786 ألــــف طـــن إنتـــاج المحافظـــة منهـــا.. الحمضيات.. وجع مزمن لا زال ينتظر العلاج

العدد: 9422

الثلاثاء:10-9-2019

المشكلة في الساحل وحلّها في دمشق!

مزارعون: لا أحد يرانا أو يشعر بتعبنا

اتحاد الفلاحين: أفكار جديدة للتسويق

أضحى تسويق موسم الحمضيات مرضاً مستعصياً على العلاج، وفي كل عام تزداد حالته سوءاً عن سابقه، على الرغم من أن الأعراض ذاتها، والوجع منها يتزايد في منطقة الساحل السوري المنتج الأهم لهذه المادة، والذي يبقى قرار حل مشكلته في دمشق، وكيف لمسؤول جالس على كرسيه في دمشق أن يعرف ما هو حلّ مشكلة الحمضيات، وهو الذي لا يعرف تفاصيل أمورها، بل حتى التفريق بين أنواعها، ولا نأخذ منه سوى الكلام والتواقيع على ورق بدون فائدة.
مشاكل الحمضيات تبقي أوجاع المزارعين الذين لجأ البعض منهم إلى قلع أشجار الحمضيات، والاعتماد على زراعة الباذنجان والدخان وغيرها من أنواع الزراعات أسئلة بحاجة لإجابة، فهل هذه الحلول ترضي من بيدهم القرار؟
كل شيء ضد مزارع الحمضيات، فهو يحاول أن يتفاءل مع بداية كل موسم رغم الكلفة الباهظة التي يدفعها للوصول بمحصوله إلى هذا المستوى، منتظراً الفرج وعدم ذهاب تعبه هباء منثوراً، ليجد حالته تزداد سوءاً نتيجة لعدم انطباق حسابات الحقل مع ما جناه على البيدر.
عدد من المزارعين الذين التقيناهم لمسنا في حديثهم شجناً وألماً من الواقع المرير الذي يعانون منه في تسويق محاصيلهم.
وعود وحسب
المزارع عبد الرحمن إبراهيم: كل عام لا نأخذ غير الوعود، اجتماعات وقرارات كلها خلبية، كلام بلا أفعال، وتعبنا وتعب أولادنا يذهب في مهب الريح، لا أحد يسمع معاناتنا على مدى أعوام طويلة، والشيء الوحيد الذي يتغير هو ارتفاع سعر التكلفة، فكل شيء سعره جنوني، حراثة الأرض، الأسمدة، واليد العاملة، وفي آخر المطاف معظم المحصول نتركه على الشجرة بسبب الانخفاض في سعر المبيع الذي لا يفي بربع كلفة إنتاجه، ليبقى في النهاية التاجر هو المستفيد الوحيد، ارحمونا يا ناس لا تزيدوا في آلامنا، نريد حلولاً فعلية لمواسمنا.
المزارع توفيق محمد: ماذا أقول؟ وجعنا كبير، ولا أعلم ما نهاية ذلك، هل أفعل مثل آلاف المزارعين الذين قلعوا أشجار الحمضيات، واتجهوا إلى زراعة الدخان والخضار، هل فعلاً أصبح موسم الحمضيات هماً كبيراً ولا يمكن إيجاد حلاً لتسويقه، علماً بأن الحلول جاهزة لتسويق أي محصول إلا محصول الحمضيات التي تبقى مشاكل تسويقها دون حل ومتكررة في كل عام.
هل يعقل أن تتخذ الإجراءات والتدابير لتسويقه أم يجب أن تكون جاهزة قبل بداية الموسم، ما ذنبنا، ألا يكفينا ما نعاني من غلاء في تكاليف الإنتاج الذي طال سعر الأدوية الزراعية، اليد العاملة، أجور نقل بالإضافة إلى نسبة العمولة المرتفعة عند عملية البيع في سوق الهال.
المزارع خليل أحمد: حقنا كمزارعي حمضيات مأكول، وكل عام نفس الموال يتكرر، ولا نرى أي طرح لمعالجة هذه المشكلة، حيث أصبحت شماعة فتح المعابر الحدودية على لسان كل مسؤول، هل عجزوا فعلاً عن اتخاذ أي إجراء يحل ولو بجزء بسيط هذه المسألة، أين هي الوعود التي أكل عليها الزمان من بناء معمل للعصائر في اللاذقية، أو إلزام المعامل الموجودة بأخذ قسم من محاصيلنا، أين التسهيلات لعبور الشاحنات المحملة بالحمضيات إلى المحافظات؟
أصبحنا نحن مزارعي الحمضيات، نحن الفقراء، وتجوز علينا الحسنة، لا نصل بالموسم إلى نهايته حتى نكون دفعنا كل ما لدينا من مال، بالإضافة إلى الديون المترتبة علينا من جراء ذلك، أسمدة كيماوية أسعارها خيالية، أدوية طبيعية وفي نهاية المطاف نصل إلى الفرق الهائل بين سعر التكلفة وما نحصل عليه من سعر الإنتاج.
المزارع كامل الصباغ: زرعنا هذه الأشجار وتعبنا عليها وربيناها كولد من أولادنا لسنوات، ونحن ننتظر أن نجني ثمارها بعد ما دفعنا عليها دم قلبنا، وكلنا أمل أن نعوض بالأسعار المناسبة، لماذا كل شيء ضدنا، سوء في تصريف منتجاتنا، وأسعار مرتفعة لمستلزمات إنتاجنا التي أضحت فوق طاقتنا من حراثة أرض، يد عاملة، عبوات بلاستيكية، أجور نقل، كمسيون في السوق، لماذا أي نوع من الزراعات أو المواسم تأخذ حقها إلا الحمضيات، أين الوعود والكلام الذي يصدح على شاشات التلفزيون، ويملأ الأوراق والجرائد لحل هذه المشكلة وبشكل جذري والله تعبنا؟
المزارع ياسر سليمان: أنا وجعي كآلاف المزارعين، ولن أزيد عليهم، أو أٌقول ما تحدثوا عنه، مشكلة واضحة وساطعة كالشمس، ولا يختلف على ذلك أحد.
عندي مطلب واحد باسمي وباسم مزارعي الحمضيات في الساحل السوري أن يتم اعتبار محصول الحمضيات محصولاً استراتيجياً.

معالجة بالاجتماعات
ولكي نكون على معرفة استعدادات مديرية الزراعة لهذا الموسم قمنا بزيارة إلى دائرة التأهيل والتدريب النباتي، والتقينا رئيس الدائرة المهندس نواف شحادة فقال: عقد اجتماع ضم جميع الفعاليات، وتفادياً لما حدث في السنوات الماضية، وحتى نضع الحلول، ونعمل على حلها عكس الماضي، وتجاوزاً لأي عقبة تعترض سير تسويق موسم الحمضيات بشكل جيد هذا العام، الفعاليات التي حضرت مدير مديرية الزراعة، رئيس اتحاد الفلاحين، المكتب التنفيذي المختص باللاذقية، السورية للتجارة، ومديرة الشؤون الفنية باللاذقية، ناقشنا جميع الصعوبات التي عانينا منها في السنوات الماضية، ووضعنا لها حلولاً، منها ما يمكن حله هنا في المحافظة، هناك مقترحات وحلها يكون عن طريق الوزارة ولا سيما في مجال التسويق الخارجي،
وهذه المقترحات هي الاستمرار بدعم الحمضيات المصدرة كما في العام الماضي، ودعم مراكز الفرز والتوضيب العاملة بالتصدير، وتسهيل الحصول على المحروقات المدعومة، بالإضافة إلى التأكيد على الكشف على البرادات، وترخيصها ضمن مراكز الفرز والتوضيب من خلال لجان مشتركة من الجمارك والزراعة، وبحضور مندوبي الجهات الأمنية، والإيعاز للحواجز بعدم فتحها، والمشاركة بالمعارض الخارجية، والترويج للمنتج السوري من الحمضيات كغيره من المحاصيل، وأن تقوم الجهات المسؤولة عن ذلك باتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لإنقاذ موسم الحمضيات لتسويقه قبل ضياعه وعدم انتظارهم لنهاية الموسم.
رأي فلاحي
رئيس اتحاد الفلاحين المهندس حكمت صقر قال: عقد اجتماع بتاريخ 22-8-2019 بحضور عدة جهات معنية بمناقشة واقع موسم الحمضيات، والذي يبلغ إنتاجه المقدر لهذا الموسم (786898) طناً، وبعد مناقشة الصعوبات التي واجهت سير عملية تسويق الحمضيات خلال الموسم الماضي قدمت اقتراحات عديدة لتسويقه هذا العام، على صعيد التسويق المحلي تكليف المؤسسة السورية للتجارة بنقل مادة الحمضيات إلى مختلف المحافظات السورية إن كان لفروع المؤسسة أو للقطاع الخاص وبسعر التكلفة للتخفيف من كلف النقل على الإخوة المزارعين، بالإضافة لإجراء مقايضة بين إعادة سعر العبوة للمزارع أو تخفيض عمولة سوق الهال إلى 2.5% وإصدار قرار من قبل مجلس المحافظة بتخفيض أجور القبانات في أسواق الهال، وعدم تكرار تحصيل الأجور عند كل وزنة في حال السيارة المحملة بأكثر من صنف، والاستمرار بتجربة العام الماضي من حيث تأمين محروقات الشاحنات الناقلة للحمضيات إضافة إلى تسهيل مرورها.
وأيضاً من المقترحات الحدّ من استيراد المواد الزراعية المنافسة للحمضيات مثل الموز خلال موسم تسويق الحمضيات، والطلب من رئاسة الحكومة حث وزارتي الدفاع والصحة من أجل شراء حاجاتهم من الحمضيات من الجمعيات الفلاحية مباشرة ومن الاقتراحات أيضاً تشجيع القطاع العام والخاص لإنشاء معامل العصائر وتشجيع إنشاء مراكز الفرز والتوضيب، وهناك عدة أفكار نأمل أن نتمكن من تطبيقها وتحقيق أكبر فائدة مرجوة بالنسبة للمزارع.
أما بالنسبة لإنشاء معمل للعبوات البلاستيكية الذي كان مقرراً إنشاؤه في قرية سيانو بريف جبلة فقد تمّ نقله إلى قرية ست خيرس في ريف اللاذقية حيث يقوم الاتحاد حالياً بتجهيز الأوراق اللازمة له.
لنا كلمة
معاناة عمرها سنين طويلة وفي زيادة، نتمنى لهذه الحلول التي وضعت قبل بداية الموسم، وأن تأخذ طريقها للتنفيذ، وتقديم المساعدة لمزارعي الحمضيات أسوة بغيره من المحاصيل الزراعية، وباسمنا واسم مزارعي الحمضيات نطالب بإحداث مؤسسة عامة للحمضيات تكون معنية بالمحصول إنتاجاً وتسويقاً وتصنيفاً وذلك أسوة بمؤسسة التبغ وذلك بغية متابعة هذا المحصول وحل أزمات تسويقه المتكررة في كل عام والتي ملّ الفلاح من وعود حلها التي لم نجد لها تنفيذاً على أرض الواقع وهو الأمر الذي أدخل فلاح الساحل في خسارات متلاحقة في محصول يعد المصدر الأساسي لرزق شريحة واسعة من أبناء ساحلنا سؤال نتركه في ذمة أولي الأمر والتدبير، وعلّ هذا العام يشهد كسر القاعدة والانتقال من الأقوال إلى الأفعال حلاً لهذه المشكلة التي باتت مستعصية على الحلّ.

غانه عجيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار