الحرف اليدوية.. جسر يربط الماضي بالحاضر ويحفظ الهوية السورية

الوحدة – حليم قاسم
تمثل الحرف اليدوية في سورية أكثر من مجرد مهن تقليدية، فهي جسر حيٌّ يربط الماضي بالحاضر، ويعكس الهوية الثقافية والذاكرة الشعبية، في الوقت الذي تتحول فيه إلى مصدر دخل ومعيشة لآلاف الأسر، وبينما شكّلت هذه الحرف قديماً جزءاً أساسياً من الحياة اليومية، فإنها اليوم تواجه تحديات العولمة والتكنولوجيا، لكنها لا تزال قادرة على التجدد عبر دمج التقنيات الحديثة مع الأصالة.
وتزخر أغلب المدن السورية بأسواق خاصة للمهن اليدوية، تعرض منتجات تحمل بصمة الحرفي السوري وإبداعه، من النسيج والتطريز وصناعة السجاد، مروراً بالمشغولات الخشبية والفخار، وصولاً إلى صناعة الحلي والمجوهرات والمنتجات المعدنية والجلدية، كما تبرز الحرف المرتبطة بالمواد الطبيعية كالقصب وسعف النخيل، إضافة إلى الفسيفساء والزجاج الملون وصناعة الأدوات الموسيقية.
وفي لقاء خاص للوحدة مع الباحث في التراث الشعبي الشفوي اللامادي السيد نبيل عجميه، أكد أن الحرف اليدوية ليست مجرد منتجات استهلاكية، بل ذاكرة جماعية متوارثة تحفظ هوية المكان والإنسان، مشيراً إلى أنها تمثل مدرسة في الصبر والإبداع، وأن الحفاظ عليها مسؤولية مجتمعية ووطنية.
ولا تقتصر هذه الصناعات على المدن فحسب، بل تمتد إلى الريف السوري حيث توارثت الأجيال المهنة أباً عن جد، ففي قرية القصيبة بريف الدالية مثلاً، ما تزال صناعة السلال وأطباق القش والأواني الفخارية حاضرة في بيوت الأهالي، الذين ما زالوا يحافظون على طابعها التقليدي ويورثونها للأبناء، ويقول الحرفي أبو عاصم معلا، الذي استقبلنا في منزله إنه ورث المهنة عن أبيه وجده، مؤكداً أن هذه الصناعات كانت ولا تزال جزءاً أساسياً من الحياة اليومية، ولاسيما في مواسم الكروم، فيما يجلس إلى جواره ابنه الصغير ليتعلم أسرار المهنة ويواصل المشوار.
وختاماً تظل الحرف اليدوية السورية عنواناً للجمال والإبداع، ورمزاً للأصالة والهوية الثقافية، رغم التحديات التي تواجهها، لتثبت أن الماضي لا يزال حياً في تفاصيل الحاضر.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار