الوحدة – ريم ديب
في جناح الحرف اليدوية بمعرض دمشق الدولي بدورته الـ 62، يلفت أنظار الزوار الشاب السوري عامر تلي، الذي نجح في صناعة أعمال حرفية بفن جديد نادر على مستوى الوطن العربي والعالم، هو التشكيل بالجلد، حيث يحول خامة الجلد الطبيعي أو الصناعي من شكلها المعروف إلى لوحات فنية نابضة بالحياة.
عامر، الذي بدأ رحلته الإبداعية قبل ثماني سنوات، يستخدم المشرط واللاصق في عمله، ليقص الجلد بدقة ويعيد تشكيله عبر مسيرة طويلة من الصبر والإتقان قد تستغرق أشهراً وأحياناً سنوات لإنجاز لوحة واحدة، تضم طبقات من الجلد متراصفة مكونة عملاً من روح واحدة.
أعماله تحمل بصمة شخصية متفردة، إذ لا تشبه أي عمل آخر، وتجمع بين حسّ الرسم وروح الحرفة، وتحقق تعدد الأبعاد وغزارة التفاصيل، وتستحضر التراث بروح عصرية.
ومن أبرز إبداعاته التي عُرضت في الجناح لوحة “مدينة إكسبو دبي” التي استغرق إنجازها سنة وأربعة أشهر من العمل المتواصل، حيث جسد فيها تفاصيل دقيقة من الأنفاق والشوارع والمعالم، إضافة إلى لوحات شخصية وتشكيلية وشامية تحمل أبعاداً تراثية وجمالية.
ويقول الفنان في تصريح لـ سانا: إن الجلد الذي يعمل به تتم معالجته بعناية فائقة، ويعتمد على تقنيات لصق احترافية تحافظ على متانة وجمال اللوحة، مؤكداً أن عمله لا يقوم على تقليد التراث بقدر ما يسعى إلى ابتكار فن جديد حصري باستخدام الجلد.

يصنع عامر أيضاً لوحات للبيوت الدمشقية بما فيها من تفاصيل جميلة، وآيات من القرآن الكريم، ورسماً معاصراً، من دون أن يضيف ألواناً بل يكتفي باللون الذي صبغ به الجلد، وينتقي منه ما يناسبه.
عامر يشارك مراحل عمله عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستقطباً المهتمين بعالم الحرف والفنون، وموثقاً خطواته الدقيقة التي تكشف عن صبر طويل ومهارة عالية في التعامل مع هذه المادة ليحوّلها إلى إبداع بصري متفرّد.
بهذا الجهد، يكتب عامر تلي اسمه كأول فنان سوري يرفع راية فن التشكيل بالجلد، جامعاً بين التراث والابتكار، وليصنع فناً جديداً يفتح آفاقاً واسعة أمام الحرف اليدوية السورية في عالم الفن المعاصر.