الصـــــــداقة الصادقــــــة

العـــــدد 9426

الإثنـــــين 16 أيلــــول 2019

الصداقة عاطفة سامية، في اتخاذها لذة روحية، وهي غزيرة الفائدة، وقد تنشأ إما لمنفعة، وإما للذة، وإما أن تكون للفضيلة، فصداقة المنفعة، عندما يحب الإنسان شخصاً آخر لما يناله منه من منافع، وقد تستمر هذه الصداقة ما دامت المنافع جارية بينهما، وصداقة اللذة هي المحبة التي تثيرها الشهوة، وقد تشتد فتسمى عشقاً، وهذا النوع من الصداقة تتقطع أواصره عندما تنصرف النفس عن اللذة التي بعثتها.
وصداقة الفضيلة هي المحبة التي يكون باعثها اعتقاد كل من الشخصين أن صاحبه على جانب من كمال النفس، وهي الخصلة الشريفة تنبعث في النفس مجرد اعتقاد أن الطرف الآخر يتحلى بخُلق كريم، وتسمى الصداقة الصادقة.
والصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذّبت أخلاقها، فالمتكبر تُنْزِلُ به الصداقة إلى حد التواضع لأصدقائه، وسريع الغضب أيضاً تضع الصداقة في نفسه شيئاً من كظم الغيظ، ويجلس بين أصدقائه في حلم وأناة، وقد يعتاد على التواضع والحلم، فيصير متواضعاً حليماً، فصديق الفضيلة هو الذي يجد في لقاء صديقه ارتياحاً وابتهاجاً، ويعدّ الوقت الذي يقضيه في الإنس به من أطيب الأوقات التي لا تسمح بها الأيام إلا قليلاً، ثم أن الصداقة الصادقة تستدعي بطبيعتها جلب المنفعة أو دفع الضرر، فإنها تبعث الصديق على أن يدفع الأذى عن صديقه بما عنده من قوة، ويسعده في الشدائد بما أوتي من جاه أو سطوة.
ومن علامات الصادقة الخالصة كأن يدافع عنك صديقك وأنت غائب عنه وأن يحفظ لك مودتك عند احتياجك إليه، ولو كنتما بعيدان أو متباعدين.
وقد لا تنعقد الصداقة بين شخصين إلا أن يكون بين روحيهما تقارب، وفي آدابهما تشابه، لذلك ينبغي أن يتخير الإنسان لصداقته الفضلاء من بني البشر فهؤلاء هم الذين تجد الصداقة فيهم قلوباً طيبة فتنبت نباتاً حسناً.
لذلك عندما تجد صحبة بين بخيل وكريم، أو جبان وشجاع، أو غبي وذكي، أعلم أنك لن تجدها صداقة بالغة.
وكثيراً ما يقاس الرجل بأصدقائه وصداقاته (قل لي من تصادق، أقول لك مَن أنت) وللشعوب أيضاً صداقاتها، ولا غنى عنها فهي صلة الوصل بينهم.

حسن علان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار