الوحدة – مهى الشريقي
وصلت الأغنية السورية في حقبة من الزمن لمراتب عربية وعالمية، وحققت صيتاً لا يمحى من سجلات الفن وذاكرته، ونشر السوريون إبداعهم في أصقاع العالم، حيث كان للأغنية السورية عمالقتها في كلام الشعراء واللحن والأداء، وقد صدّر السوريون الفن إلى أرجاء الوطن العربي.
فماذا يوجد في ذاكرة الأغنية السورية اليوم، وما واقعها؟
حديث شيق وإجابات عن تساؤلاتنا، في لقاء مع أ. زياد عجان، ابن اللاذقية، الباحث والمؤلف الموسيقي على مدى أكثر من ستة عقود، صاحب ال160 قصيدة فصحى ملحنة، و200 أغنية زجلية لشعراء سوريين، وأيضاً صاحب 900 معزوفة موسيقية، ألفها كإرث موسيقي إنساني سوري.
ماذا تحتفظ في ذاكرتك لذكريات الأغنية السورية؟
تعدّ فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين العصر الذهبي للأغنية السورية، ومن كبار الملحنين نجيب السراج الذي كان له معهد موسيقي باسمه في حماة، والملحن محمد عبد الكريم ملك البزق ملحن الذي لحن خفة دمك وسمارك، وسمّي معهد باسمه في حمص، أيضاً من كبار الملحنين السوريين زكي محمد، ومحمد محسن والأخير كان ملحناً على مستوى الوطن العربي، وتوفي عام 2007، حيث لحّن لعمالقة الفن، كالفنانة نور الهدى، وسعاد محمد، ونصري شمس الدين، ووديع الصافي، وفيروز، ووردة الجزائرية، ومحرّم فؤاد، ومحمد عبده، وطلال المداح، وفهد بلان، أما من ناحية الكلمة والقصيدة للأغنية السورية فقد كانت عالية المستوى.
ابدأناها بشاعرنا الكبير بدوي الجبل إلى كمال فوزي الشرابي، والشامي صاحب قصائد الفصحى، ولاننسى مصطفى هلال الذي اهتم بالتراث السوري، وصباح فخري عميد التراث الحلبي،أيضاً هناك عمر البطش ملحن الموشحات من حلب، وفي سوريا كميل شمبير أول عازف بيانو في الوطن العربي خريج “كونسريفاتوار روما”، وأول ملحن أوبريت في الوطن العربي، وقد تعدَّت الأغنية والموسيقا السورية الحدود المحلية، كما هو واضح من حديثي، ويحضرني هنا قول رتيبة الحفني مغنية الأوبرا المصرية التي قالت إن موسيقا مصر مأخوذة من بلاد الشام وحلب حصراً، تطول قائمة المبدعين السوريين الذين تركوا أثراً وبصمة لا يمحيان، فهناك الفنان سهيل عرفة، وأحمد أبو خليل القباني أبو المسرح في الوطن العربي، وسامي الشوا، وفايزة أحمد، وأسمهان، وفريد الأطرش، وما هذه الأسماء إلا غيض من فيض، فهم إنجازات للأغنية السورية وسمعة عبرت الإقليم، وضاهت الأغنية السورية أغاني السنباطي.
كيف ترى واقع الأغنية السورية اليوم؟
للأسف أغلب أصوات وملحني وشعراء اليوم غير مثقفين ثقافة كاملة، ثقافتهم سطحية غير كافية، وحال الأغنية السورية اليوم لا يسر، لكن بالطبع لايزال هناك ملحن سوري جيد، وشاعر جيد، وأصوات جميلة ولو كانت قليلة، ولكن لا سوق لهم باتوا غير مطلوبين أو مرغوبين، ويرجع السبب للأغنية الضاربة التي تختلف متطلباتها، فمعايير الأغنية اليوم قد تغيّرت جذرياً.
كلمة أخيرة تحب أن تضيفها؟
أرشفت الأغنية السورية من عام ١٩٠٥ ولغاية اليوم، في أرشيفي جميع إنتاجات الأغنية العربية، ويستطيع كل من يريد السؤال عن أية أغنية أن يجدها في مكتبتي، وأخيراً، أتمنى أن يعود للأغنية السورية مجدها وألقها، وأن تكون هادفة تعبر عن القيم والمثل السورية الأصيلة، وأن يكون لها رسالة وليست فارغة المضمون، كأغلب الأغاني الدارجة اليوم التي تلوث السمع، والقيم والسلوك، ولا تنتمي للفن بأية درجة.