الوحدة – يمامة ابراهيم
في طقوس محببة بدأت مئات الأسر موسم قطاف الزيتون في أرياف الساحل مع قناعتهم أن الثمار لم تنضج بعد لكن كما يبدو الجميع في عجلة من أمره لحسابات خاصة، البعض بدافع الحاجة بعد أن نفدت مؤونة الزيت لديه، والبعض الآخر خوفاً من السرقة ولصوص الليالي.
جميلة طقوس القطاف، حيث لمة الأسرة واجتماعها وأهزوجات القطاف وتوزيع الأدوار والمهام بانتظام، ورضى الجميع بما أوكل إليهم لإنجاز العمل الذي لا يخلو من تنافس لجمع أكبر كمية من الثمار في اليوم الواحد.
وما يميز موسم القطاف أيضاً مشاركة الجميع الكبار والصغار ومن الجنسين إضافة إلى الجيران، الكل ينتظر الموسم والبعض يجد فيه فرصة، حيث مئات الأيدي العاملة تنتظر من يستثمرها، ليأتي دور المعاصر التي استنفرت منذ أيام بعد أن استكمل أصحابها تجهيزاتهم الفنية، واستحضروا الأيدي العاملة والفنية.
إذاً الموسم يكسر حالة الركود في سوق العمل ويحركه بما يعود بالفائدة على الجميع، وليس لأصحاب الكروم أو المعاصر فقط، فهناك عائلات تنتظر من يستثمر جهدها مقابل أجر أو حصة من المحصول، وغالباً ماتتابع عملها في التقاط ثمار منسية بعد القطاف إضافة لجمع العرجون الذي غالباً مايستخدم لصناعة صابون الزيت.
طبعاً المشاركون كثر، ولذلك الموسم فعلاً يحرّك سوق العمل، فبعد القطاف يأتي التقليم، ولهذا النشاط طقوسه وقواعده وأصوله الفنية التي يعرفها جيداً من يعمل بهذه المهنة، والتي تقوم أصلاً على إزالة الصاعد والناكس والمتقاطع من الأغصان وتسمع الأغصان نفسها تردد: أبعد أختي عني، وخذ حباتها مني في إشارة إلى ضرورة تهوية الشجرة وتهيأتها لموسم قطاف جديد.
الشجرة مباركة وطقس قطافها جميل، وإن كنا قد أظهرنا الوجه الحسن، ففي ثنايا الموسم الكثير الكثير من المتاعب والمنغصات للمنتجين، ويكفي أن نشير إلى أن كمية كبيرة من موسم العام الفائت لازالت بعيدة عن التسويق، وقد تراجعت مواصفاتها وزادت نسبة الحموضة فيها ما ألحق خسائر كبيرة بالمنتجين والتجار، فكيف ونحن أمام موسم جديد سيضاعف الكميات المنتجة ويضاعف الخسائر إذا لم تبادر الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات إنقاذية عبر فتح أسواق خارجية ولنا متابعة أخرى للموضوع.