رقــم العــدد 9427
الثلاثاء 17 أيلــــــول 2019
الحوض العائم في الشركة العامة لمرفأ اللاذقية يعود ليتصدر الواجهة من خلال مشروع إعادة تأهيله الذي حقق وفراً مالياً كبيراً، ناهيك عن بث الحياة في شريان هذا الحوض الذي طاله الجفاف، وجرى الحديث عن استثمارات بديلة في أغراض سياحية وتسويقية بعيدة كل البعد عن الغاية التي خصص لها.
وليس غريباً أن تكون الشركة التي نفذت مشروع إعادة تأهيل الحوض العائم تحمل اسم (سما الفينيق) ومعلوم للجميع أن مرفأ اللاذقية الذي تعود بداياته إلى ما يزيد عن (25) قرناً قد بناه الفينيقيون، وقد أنجزت شركة (سما الفينيق) التي تعتبر إمداداً لشركة أو مؤسسة (سما التجارية) التي أنشئت عام 2010 والمتخصصة بتشغيل الآليات الثقيلة، وهي التي تعمل على تشغيل آليات المرفأ، وتحديداً معدات تناول الحاويات، أولها شركة (سما الفينيق) التي أشهرت عام 2017 تصب جلّ اهتمامها في أعمال التعهدات بمختلف أنواعها: بناء, إكساء, تزفيت طرقات وغيرها، وقد تميزت أعمالها باللمسة الفنية التخصصية التي أهلتها للفوز بعقد تأهيل الحوض العائم في مرفأ اللاذقية، وقد تمّ تنفيذه بكل احترافية وفنية عالية، وخلال المدة العقدية حيث تم البدء بالعمل بتاريخ 1/11/2018 وانتهت الأعمال بتاريخ 1/9/2019 وهنا لابد من العودة إلى الوراء قليلاً في تاريخ الحوض العائم في مرفأ اللاذقية حيث اعتبرته إحدى الشركات الروسية في عام 2007 قيد التنسيق, في حين رأت إحدى الشركات الكورية أن الصيانة التي نفذتها ستكون آخر صيانة له, ولعل السبب وراء هذه النظرة السوداء لأعمال أو إمكانية إجراء صيانة للحوض العائم هي التركيبة الهندسية والفيزيائية لجسم الحوض، وتحديداً أماكن الفصل ما بين الأجزاء الخمسة أو الكتل الخمسة, وفي آخر محاولة لإصلاح الحوض وصيانته تم اقتراح قطر الحوض بحراً إلى ميناء الاسكندرية لإجراء الصيانة اللازمة له، ولاشك أن تنفيذ هذا المقترح يترتب عليه إنفاق ملايين الدولارات, وفي العام الماضي أجرى فريق شركة (سما الفينيق) كشفاً ودراسة شاملة ودقيقة للحوض العائم، وأنجز دراسة اتزان الأجزاء والهيكل والقواطع والمضخات، وبدأ أعمال الصيانة متحدياً الآراء والمقترحات السابقة، مؤمناً بوطنية المهمة، كونها تدخل في صلب عملية إعادة الإعمار، وقد أكد المهندس أسعد إبراهيم من شركة (سما الفينيق) أن العمل تمّ تنفيذه ضمن روح الفريق وفق أسس علمية دقيقة، خصوصاً وأن مبدأ العمل يتطلب حرفية عالية، كون الحوض عبارة عن منشأة ضخمة تتألف من خمسة أقسام طافية على سطح البحر، أي أن الفكرة أساساً تعتمد على خاصية الطوفان، وفق مبدأ أو نظرية أرخميدس وثمة جداران، واحد على اليمين والثاني على اليسار، وعند دخول أي زورق بهدف تحويطه يتم ملء الخزانات بالماء ليغرق أو يغمر بشكل كامل في المياه على عمق 6-7 أمتار، وهكذا تتحول المنشأة إلى جزء مغمور وعندما يتموضع الزورق على كراسي التثبيت من خلال فريق عمل متخصص ووفق عملية حسابية دقيقة يصار إلى تفريغ الماء ليتم إجراء أعمال الصيانة اللازمة للزورق أو السفينة, وقد لفت المهندس محمد المنصور إلى الدعم الكبير الذي قدمه قائد القوى البحرية والتسهيلات الكاملة التي كان لها الأثر الإيجابي الكبير في إنجاز هذا العمل الوطني الذي حقق وفراً مالياً كبيراً من القطع الأجنبي، وعاد الحوض إلى العمل، وتمنى في الوقت ذاته على إدارة شركة مرفأ اللاذقية التوجه إلى استثمار الحوض تجارياً من خلال إجراء الصيانة اللازمة لأي باخرة أو سفينة تجارية أو سياحية في هذا الحوض, حيث أنها في الوقت الحالي تنفذ في موانئ البلدان المجاورة وبالقطع الأجنبي، لافتاً إلى الريعية الاقتصادية التي يمكن أن يحققها هكذا عمل، خصوصاً وأنه تتوفر الخبرات والأيدي العاملة الفنية المدربة والكفوءة لإنجاز العمل المطلوب وضمن المواصفات العالمية, يكفي أن نشير إلى أن مشروع إعادة تأهيل الحوض العائم قد تم تنفيذه بالكامل بأيدٍ وخبرات وطنية وقد تضمنت أعمال الصيانة تأهيل وتدعيم الجزء الغاطس من الحوض بالكامل لقطاعاته الخمسة وخزاناتها إضافة إلى صيانة وإصلاح كافة أجزاء الحوض العائم الإنشائية والكهربائية والميكانيكية والخدمية.
هلال لالا