القرداحة مثالاً .. حتى في الريف أجورات السكن نار!

العدد: 9414

الأربعاء: 28-8-2019

قيل في السابق إن المستحيلات ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي، وأضيف لها مستحيل رابع على زماننا هو امتلاك منزل خاص أو محل صغير يتم العمل فيه لتحسين الوضع المعيشي ولذلك كان لابد من اللجوء إلى الاستئجار، والقرداحة مثل كل المدن السورية لجأت إليها العديد من الأسر السورية خلال الأزمة، كذلك عاد أغلب أبنائها من بقية المدن السورية التي اشتعلت الحروب فيها، بالإضافة إلى هجرة العديد من أبناء الريف لقراهم إلى المدينة لتحسين مستوى دخلهم من خلال العمل التجاري أو لتأمين مستوى تعليمي وعملي أفضل لأبنائهم ولذلك ازدهرت عملية الاستئجار في المدينة خلال السنوات القليلة السابقة.
وللاطلاع على هذا الواقع, وهل تكاليف الأجورات مناسبة أو مرتفعة للمستأجر أو تتناسب مع وضعه التقينا العديد من المواطنين وجمعنا الآراء التالية:
* السيد علي جبيلي قال: اعتمدت في البداية على المكاتب العقارية لتأمين منزل للأجار، وقد كنت مضطراً للغاية، ولكني فوجئت بأكاذيبهم المتتالية واهتمامهم الوحيد بنسبة العمولة التي سيتقاضونها، حتى أخذت بيتاً صغيراً عن طريق معارفي وهو مجرد قبو لا تتوافر فيه الشروط الصحية ولا أدنى المقومات حيث خزان الماء مهترئ، ولا يوجد فيه ضوء، ولا حنفية، وكل شيء فيه يحتاج لإعادة تأهيل، فقمت بتحسين الوضع حسب قدرتي من حيث الدهان والكهرباء والماء وحالياً أدفع 17 ألف أجراً له دون كهرباء أو ماء علماً أني موظف وراتبي 40 ألف ليرة.
* السيد مالك فاولو من محافظة حلب استقر في مدينة القرداحة سكناً وعملاً، قال لنا: على مبدأ المثل الحلبي (مطرح ما بترزق ألزق) استقريت مع عائلتي في القرداحة خاصة بعد كل الإرهاب الذي شهدته حلب حيث استأجرت بيتاً ومحلاً للألبسة الرجالية، وأضاف: بداية الأزمة كانت الأجورات طبيعية ونظامية ومرتبة، ولكن نسبة للغلاء الكبير وازدياد الطلب على المنازل للآجار، وارتفاع الأسعار الكبير للعقارات ارتفعت الأجورات، وأجد إنه من الطبيعي إن البيت الذي سعره عشرة ملايين أن يتم تأجيره بـ 25 ألف، كذلك المحل الذي أعمل به في الشارع الموازي للسوق الرئيسي، وقد استأجرت بيتي ومحلي بعلاقات خاصة من خلال معارفي وعلاقاتي الخاصة.
* السيد هيثم البيطار صاحب محل قال: استأجرت محلي منذ زمن طويل في السوق الرئيسي وطبعاً تتراوح أجورات المحلات فيه ما بين الـ35 ألف والـ 75 ألف ليرة سورية، ويتم التجديد بيني وبين المالك دون وجود وسيط أو مكتب عقاري، ورغم قدم تواجدي في سوق العمل إلا أن القوة الشرائية في المنطقة ضعيفة للغاية لأسباب عديدة منها إن القوة الشرائية لبعض الأرياف تتوجه لمدينتي اللاذقية أو جبلة حسب خطوط السير إليها مثل قرى كلماخو وقرى المولد والطريق القديم كذلك الجوبة وحرف المسيترة، فريفنا مشتت ولذلك القوة الشرائية في المدينة ضعيفة ولا يرتاد محلاتنا سوى ابن المدينة والسوق التجاري يزدهر بسبب ازدياد عدد السكان وتزايد الدخل والقوة الشرائية وهذه الأسباب الثلاثة غير متوفرة في المنطقة بالإضافة لعدم وجود شركات ولا دوائر دولة كبيرة ولا منشآت سياحية يؤمها السياح والزوار رغم جمالية المنطقة، فالوضع سيء بالنسبة لي وأنا قديم في السوق فكيف بمن يبدؤون حديثاً بالعمل ويعتمدون على الاستئجار في عملهم فأنهم سيتعرضون للخسارة نتيجة الأجورات المرتفعة وقلة الحركة وضعف السوق.
* السيد باسل ناصر أيضاً موظف ويعمل لتحسين وضع أسرته المعيشي وتأمين متطلباتها قال: استأجرت محلاً تجارياً صغيراً على شارع فرعي بمبلغ 35 ألف ليرة سورية عدا الماء والكهرباء ودائماً ما يطالبني المؤجر بالزيادة رغم إن الواردات ضعيفة جداً وأحياناً كثيرة لا أستفيد من عملي سوى دفع أجرة المحل وفواتير الكهرباء والماء، وأكد إن الآجارات مرتفعة ولا تتناسب مع حركة البيع التي تتم ضمن المحلات ولا مع الدخل الشخصي والرواتب الضعيفة، هذا عدا عما يدفع للبلدية من رسوم شهرية وللمالية من رسوم سنوية، فالمستأجر الذي دخل سوق العمل حديثاً يلاقي الكثير من الصعوبات ليستطيع تأسيس نفسه وتجارته وتشجيع الزبائن على ارتياد محله.
* الآنسة نداء شحادة قالت: صعوبة الحياة دفعتنا للعمل باكراً وعدم الاعتماد على الوظيفة فقمت باستئجار مكتبة منذ حوالي عشر سنوات ضمن شارع شعبي وعانيت كثيراً حتى وصلت إلى ما أنا عليه، وقد استأجرت مكتبتي في البداية بـ 7آلاف ليرة ووصل أجرها الآن إلى 20 ألف ليرة مع الماء والكهرباء، والوضع جيد ويتناسب مع مبيعاتي.
× السيدة أم عمار قالت: عدنا إلى المنطقة مع بداية الأحداث وزوجي في الجيش وعندي خمسة أولاد ولا نملك بيتاً في أي مكان مما اضطرنا للاستئجار، وغالبية الوقت نتنقل كل أشهر إلى بيت آخر. وحسب وضعنا وقدرتنا على دفع الأجر فكل البيوت التي نستأجرها أسوأ من بعضها ودائماً نعاني من التصليحات حيث لا يكاد يتحسن وضع البيت قليلاً حتى ننتقل لبيت آخر، ودائماً ما يعاملنا المؤجر بنفسية التاجر وغير مسؤول عن أي عطل حتى لو كان قديم وغالباً ما يرانا فقط إننا عبارة عن 20 ألفاً قيمة الآجار التي ستدخل جيبه.
وجاءت آراء أصحاب المكاتب العقارية موافقة لما قاله الناس، فالسيد علاء علي صاحب مكتب عقاري في القرداحة قال: متوسط آجار البيوت في المنطقة يتراوح ما بين 25و 35 ألفاً ويتحكم به القرب والبعد من المدينة ونظافة البيت ومساحته ويخضع المستأجر للكثير من الروتين في البلدية والمالية رغم إن نسبة الإيجار كسكن لا يتجاوز الـ 10% بينما ترتفع نسبة الإيجار التجاري لتصل لنحو 50% من هؤلاء الذين يعملون على تحسين أوضاعهم المعيشية علماً إنه لا توجد قوة شرائية في المنطقة فلا خط سير غريب يمر بها ولا منشآت سياحية بالإضافة إلى حرمان المنطقة من ريع الساحل مثل المرفأ والمنشآت السياحية والتي تعود ريوعها للمدن وتعمل على تحسين وضعها وتنعكس ايجاباً على المواطنين، وأكد إن الأجور غالية على أهل المنطقة حيث يستأجر الموظف الذي راتبه 35 ألفاً سكناً بـ 30 ألفاً ويضاف عليها الماء والكهرباء حتى لا يكاد يلتقط أنفاسه، أما المستأجرون فهم مضطرون لتحمل هذا الوضع وهم إما الموظفين بدوائر الدولة في القرداحة وقراهم بعيدة أو الذين يدرّسون أبناءهم في الجامعات بغية تأمين الراحة والوقت لهم، وكون استئجار السكن أوفر من أجورات المواصلات حيث المعاناة من خطوط السير هائلة في جبالنا.
أيضاً شرح لنا السيد فواز الشندي وهو صاحب مكتب عقاري عن آلية عمل المكاتب في المنطقة قائلاً: المكاتب العقارية للبيع والإيجار(صيت ع الفاضي) حيث تعقد الغالبية على العلاقات الشخصية في تأمين السكن، علماً إن المكاتب كوسيط عقاري يقدم الكثير من التسهيلات والأريحية للناس وله نسبة خلال البيع تتراوح من 1,5% إلى 5% أما بالنسبة للإيجار فيأخذ أجرة شهر من المؤجر، وأضاف الآجارات مقبولة نوعاً ما قياساً بمدينة اللاذقية التي ارتفعت وحلقت أسعار الأجورات فيها إلى فوق قدرة الغالبية من الناس حتى على أطرافها، بينما أغلى أجرة بيت في القرداحة 35 ألف ليرة ويكون مجهزاً بأحسن تجهيز، ولكن كون أكثر المستأجرين من الريف من الموظفين أو من الطلاب الذين يدرسون ليرتاحوا من عناء المواصلات وأجورها المرتفعة فيجدونها غالية وأسعارها مرتفعة.
وفي الختام التقينا السيد حبيب خلوف المعتمد المالي ورئيس أمانة الصندوق في مجلس مدينة القرداحة الذي حدثنا عن توثيق العقود بالبلدية قائلاً:
يهمنا بالدرجة الأولى المواطن وعملية الاستئجار تتم بموافقة الطرفين معاً صاحب العقار والمستأجر بشكل شخصي، فتتم كتابة العقد بموافقة الطرفين حيث العقد شريعة المتعاقدين وبناء على اتفاق الطرفين ننجز عملنا ونحن بدورنا نقوم بإرسال عقد الإيجار بكافة الأوراق المرفقة به على نسختين نسخة إلى مديرية المنطقة ونسخة لمخفر الشرطة، وبموجب كتاب من مدير المنطقة ورئيس المخفر يتم تثبيت العقد بما يحتوي بدون استثناء لأي شخص حيث إن العقد بالبلدية ضمان لحق المؤجر والمستأجر معاً، ولا يحق لأي شخص كان رؤية أي عقد إيجار باستثناء المؤجر والمستأجر فقط، ويحق لهما وبشكل شخصي أخذ صورة طبق الأصل ومصدقة عن عقد الإيجار الذي يخصهما.
أما الرسوم فقد أشار خلوف بأنها تستوفى حسب مدة الإيجار والقيمة المادية المستأجر بها هذا العقار بحيث تختلف قيمة عقد الإيجار لمدة سنة عن قيمة عقد الإيجار لمدة ستة أشهر، وإذا كان العقد تجاري تدفع الرسوم من قبل المستأجر أما إذا كان سكني تدفع من قبل المؤجر حيث تعود هذه الرسوم بالفائدة على صندوق مجلس المدينة.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار