورات والروائح القاتلة خاصة في أيام الحر الشديد وتحت الشمس القوية، لم يعتد المواطن منهم جمع نفايات محله في كيس مغلق ورميها عند مرور سيارة القمامة الخاصة.
يقول رجل مرّ مسرعاً في المكان: المشكلة فينا، نحن شعب نبصق في الصحن الذي نأكل منه، نرمي أوساخنا في البحر الذي نسبح فيه، وفي الشوارع تحت نوافذ بيوتنا غير عابئين ولا مكترثين وننتظر عامل النظافة ليجمع ما ننشر من أوساخنا ثم ننام, ونحلم ببيئة نظيفة ونحكي…
على شاطئ البحر بجانب مدرسة أيضاً, ومقاهٍ شعبية, وغير شعبية تمّ إعلان الفرح عبر تنفيذ نشاط فني بالرسم على جدار حضر الاحتفال عدد من المسؤولين, وتمّ نقل الفعالية على التلفاز، وكان الفرح لتجميل جدار بألوان وعبارات, بجانب حاويات لم تأخذها كاميرا المصور، ثلاث حاويات ممتلئة في كل الأيام وروائح…
النظافة من الإيمان هكذا تعلمنا في مدارسنا ونسينا، لذلك يضع أصحاب هذا الشأن الحاويات بجانب المدارس ليتعلموا أكثر وعلى أرض الواقع، هو تلوث يطال مدينة البحر والجبل, ويزيد من نسبة مرض السرطان – حسب دراسة طبية – ويؤدي إلى خراب وتشويه بصري صحي في مدينة السياحة الموعودة، فإلى متى؟

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار