الوحدة-ريم ديب
في سوريا، يصادف الثلاثون من آب/أغسطس مناسبة أليمة لإحياء ذكرى ضحايا الاختفاء القسري، وهي واحدة من أكثر الجرائم قسوة التي خلّفتها سنوات الثورة منذ عام 2011. أربعة عشر عاماً حملت في طياتها قصصاً موجعة عن مغيبين قسراً، اختفوا من بيوتهم أو شوارعهم أو أماكن عملهم، ولم يعد لهم أي أثر على أيدي أجهزة النظام البائد.
الاختفاء القسري في سوريا لم يكن وليد اللحظة، بل هو نهج اتبعه النظام البائد منذ عقود لترهيب الناس وإسكات أصوات المعارضين. ومع اندلاع الثورة، تضاعف حجم المأساة واتسع ليشمل آلاف العائلات التي ما زالت حتى اليوم تنتظر خبراً عن أبنائها وبناتها، تعيش بين الأمل واليأس، وتواجه صمتاً يضاعف الألم.
لقد حوّل النظام البائد هذه الممارسة إلى وسيلة ممنهجة لإخماد كل صوت حر، وجعل من تغييب الأفراد سياسة تهدف إلى بث الرعب وإحكام السيطرة. والنتيجة كانت جرحاً عميقاً في المجتمع السوري، إذ لا تكاد مدينة أو قرية تخلو من قصة مفقود أو مغيب، تاركاً خلفه أسرة منكوبة وحياة متوقفة عند لحظة الفقد.
إن إحياء هذه الذكرى في سوريا ليس طقساً رمزياً، بل هو واجب أخلاقي تجاه الضحايا وذويهم. فالذاكرة لا تُمحى، والحقوق لا تسقط بالتقادم. والمجتمع لا يمكن أن يتعافى من جراحه ما لم تُكشف الحقيقة كاملة ويُحاسب المسؤولون عن هذه الجرائم التي شوهت حاضر البلاد وتركت ندوباً في مستقبلها.
يبقى 30 آب يوماً سورياً خالصاً لاستعادة الذاكرة والتأكيد على أن قضية المغيبين لن تغيب، وأن العدالة ستظل مطلباً أساسياً حتى يعود الحق إلى أصحابه، وتُرد الكرامة لأرواح الضحايا ولعائلاتهم التي لم تفقد الأمل.