العدد: 9427
الثلاثاء:17-9-2019
الطرق والشوارع من المعالم الحضارية الدّالة على الرقي والتمدن والتي يُقاس بها تقدم الأمم والدول وتطورها، وخاصة في العصر الحالي، عصر التقدم التكنولوجي الذي يشهد الكثير من التحولات وأهمها السرعة في كل المجالات حتى طالت الإنسان وحياته وحاجاته.
الطريق عصب النقل الذي يمثّل عصب الاقتصاد يربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك، والمواصلات من أهم المؤشرات على درجة التنمية ونمو الدخل الوطني والناتج القومي، والطرق القديمة الضيقة والشوارع المزدحمة المكتظة التي تختنق بالسيارات وتؤخر وصول الناس إلى أعمالهم وقضاء حاجاتهم ولا توصل إلى المستقبل والتقدم والبناء والإعمار المنشود.
تساهم الطرق في تطوير البنية الاجتماعية والجغرافية والعمرانية والسياحية من خلال حركة التواصل والتنقل الدائم وتأمين انتقال الركاب من الريف إلى المدينة وبالعكس وانسياب البضائع ونقل العمّال والركاب إلى مناطق الإنتاج والتصنيع والاستثمار والمساهمة بتخفيض الكلفة للمنتج النهائي، حيث تعتبر أجور النقل من أهم العناصر المؤثرة فيها، حيث تُضاف إلى سعر المنتج النهائي ويجري تحميلها عبئاً جديداً على المواطن والمستهلك.
قبل الحرب الإرهابية المجنونة على سورية كانت شبكة الطرق العامة والدولية التي تربط المحافظات ببعضها ومع الدول المجاورة من أفضل شبكات الطرق في المنطقة، والآن بفعل الإرهاب صارت تنوء بالكثير من المنغصات، وعاد أغلبها بدائية وضيقة وتكاد لا تصلح للسير سوى باتجاه واحد، وافتقادها لمقومات السلامة الطرقية وغياب حواجز الأمان المعدنية الجانبية والمنصّفات، وتَعَرُّض الكثير من شاخصات الدلالة والتحذير للعبث والسرقة، وكثرة الحفر والريكارات المفتوحة والمسروقة الغطاء في الأغلب، ووجود الفتحات العشوائية بين الاتجاهين ما يتسبب بالحوادث والخسائر بالأرواح والماديات.
الواقع الحالي للطرق في القرى والبلدات والمدن لا يبشر بالخير، حيث يجري شقّ الطرق وتركها دون تعبيد لفترة طويلة تحت رحمة غبار الصيف وطين الشتاء ما ينتج عنه تخريب الآليات العامة والخاصة إضافة إلى سوء تنفيذ التعبيد ورداءة الترميم وانخفاض معايير الجودة إلى الحدود الدنيا عبر الغش في الصفقات والمواصفات ونوعية الزفت والمجبول الزفتي السيئة، ناهيك عن الاعتداء على الملك العام من قبل تجار البناء والاعتداء على الوجائب والأرصفة والشوارع والطرق وإقامة المطبات والحواجز المخالفة في المدن والقرى ما يعتبر مخالفة قانونية تستوجب المساءلة والعقوبة، ما يؤدي إلى إعاقة حركة المرور وكثرة الاختناقات والممرات الإجبارية التي لا تتسع أحياناً إلا لسيارة واحدة، وتضييع وقت الناس هدراً والاستهلاك الكبير للمحروقات دون جدوى وزيادة نسبة تلوث الهواء في المدن.
الطرق والنقل مشكلة مؤرقة متشعبة وليست عابرة أو طارئة، لا تحتمل التجاهل والتأجيل ووضع الحلول الناجعة لها خاصة وأنه كان من أهداف الحرب المجرمة تقطيع أوصال البلاد وتدمير شبكة الطرق البرية والحديدية وقطع الملاحية والجوية.. لذلك يتوجب علينا تحسين وضع الطرق وجعلها آمنة ومعالجة الأخطاء والهفوات السابقة للسير بخطوات حثيثة في ركب التقدّم والبناء والإعمار لتطوير البلاد وحماية العباد.
نعمان ابراهيم حميشة